الرئيسية / أحكام الهجرة / الجزء (6) من (أحكام الهجرة): وتتمة الأحاديث الواردة في الهجرة -للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله
2024-04-21
الجزء (6) من (أحكام الهجرة): وتتمة الأحاديث الواردة في الهجرة -للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وما زلنا في تبيين أحكام الهجرة من السنة النبوية.
فعن ابن عباس رَضِي اللهُ عَنْهُما قال: «أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ»، يعني: أربعين سنة أنزل عليه القرآن، وأمره الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى بالدعوة إلى التوحيد.
ثم يقول ابن عباس: «فَمَكَثَ بِمَكَّة ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ، فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وهذا الحديث أخرجه البخاري في ((صحيحه)).
فأُنزل القرآن على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بمكة وكان عمره أربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، يعني: [13] سنة كان يدعوا في مكة.
ثم أُمر بالهجرة فهاجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو والصحابة والصحابيات رَضِي اللهُ عَنْهُم، «فَمَكَثَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
* وبهذا تكون هذه الدعوة ابتداءً في مكة [13] سنة، وأضف عليها بعد ذلك في المدينة [10] سنين، فهذا [23] سنة، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا الناس في مكة وفي المدينة وبقية البلدان في هذه السنوات [13] سنة.
فهذا الحديث يدل على ماذا؟ يدل على الهجرة وأن الهجرة ثابتة في السنة، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هاجر والصحابة كذلك هاجروا والصحابيات، وهذا يدل على ثبوت سنية الهجرة على حسب الحاجة، كما شرحنا في الدروس التي سلفت.
وحديث عمر بن الخطاب رَضِي اللهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ»، وفي رواية: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»، وهذا الحديث أخرجه البخاري في ((صحيحه))، ومسلم في ((صحيحه)).
وهذا الحديث من أعظم الأحاديث وهو أصل في الدين الإسلامي، ولا ترى أحكامًا إلا لابد لها من نية إلا بعض الأحكام.
وبيَّنا هذا الحديث في الدروس التي سلفت، فلا بد على المهاجر أن يُخلص النية لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، ويجعل هذه الهجرة لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، ولا بأس بعد ذلك أن يتكسب من هذه الدنيا.
وهذا الحديث الآخر: حديث أبي موسى الأشعري رَضِي اللهُ عَنْهُ قال: «بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي»، إلى أن قال: «فَكَانَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا - يَعْنِي لِأَهْلِ السَّفِينَةِ: نَحْنُ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ!»، وهذا الحديث أخرجه البخاري في ((صحيحه))، ومسلم في ((صحيحه)).
فهذا يدل على أن الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم عندما سمعوا هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة فهاجروا، وهذا أبو موسى الأشعري رَضِي اللهُ عَنْهُ هو وأقاربه وأهله هاجروا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليمن إلى المدينة، وهذا يدل على ثبوت هذه الهجرة، وهذه الهجرة لم تنقطع إلى قيام الساعة، فمن احتاج إلى الهجرة فعليه أن يهاجر.
وكذلك حديث أبي موسى الأشعري: (حديث آخر)، يقول: «وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ»، وهذا الحديث طويل كذلك وفيه قصة، لكن الشاهد هذا أخرجه البخاري في ((صحيحه))، ومسلم في ((صحيحه)).
* وهذا يدل حتى أن النسوة هاجرن مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل ابتداءً هاجروا إلى الحبشة عند النجاشي ولم تتهيأ لهم الهجرة في الحبشة، لأن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى كتب أن تتهيأ لهم الهجرة لإقامة الدين والدعوة الإسلامية في المدينة، فلم تتهيأ لهم الهجرة في الحبشة.
والنجاشي هذا لقب لأي ملك من ملوك الحبشة- يُلقب النجاشي، وهذا النجاشي بعد ذلك أسلم ولا يخفى عليكم قصته.
وهذه الأحاديث طويلة وكل حديث فيه قصة للصحابة وفيه فوائد، لكن ليس الكلام على الهجرة، فممكن أن يُستفاد منها، فعلى طلبة العلم أن ينتقلوا إلى صحيح البخاري وصحيح مسلم وبعض الأحاديث أو الكتب التي نذكرها فيها قصص.
يعني: كيف الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم جاهدوا في هذا الدين؟ وكيف حتى أن الصحابيات كيف جاهدن في هذا الدين؟ .
فلابد من الاجتهاد، ووصل الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم إلى ما وصلوا إليه من الإيمان والدين والورع والجنة وغير ذلك، يعني: بفضل الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وبرحمته وبإذنه، ثم باجتهادهم في الدين.
فالآن نسمع نحن الآن كل واحد يريد أن يدخل الجنة ويسأل الله الجنة وأن يدخله الله الجنة وينجيه من النار، لكنه ما عنده اجتهاد في العبادة، ما عنده شيء، فكيف هذا في الحقيقة يدخل الجنة؟!.
فأنت لابد أن تقرأ هذه القصص لعلك تتشجع على هذا الدين والاجتهاد في هذا الدين، وتعرف كيف تأخذ هذا الدين ومِنْ مَن؟.
وهذه به قصص انظر حتى أنهم من اليمن وغير ذلك من البلدان يعلمون بأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هاجر فيهاجرون، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدوتهم ويأخذون منه، ما يأخذون من جاهل مجرم ومن هذا وهذا وذاك، ولا من القصاص ولا من هذا الكتاب.
وتجعل الجاهل هذا وهذا الجاهل قدوة لك ولا تأخذ من العلماء ولا تأخذ من أهل السنة، فكيف أنت تدخل الجنة! مادام تأخذ من واحد مجرم فأنت مجرم مثله، ولابد ستكون هكذا، فلذلك هذه الطبقات مأواهم جهنم، لماذا؟.
* لم يأخذوا عن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ولم يأخذوا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يأخذوا عن الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم، ولم يأخذوا من علماء السنة ولم يأخذوا من أهل السنة، فكيف يدخلون الجنة هؤلاء؟! هؤلاء شُبِّه لهم.
فالذي لا يأخذ من الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ولا من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا من الصحابة ولا علماء السنة فهذا مأواه النار وبئس المصير ولابد، لأن لابد أن يقع في بدع وضلالات تتجارى به الأهواء، ومن البدع الصغرى إلى البدع الكبرى، ولابد لا يوجد أحد يبقى على أحد.
فلذلك لا تذهب هنا وهناك، وكثير من الهمج الرعاع ضلوا ضلالًا بعيدًا وهلكوا الهلاك المبين في دنياهم، كما ترون في هذه الحروب السياسية والحروب الجاهلية في البلدان، بعضهم يقولون: جهاد! ولا بجهاد ولا شيء.
فانظر إلى خاتمة هؤلاء خاتمة السوء، هؤلاء بلا شك في نار جهنم مظاهرات واعتصامات وبلاوى، أفكار اليهود وأفكار النصارى وهؤلاء على دين اليهود والنصارى وإن صلوا وصاموا وحجوا وقالوا: نحن مسلمون، ظاهرهم هذا الآن، وهذا خاتمة غير طيبة، خاتمة أهل النار والعياذ بالله.
فاعرف وتدبر في هذا العالم الآن ومع هذا نرى من الجهلة من يذهب هنا وهناك مع أهل البدع ويحقد على أهل السنة ويعادي أهل السنة، هذا ليس مأواه إلا نار جهنم ولابد، فما يدخل فيها هذه الجنة من الحقَّاد.
وهؤلاء الحقَّاد مادام يعادون أهل السنة فلابد أن يقعوا في البدع الكبرى ولابد، والحجة قائمة على هؤلاء، يقولون: من أهل الفترة.
فلذلك انظر في هذا الأمر، لا تأخذ يمنة ولا يسرة فإن صراط الله مستقيم، فأنت تأخذ هنا وهناك على اليمين وعلى اليسار، فلذلك انتبه لهذه الأمور، فصراط الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى مستقيم.
* {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، يعني: صراط الله مستقيم وحبل الله القرآن والسنة، {وَلَا تَفَرَّقُوا}، فلا تأخذ يمنة ولا يسرة مع هؤلاء الفرق الضالة ولا واحد.
واعلم أن الذي أضلك مثلًا رجل واحد وأصبحت الآن مع هذا اثنان، فإن جماعة وفرقة إجرامية وفي نار جهنم، لأن أنت الآن فارقت جماعة المسلمين، حتى لو مات هذا ومت معه وأخذت أفكار الإجرامية والأحقاد على المسلمين وخاصة على أهل السنة والجماعة فماذا بعد الحق إلا الضلال.
فإذا كنت على ضلالة فلابد أن تدخل، فإن تأتي خلفه يوم القيامة لأن الاثنان فما فوق جماعة، ثلاثة جماعة، وهذا الاثنان فرقة حسب، والثلاثة فرقة والأربعة والمئة والألف والمليون والمليونين- هؤلاء كلهم تعتبر جماعة، فشخص يضل شخص، فالاثنان جماعة، فرقة ضالة كما قال عنهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نار جهنم.
فلذلك اعرف هذه الأمور جيدًا ديننا ليس دين أحقاد وعداوات، فالحقاد جاعلين هذا الدين العظيم الذي فيه الأُلفة والمحبة والتعاون آيات كثيرة في هذا الأمر وأحاديث بيَّناها كثيرًا، على ما فيه من تعاون وأخوة جاعلين هذا الدين هواش.
كل واحد يحقد على الآخر يسبب خلافيات ويسبب أشياء، وإذا حقد على هذا ينظر من حاقد أيضا على هذا فيذهب إليه، فلا تظن أن ذاك الحاقد أضل هذا الحاقد، لا، هذا أصلًا حاقد من أصله ومن فصله أصلًا.
فهو من أصله حاقد لكن الآخر هذا زاده حقدًا وضلالًا فقط، تعتقدون أن فرعون أضل قوم؟ قومه ضالون حاقدون أصلًا على موسى عليه السلام وعلى هارون عليه السلام وعلى من تبعهما من قوم فرعون وتابوا وأسلموا.
هذا فرعون زادهم ضلالًا، يرتب لهم الضلالة وكيف يحاربون أهل الحق، هكذا، ولا تعتقد هذه الأحزاب وأتباع هذه الأحزاب أن الرؤوس أضلوهم، هم أصلًا ضالون، هم يريدون التحزب والضلالة والأهواء والشهوات والرغبات، يريدون أموال، يريدون مناصب، يريدون أشياء كثيرة، فيذهبون معهم.
لكن هؤلاء يزيدونهم ضلالة فقط لا يوجد شيء ثاني، والقرآن يشهد على هذا الأمر والسنة تشهد وبيَّنا هذا، فتعتقد أن هذا لصق بهذا أن الثاني هذا أضل هذا الأول، لا هو فيه البلوى بلوة الثاني أصلًا، لكن الآخر زاده ضلالًا وحقدًا، فبني آدم هذا مسكين وجاهل لا يتفطن لأمور كثيرة.
الله أنزل القرآن لكي يبين للناس هذه الأمور، فما يدري بهذا بني آدم أن هذا القلب لحمة من دم يدخل فيه كل شيء، ولا يظن أن هذه الكلمة أو الجلوس مع هذا المجرم أنه يضله، وأن القلب تدخل فيه الكلمات والشبه والأمور كثيرة ثم لا تخرج، ويندر من يخرج من قلبه هذه الأمور خاصة الحقد.
ولذلك هذا الصنف ليس له إلا التراب، أنه يسمع كلامك مهما تأتي له بالآيات ومهما تأتي له بالأحاديث ومهما تأتي له بالآثار- قلبه ممتلئ من الضلالات والظلمات والأحقاد، ما يدخل كلام الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ولا كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا كلام الصحابة، فكيف يسمع لك؟ وكيف يتوب؟ وكيف يرجع؟.
* ما يرجع ولا يتوب، ما يدخل شيء من النور، ظلمات بعضها فوق بعض، وحتى شيخنا الشيخ محمد بن عثيمين بيَّن لكم هذه الأمور، أن دُعاة الضلالة هؤلاء ما يتوبون، لأن {رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [المطففين: 14].
الشيخ الفوزان يقول: لو تقارعت الجبال أمامه ما يتوب، ما يرجع إلى الحق وما يرجع إلى بعض أقوال أهل العلم من أهل السنة إلا ما أُشرب من هواه، لا يوجد شيء ثاني يوافقه، وهذا قليل وإلا غالب منهج أهل السنة والجماعة ضد هذا المجرم، فاعرف هذه الأمور جيدًا.
ولابد بعد ذلك أن يقع هذا في الضلالات، فهذا الأمر لابد على الناس أن يتفهموه، فالصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم رجالًا ونساءً هاجروا إلى النجاشي، فلم تتم لهم الهجرة هناك فهاجروا إلى المدينة فوجدوا الأنصار.
كذلك حديث معقل بن يسار رَضِي اللهُ عَنْهُ وعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ»، يعني: الهرج في الفتنة واختلاف أمور الناس ومثل القتل وغير ذلك، «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ»، أخرجه مسلم في «صَحِيحِهِ».
فانظر العبادة الآن أمرها عظيم فلا تُترك لا في الهرج والاختلافات والفتن ولا في الرخاء.
وهذا الأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرغّب الناس وهذه من أحاديث الترغيب، أن على الناس حتى في الفتن والاختلافات والحروب وما شابه ذلك ما يتركون العبادة.
ومن هنا تعلم أن العبادة في الفتن واختلاف أمور الناس في البلدان يحصل العبد والناس فيها إذا أقاموها أجران:
أجر: إقامة هذه العبادة.
والأمر الآخر: تطبيق السنة وتطبيق أوامر النبيصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن، لأن غالب الناس في الفتن والاختلافيات والأمور وهذا يحصل لهم ترك العبادات، لأن يشتغلون بماذا؟.
* يشتغلون بالفتن، وفي الإذاعات في الانترنت، في أشياء كثيرة ينشغلون ويتركون العبادة ويتركون السنن يشتغلون بهذه الفتنة، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبين لك هذا الأمر، أن الإقامة بالعبادات في الفتن واختلاف أمور الناس كهجرة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهذا يدل على أن الهجرة أمرها عظيم، خاصة الهجرة مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الهجرة مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس جزاء هذا العبد إلا الجنة.
ولذلك انظر الذين هاجروا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم في الجنة، هذا فضل الهجرة مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والذين ناصروا المهاجرين دخلوا الجنة، فلابد من الاهتمام بالعبادة ولا تنشغل في الفتن في الثورات، في الاعتصامات، في أشياء كثيرة في هذه الحروب، لا تنشغل ولا يشغلك أحد يرسل لك صور جثث ميتة، دماء، حروب، وأنت تجلس لك في التليفون تنظر إلى هذه الأشياء، فلا تنشغل، ممكن أن تنظر إليها شيئًا ولكن لا تنشغل.
وقل للذين ينشرون في التواصل الاجتماعي لا ترسل لنا هذه الأمور، يوجد بلدان ويوجد ولاة أمر ويوجد حكام مسلمين هم يقومون بهذه الأشياء، وعلى الناس أن ينشغلوا بالعبادة ولا ينشغلون بما تسمى بالأنباء والأخبار.
ولابد نعرف أمور المسلمين ....إلخ، أمور المسلمين تعرفوا على قدر الاستطاعة، لكن ما تضيع عليك الطاعات والعبادات وتشغلك عن الدين وعن دنياك كذلك، تشغلك عن أهلك وأولادك وشغلك، وترى هؤلاء المبتدعة الحزبية يأخذ له شاحنة ويذهب بها إلى سوريا، لماذا؟ يقولون نذهب بالطحين؟.
أنت ماذا؟ ولي أمر، أنت ماذا أنت؟ أنت فرد من الأفراد، كي تأخذ لك شاحنة وتذهب بها، يوجد ولاة أمر ويوجد حكام وبلدان المسلمين مشتغلين على هؤلاء، من الأغذية والطب وغير ذلك ومخيمات ثكنات، فلذلك هذا تراه داعشي لا عنده عبادة ولا عنده شيء، فلا أحد يطلب له شاحنة ويرسلها ويقول شعير.
فلذلك لا تضيع وقتك ولا يشغلونك المبتدعة والحزبية، الحزبية مرادهم في هذه الحروب التبرعات فقط، وإلا ما يجوز لأي أحد لا جمعية ولا أفراد ولا جماعات من أفراد المجتمع في البلدان الإسلامية يقوم بالأشياء هذه في الحروب، لماذا؟
هذه الأمور لولاة الأمر والبلدان الإسلامية، أنت انشغل بعبادتك وأولادك وأهلك وكذا، لأن هذه الحروب وهذه الأمور ما تنتهي، فتضيع وقتك ولعل تموت وما فعلت شيء، تموت وأنت منشغل بهذا الشعير.
فلذلك اعرف فلا تتعب نفسك ولا شيء، هذه الأمور ممكن تدعوا لهم وممكن تنفق، وتنفق بعد ليس على أي جمعية، مثلًا جمعية تبع ولي الأمر أنفق عليهم، جمعية لأهل السنة تنفق، وليس أي جمعية، لأن هذه الجمعيات كلهم يسرقون الأموال هذه، فافهم هذه الأمور جيدًا.
فهذه الفتن كثيرة فلا تنشغل بهذه الأخبار، فاعرف هذا الأمر جيدًا، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينبهك على هذه الأمور، لا تضيع أوقاتك في الفتن والحروب وما شابه ذلك وعليك بالعبادة.
وهذا الحديث رد على المبتدعة والحزبية الذين يقولون للناس: انشغلوا بهذه الحروب والفتن إخوانكم إخوانكم يُقتَّلون، يصرفون الناس عن العبادة وينشغلون لجمع التبرعات ويسرقون أموالكم ويأكلونها بالباطل.
فاعرف هذه الأمور، على قدر الحاجة تساعد المسلمين، بشرط: أن لا تنشغل عن العبادة بسبب هذه الفتن والحروب السياسية، واترك الأمر لحكام المسلمين والدول الإسلامية تقوم بهذه الأمور وهم يقومون.
حتى دول الكفر قائمون على المسلمين في الحروب وفي البلدان الإسلامية التي فيها الفتن من الغذاء والدواء والطب وأشياء كثيرة.
فأنت لا يغررك هؤلاء المبتدعة ويشغلونك بهذه الحروب والفتن، إخوانكم ولا تنسون إخوانكم ولا كذا، ومن يستلم الأموال مباشرة في الجيب أين إخوانكم؟.
لا يوجد إخوانكم الآن، استلم الأموال، المبتدع استلم الأموال إذًا: لا يوجد إخوانكم الآن.
ولا يدري الناس أين تذهب أموالهم إذا استلمها المبتدعة، فلذلك انشغل أنت بالعبادة، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن لك هذا الأمر.
ونذكر حديث آخر ونختم لكي نشرح بلوغ المرام، وهذا الحديث كذلك حديث أبي هريرة رَضِي اللهُ عَنْهُ قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «(هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام بِسَارَةَ، فَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ، أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ»...إلخ الحديث الذي تعرفونه عن إبراهيم عليه السلام مع هذا الملك، وهذا الحديث أخرجه البخاري في ((صحيحه))، ومسلم في ((صحيحه)).
* فالهجرة شرعها كذلك الأنبياء والرسل من قبل هذه الأمة، فالهجرة منهج الأنبياء والرسل عليهم السلام، حتى في الأمم السابقة استخدموا الهجرة لما في بلدانهم من الفسق والفجور والشرك والكفر وغير ذلك.
على حسب ما بيّنا تهاجر لكي تحصل الأجر وأنت قائم، وتقتدي بالأنبياء والرسل في الأمم السابقة وتقتدي بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالهجرة ثابتة.
ولعل نكمل الدرس القادم أحاديث الهجرة.