الرئيسية / أحكام الهجرة / الجزء (5) من (أحكام الهجرة): ذكر الأحاديث الواردة في الهجرة - للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله
2024-04-15
الجزء (5) من (أحكام الهجرة): ذكر الأحاديث الواردة في الهجرة - للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن أحكام الهجرة في القرآن الكريم وبينا ذلك جملة وتفصيلًا، وفي هذا الدرس سوف نتكلم عن الأحاديث الواردة في الهجرة.
ووردت أحاديث كثيرة في الهجرة، وهذا يدل على أهمية الهجرة في الإسلام وأهمية الهجرة للمسلمين في العالم كله، ولما فيها من الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى للناس، وتكلمنا عن هذا الأمر.
فمن هذه الأحاديث، حديث عمرو بن عبسة رَضِي اللهُ عَنْهُ قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله أمن تبعك على هذا الأمر؟ قال: «حُرٌّ وَعَبْدٌ»، وفي هذا الحديث قصة وهي طويلة لكن يقول بعد ذلك قلت: أي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت»، قال: قلت أي الهجرة أفضل؟ قال: «أن تَهْجُر ما هَجَرَ ربك».
وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في ((المسند))، وكذلك ابن ماجة في ((سننه)) وهو حديث صحيح.
* فهذا الحديث الأول يبين أمر الهجرة وأن للهجرة فضل عظيم وبينا هذا الأمر في الدروس التي سلفت.
فأفضل الهجرة أن تهاجر إلى الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، والمراد بذلك الإخلاص في الهجرة، أي: الإخلاص لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى في الهجرة، فإذا المهاجر أو المهاجرة أخلص النية في هجرتهم إلى أي بلد مسلم أو بلد كافر للضرورة فحصلوا على أجر عظيم من الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، لكن لابد من الإخلاص.
وبينَّا من قبل أن الذي هاجر من أجل الدنيا لابد أن يصحح النية مرة ثانية ويجعلها لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ثم لدنياه وليتكسب فلا بأس بذلك، والصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم هاجروا لكنهم أخلصوا الهجرة لله ثم كذلك تكسبوا في الدنيا وكانوا يهاجرون لأجل التجارة كعبد الرحمن بن عوف رَضِي اللهُ عَنْهُ، وعثمان بن عفان رَضِي اللهُ عَنْهُ كان يهاجر ويتاجر، والصحابة كثر في هذا الأمر، فلذلك لابد من الإخلاص لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى.
وكذلك حديث مشاجع بن مسعود السُلمي رَضِي اللهُ عَنْهُ، قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَخِي بَعْدَ الْفَتْحِ، فقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، قال: «ذَهَبَ أَهْلُ الْهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا»، فَقُلْتُ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟ قال: «أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَالْإِيمَانِ، وَالْجِهَادِ».
أخرجه البخاري في ((صحيحه)) ومسلم في ((صحيحه)).
فهنا الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم يريدون أن يبايعوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الهجرة، لأنه تبين لهم أن أمر الهجرة أمرٌ عظيم فيريدون أن يهاجروا، ومنهم من هاجر ومنهم أن يريد أن يبايع على الهجرة يعني: يهاجر مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو بعد ما هاجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يريدون أن يهاجروا للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو هاجروا إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحصلوا على فضل الهجرة .
وهذا الفضل وهذا الأجر في كل زمان للمهاجرين والمهاجرات، في كل زمان إلى قيام الساعة على حسب حاجات الناس لهذه الهجرة فيحصلون على هذا الفضل، ولذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيَّن أمر وهو أنه قد ذهب أهل الهجرة بما فيها من الأجر ومن الحسنات ومن الفضائل، وكذلك من الأرزاق والبركات.
ولذلك أكثر المهاجرين والمهاجرات في هذا الزمان لم يحصلوا على هذا الأمر لأنهم مهاجرين بجهل، ومهاجرين من أجل الدنيا لا يعرفون ولا يفهمون أحكام الهجرة ولم يفهموا هذه الآيات ولم يقرؤوا هذه الآيات رغم أنها آيات كثيرة في الهجرة .
كذلك هذه الأحاديث لم يعلموا بها ولم يتفقهوا في أحكام الهجرة، فلذلك الناس خاصة يحتاجون للهجرة ومحلك سر! لماذا؟ لأنهم لم يفهموا فضل الهجرة، لكن إلى الحج كم شخص يَحُج؟.
الألوف المؤلفة، الملايين، لماذا يذهبون للحج؟ يعرفون الفضل (فضل الحج)، وهذه المشكلة أن الناس يعرفون أشياء في الدين ويتركون أشياء كثيرة، في الفضل والأجر ممكن يكون أفضل من الذين يذهبون إليه أو العبادة، لأن العبادة تتفاضل.
وهناك عبادة فرض، وهناك عبادة سنة، وهناك عبادة مندوبة، وهناك عبادة مستحبة، وهناك شروط في العبادات، هناك أركان، هناك واجبات، هناك سنن، فالعبادات تتفاضل كما أن الإيمان يتفاضل.
الآيات في القرآن تتفاضل، فحتى القرآن فيه آيات تتفاضل وسور تتفاضل، فكل شيء فيه تفاضل بين الناس .
فلذلك فهموا وعرفوا فضل الحج فلذلك يهاجرون ويشدون الرحال إلى الحج، لكن الهجرة لطلب العلم، الهجرة إلى الدعوة إلى الله، الهجرة من أجل دين الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ما يعرفون، لكن لأجل المكاسب والدنيا والأشغال الدنيوية هاجر خلق من الناس ويتواصون بهذا.
شخص يذهب يهاجر من أجل الدنيا ويعمل ويأتي بعشرة من الأقارب، يتواصون، فيفهمون الدنيا لكن ما يفهمون في الدين إلا ما ظهر لهم.
كم يعتمر شخص كل يوم؟ الألوف المؤلفة، ويذهبون يهاجرون إلى مكة ويشدون الرحال من أجل العمرة، لكن ما يعرفون عن هذه الهجرة وفضائل الهجرة.
فجِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، انظر إلى الصحابة وكيف يفهمون في الدين، ولذلك لابد أن نعرف هذا الأمر جيدًا.
والحديث الثالث، حديث عبد الله بن عمرو رَضِي اللهُ عَنْهُما قال: أقبل رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ((أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله)).
وهذا الحديث أخرجه البخاري في ((صحيحه))، ومسلم في ((صحيحه)).
ما قال لأجل الأعمال ولا قال كذا ولا للأشغال الدنيوية ولا شيء، لأن يعلم الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم إذا أقبلوا على العبادة وعلى الدين وعلى الآخرة فلابد أن تأتيهم الدنيا راغمة ولابد، فالدنيا تركض خلفك أصلًا، متى؟ إذا أنت أقبلت على الدين وتمسكت بدينك بعد ذلك الدنيا هذه سوف تأتي خلفك أينما تذهب، وتحصل من الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى الأرزاق والبركة وغير ذلك.
لكن إذا العبد ترك دين الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ولم يتفهم هذا الدين وسار من أجل الدنيا في هذه الأرض فهو يركض خلف الدنيا ولم يحصل عليها ولم يحصل على ولا شيء، وهو يعترف بهذا بعد ذلك بعد موته، رغم أنه ممكن عنده أموال طائلة وأشياء أخرى فلا يحسبها شيئًا، لأنه كان يركض خلف هذه الدنيا فلم يحصل عليها ولم يُدرك الدنيا، ولا يوجد أحد إلى الآن أدرك الدنيا.
ترى الأشياء التي أدركها أشياء يسيره جدًا، يعني: أغنى أهل الأرض حصل على شيء يسير من الدنيا، ما حصل كل الدنيا ولا ربع الدنيا، فيها أموال وفيها أشياء عظيمة كما ترون فما يحصل عليها الشخص إلا ما قدر الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى له.
وأكبر دليل يؤتى بهذا، أغنى أهل الأرض يوم القيامة فيغمس غمسة في نار جهنم ويقال له: هل رأيت شيئًا من هذه الدنيا؟ يقول: لا يا ربي. ينسى، رأيت نعيمًا؟ لا. يعترف بنفسه يقول: لا.
إذن أين هذه الأموال والسيارات والتجارات التي عندك متربع عليهم؟ الآن ما عندك شيء تقول! لماذا؟ لأنه كان يركض خلف الدنيا وما يحصل عليها وترك دينه.
فأنت لابد أن تعرف هذا الأمر وتفهمه، فعليك بالدين صادقًا فيه وألا أكثر الهمج والرعاع يقولون: نحن متدينون، نحن نصلي، نحن نصوم، لكن بجهل عظيم وبدون إخلاص وبدون تبعية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يفهمون شيء في تبيعة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فانظر: أبتغي الأجر من الله، فهكذا تكون الهجرة؛ ابتغاء الأجر من الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، وأما هؤلاء الناس وما أكثرهم يهاجرون سواء في الدول الإسلامية أو الدول الكفرية كله من أجل الدنيا، لو تقرأ عليهم هذه الأحاديث وهذه الآيات ما يدرون عنها ولم يسمعوا بها.
الحديث الرابع، حديث أبي سعيد الخدري رَضِي اللهُ عَنْهُ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: «وَيْحَكَ، إِنَّ شَأْنَهَا شَدِيدٌ».
فهذا الحديث أخرجه البخاري في ((صحيحه))، ومسلم في ((صحيحه)).
فالصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم يعلمون بالهجرة، وهي كلها أحكام، وأن السنة النبوية اهتمت بأمر الهجرة، هؤلاء يسألون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الهجرة، فأعرف هذا الأمر.
وكذلك الحديث الخامس: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رَضِي اللهُ عَنْهُما: أن ثلاثة نفرٍ جاءوه فقالوا: (يا أبا محمد إِنَّا وَاللهِ مَا نَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ، لَا نَفَقَةٍ وَلَا دَابَّةٍ وَلَا مَتَاعٍ ....إلخ). يقول لهم: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا). قَالُوا: (فَإِنَّا نَصْبِرُ، لَا نَسْأَلُ شَيْئًا).
أخرجه مسلم في ((صحيحه)).
هذه الأحاديث طويلة وفيها قصص لكن نختصر لكم، ومن أراد يرجع إلى هذه الأحاديث في ((صحيح البخاري))، و((صحيح مسلم)) وينظر إليها، لكن أنا أذكر لكم الشاهد.
فانظر إلى فضل المهاجرين والمهاجرات إذا هاجروا لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وصدقوا مع الله فهؤلاء المهاجرون الفقراء المساكين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفًا.
فانظر إلى سبق هؤلاء المهاجرين إلى الجنة ودخولهم إلى الجنة فالناس يريدون أن يدخلوا الجنة، فعلى الفقراء هؤلاء الذين في البلدان الأخرى إذا سنحت لهم الفرصة في الهجرة فيهاجرون إلى البلدان الأخرى مخلصين لله، وهؤلاء يهاجرون فقراء من أجل الأعمال الدنيوية يخلصون لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وتكون الهجرة لدينهم ثم لدنياهم.
وهؤلاء الفقراء المهاجرين سوف يدخلون قبل الأغنياء، يعني: إذا كان هؤلاء الفقراء الذين هاجروا وأخلصوا لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى سيكونون تحت ماذا في البلدان الأخرى؟ سيكونون تحت الأغنياء، الأغنياء الآن سابقين الفقراء في الدنيا، لهم الفضل وعندهم أموال، عندهم كذا.
الأمر ينعكس، الكفلاء هؤلاء الذي يسمونه الكفيل الآن الفقراء هؤلاء يسبقون هؤلاء الأغنياء الذين كفلوهم في الدنيا قبلهم بأربعين خريفًا، وهذا الغني ممكن يدخل الجنة وممكن يدخل النار، ما تدري عنه، لكنه سوف يرى الفقراء الذين كفلهم في بلده وقاموا يعملون عنده يراهم يدخلون أمامه قبله.
فانظر الآن يعني: الهجرة هجرة الفقراء والفضل الذي لهم، فالأمور تنعكس في الآخرة، وممكن هؤلاء الأغنياء في نار جهنم، لا صلاة، لا زكاة، لا شيء، أو ممكن يكونون في الجنة لكن الفقراء المهاجرون يسبقونهم في دخول الجنة.
فلذلك لا تنظر إلى هذا المهاجر أنه فقير لكن تعامل معه كمعاملة المسلم، من توقيره واحترامه وعدم إذلاله والرفق به وتقديره .... وإلخ.
لكن الآن هؤلاء الأغنياء يذلون هؤلاء المهاجرين والعاملين تحتهم، لأنهم لا يفهمون شيئًا ولا يعلم هذا إذا أخلص هذا المهاجر أنه سوف يدخل الجنة قبله، فهذا فضل عظيم جدًا، فلذلك لا تحقر هؤلاء نهائيًا، وعاملهم باحترام ما دام هم مهاجرون مسلمون.
وبينت لكم في معاونتهم والوقوف معهم في كل شيء خاصة بتعليم الدين، تحتك مهاجر من العاملين أو مهاجرة من العاملات فعليك بتعليم هذا العامل الدين أولًا والعلم والسنة، لأن أكثر هؤلاء يأتون جهال في الدين ما يعرفون شيئًا إلا أشياء يسيرة، وممكن يعرفون الشرك والبدع والضلالات.
فأنت تُعلِّم هذا العامل الدين والسنة والتوحيد ونبذ الشرك والبدع والضلالات فإن هداه الله على يديك، كم سيكون أجرك؟.
ويذهب هناك يُعلِّم زوجته ويُعلِّم أولاده، يُعلِّم القرية، يُعلِّم المدينة، يُعلِّم البلد، كلهم في صحيفتك، «فَوَاللهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ».
كذلك هذه العاملة كالخادمة مثلًا أو غيرها، تُعلمها الدين، وممكن تأتي مثلًا كافرة فتسلم، وبعد ذلك تعلمها التوحيد، تعلمها أشياء كثيرة، تأتي لها بالكتب الصحيحة للسنة، هكذا تحصل على أجرها.
فالأمور الآن متيسرة، فقد يتزوج الشخص نصرانية مثلًا وبعد ذلك الله يهديها فتُسلم، فأجر هذا الزوج أجر عظيم فيها، يعلمها التوحيد، يعلمها السنة، تأتي بعد ذلك مهاجرة.
فيوجد أشياء كثيرة من الأمور هذه فلابد الناس يفقهونها، وقد أهمل كثير من الناس هذه الأمور والدعوة، دعوة هؤلاء العاملين والعاملات أو المهاجرين والمهاجرات.
* ولماذا؟ لأن الموجودين في البلد أهل البلد لم يفقهوا ولم يعلموا فضل هؤلاء في الدعوة إلى الله، فالكل كما ترى يغدو ويروح ولا يدري عن عمال ولا يدري بشيء، يظن أنه فقط على الكفيل.
فأنت الآن فرصتك في دعوة هؤلاء الجاليات خاصة وتعليمهم التوحيد والسنة وكذا، وهذا عندكم ما شاء الله أرشد موجود من الهند، ولذلك لابد يكفلونهم، يكفلون مركزهم، يكفلون أشياء كثيرة.
وهكذا تأتي الأجور، هؤلاء كلهم مهاجرون الآن، ولذلك الآن الأمر هذا لابد من الاهتمام به من ناحية دعمهم بالأموال والتعليم والعلم والتوحيد وغير ذلك، وإلا كثير من الناس سوف يأتون نادمين أنهم لم يهتموا بهؤلاء المهاجرين والمهاجرات، لأن فيهم أجور عظيمة، فلابد من الانتباه لهذا الأمر.
فانظر: أن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفًا.
وهذا حديث طويل كذلك: حديث عبد الله بن زيد رَضِي اللهُ عَنْهُ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَتَحَ حُنَيْنًا قَسَمَ الْغَنَائِمَ، فَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ ....إلخ). فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاة، وَالْإِبِلِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
فذكر هنا عبد الله بن زيد أمر الأنصار قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم، ويقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك: «وَالنَّاسُ دِثَارٌ، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ».
أخرجه البخاري في ((صحيحه))، ومسلم في ((صحيحه)).
فلولا الهجرة: أي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مهاجر، فعلى الناس أن يقتدوا بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الهجرة ويقتدوا بصحابة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الهجرة، وذكر عن مسألة الأنصار.
فالذين يهاجرون إلى البلدان هؤلاء المهاجرون والذين في البلد والوطن هؤلاء هم الأنصار، فعلى الناس الذين في البلد الذين أقاموا في بلدهم هم الأنصار فيتشبهوا بالأنصار في العطاء والإيواء ....وإلخ كما قلنا.
وتحصل على أجر النصرة وأجر الأنصار، فأنت تقتدي كذلك بالصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم، فلا ينسى الناس النصرة للمهاجرين.
والحديث الآخر: حديث جابر رَضِي اللهُ عَنْهُ: (أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لَكَ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَنَعَةٍ؟). وهذا عندما كان في مكة.
يقول بعد ذلك: (فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ هَاجَرَ إِلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ ....إلخ الحديث).
أخرجه مسلم في ((صحيحه)).
فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هاجر والناس عليهم أن يقتدوا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما هاجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة إلى المدينة فهاجر إليه الطفيل.
فلذلك خاصة إذا كان في البلد عالم أو علماء فعلى الناس في البلدان الأخرى إذا ما يوجد علماء عندهم (علماء السنة) ولم يتمكنوا من العلم فعليهم أن يهاجروا إلى هذا العالِم إن أمكن لهم وسنحت لهم الفرصة بذلك.
ويهاجروا إلى هؤلاء العلماء يطلبون العلم ويعرفون أحكام دينهم، لأن هناك خلق من الناس عندما هاجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هاجروا معه رغم أنهم تركوا أهلم، تركوا بيوتهم، تركوا بلدهم من أجل الهجرة، فالله عوضهم بعد ذلك فأعطاهم الدين والدنيا معًا.
والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى كتب لهم الجنة وهم يمشون على الأرض أحياء وهم الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم .
فلذلك لابد أن ينتبه الناس.
ولعل إن شاء الله نكمل في الدرس القادم في الهجرة، ويوجد أحاديث كثيرة في هذا الأمر.