الرئيسية / أحكام الهجرة / الجزء (2) من أحكام الهجرة: آيات قرآنية وردت في الهجرة - وهجرة الأنبياء- للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله
2024-04-15
الجزء (2) من أحكام الهجرة: آيات قرآنية وردت في الهجرة - وهجرة الأنبياء- للمحدّث العلامة الفقيه فوزي الأثري حفظه الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن مقدمة في الهجرة، وبيّنا كذلك الهجرة لغةً واصطلاحًا، وبيّنا كيفية الهجرة.
وفي هذا الدرس سوف نتكلم عن آيات وردت في الهجرة، فالقرآن الكريم تكلم كذلك عن الهجرة وأكثر منها لأهميتها للناس، فما قلته لكم: أن الهجرة مهمة للناس في هذه الأرض.
* فعندنا هجرة الأنبياء، فالأنبياء عليهم السلام هاجروا، والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى شرع للأنبياء الهجرة لما فيها من الفوائد والفضائل، فالأنبياء هاجروا.
وأي حكم ذكره الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى في القرآن فأمره مهم، فلابد على الخلق أن يطبقوا هذا الحكم مادام هو في القرآن، ومادام هو في السنة، فإذا طبقوا ذلك فهؤلاء الخلق ائتمروا بأوامر الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وائتمروا بأوامر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وبذلك يحصلون من الفوائد ودفع الأضرار عنهم والفضائل والأجور ما الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى به عليم.
فإذا تركوا هذه الهجرة ولم يهتموا بها مع ما يصيبهم من الأضرار في بلدانهم فعلى حسب ذلك يحصل لهم من الأضرار والابتعاد عن الدين، لأن شُرعت الهجرة إذا كانت البلد بعيدة عن الدين.
فإذا الناس تركوا الهجرة ولم يهتموا بدينهم وقعوا في الشرك، وقعوا في البدع، وقعوا في الفسق والفجور ولابد، وهذا أمر مشاهد في البلدان التي لم يهاجر أهلها منها مع فسقهم.
لكن ممكن أن يقول قائل: أحيانًا يكون في هذا البلد مستضعفين ما عندهم حيلة، ما عندهم من يأويهم، ما يستطيعون أن يهاجروا، فهؤلاء معذورون، وهؤلاء قلة، والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يعفو عنهم، لكن بشرط أن يتمسكوا هؤلاء بدينهم ويقومون بدينهم على قدر الاستطاعة.
أما أكثر الناس كما ترى فيستطيعون الهجرة، ولذلك هاجر خلق من الناس، سواءً إلى البلدان الإسلامية الأخرى أو إلى الخليج أو إلى بلد الحرمين، خلق من الناس، فنجاهم الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى من أشياء كثيرة، وحصلوا على دينهم ودنياهم ومن الأموال ....وإلخ.
لكن بشرط كما قلت لكم: أن تكون الهجرة لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى لا للدنيا ولا لأي شيء، ولذلك بيّن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث عمر بن الخطاب رَضِي اللهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إليه»، وهذا الحديث أخرجه البخاري في ((صحيحه))، ومسلم في ((صحيحه)).
وهذا الحديث يُبين لك هذا الأمر، فتتبين الهجرة الصحيحة والهجرة الفاسدة، فمن هاجر إلى الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وإلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهذا هجرته الهجرة الصحيحة، ومن هاجر ليصيب الدنيا من أجل الدنيا، أو يتزوج امرأة وليس عنده نية إلى دين ولا شيء فهذا هجرته فاسدة، وسوف يحصل على دنياه وعلى هذه المرأة يتزوجها، لكن ذهب عليه الأجر.
فالذي هجرته صحيحة فسوف يحصل على الدنيا والدين معًا، وإذا أراد أن يتزوج امرأة في دار هجرته فيحصل، فهذا الذي هاجر بنية صادقة لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسوف يصيب الدين والدنيا معًا.
والذي وقع في الهجرة الفاسدة فهذا لا يحصل على الدين، بل يحصل على دنياه، فعليه أن ينوي بالنية لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يعني: ينوي بهجرته هذه من أجل الدين أولًا ثم من أجل الدنيا، فلا بأس أن ينوي ويحصل ما يحصل ويصيب من دنياه.
* لأن العبد لابد في هجرته يريد عمل، يريد مال، يتقوى بها على الدين، على الطاعة، يريد طعام، شراب، سكن، فلا بأس أن يطلب هذه الأشياء، لأن سنن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ما تتغير ولا تتبدل، سواءً هو في بلده الأصلي أو في دار هجرته، فيحتاج إلى الدنيا لكن ينوي بهذه الدنيا من أجل الدين.
فهو يريد أن يطلب العلم، أن يقوم بالدعوة إلى الله، أن يقوم بالطاعة، أن يعرف دينه، فهكذا يجمع بين الدنيا والدين معًا، وهذا الأمر قلَّ من يفهمه من المهاجرين والمهاجرات في الدنيا كلها هذه، فيهاجرون ولا يعرفون شيء ولا يعرفون نية ولا يعرفون إلا الهجرة لأجل الدنيا، ما يعرفون لأجل الدين إلا القليل منهم.
فلذلك فلابد على المهاجر أن يُعدِّل نيته، إذا عرف هذه الأحكام فعليه أن يُعدل نيته، ويجعل هذه النية مرة ثانية لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأن يقوم بدينه ودنياه معًا، فلابد من تغيير هذه النية.
والأنبياء كما بينت لكم هاجروا، فمادام الأنبياء هاجروا فلابد على الخلق إذا احتاجوا إلى الهجرة أن يهاجروا، فالأنبياء احتاجوا إلى هذه الهجرة ليقوموا بدينهم ودنياهم معًا.
ولذلك الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يقول عن هجرة موسى عليه السلام: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} [القصص: 20،22].
فهذا موسى عليه السلام هاجر من مصر، وكان خائفًا من فرعون وملئه ومن جيشه، وهذا الرجل جاءه يُخبره عن هذا الأمر يُخبره عن الهجرة، يعني: هاجر من بلدك، لماذا هاجر؟.
خوفًا على دينه، خوفًا على نفسه، فهاجر إلى مدْيَن كما لا يخفى عليكم، والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى نجاه من القوم الظالمين، نجاه من فرعون ومن ملئه ومن جيشه، فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى نجاه من القتل والأضرار التي سوف تصيبه لو بقي في بلده.
ولا يخفى عليكم بالنسبة للمهاجرين والمهاجرات تصيبهم أضرار في بلدهم، في دينهم ودنياهم، وممكن يُقتلون وممكن يُسجنون من أجل دينهم، وخاصة إذا هؤلاء المهاجرون بيّنوا عن أهل البدع في بلدهم الأصل وقاموا بالدعوة الصحيحة.
فلابد أهل البدع من الظالمين أن يضروهم وممكن أن يشوشوا عليهم حكومتهم، ممكن أن يحاكمون ظلمًا، ممكن أن يُسجنون، ممكن أن يُقتلون وهذا حصل لخلق من أهل السنة والجماعة في بلدانهم الذين قاموا بدينهم ودعوتهم ودعوا إلى التوحيد الصحيح والاعتقاد الصحيح وحذروا من الشرك وحذروا من البدع، سجنوهم ومنهم من قتلوهم ومنهم من أضروهم ومنهم من منعوهم حتى المساجد، فيجوز هنا بسبب ذلك أن يهاجروا، فهذا موسى خاف على دينه وعلى نفسه فهاجر.
وبيّن لكم الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى أنه كان خائفًا في هذا، وموسى عليه السلام دعا الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى أن ينجيه من القوم الظالمين، من أهل البدع، من أهل الكفر، من أهل الأهواء، الذين يحاربون السنة ويحاربون أهلها.
فيكون هؤلاء مستضعفين في الأرض في بلدهم فيجوز، وعليهم أن يدعوا الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى بهذا الدعاء، أن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ينجيهم من القوم الظالمين.
وممكن أن يظلموك الذين في الخارج من أهل البدع والذين في الداخل من أهل البدع، فأنت لا تركن إليهم ولا تخف منهم إلا الخوف الطبيعي كما خاف موسى عليه السلام خوف طبيعي هذا.
فلا بأس أن يخاف العبد على نفسه، على أهله، على أولاده، على المسلمين وما يصيبهم من الضرر في بلدانهم، ويدعوا الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى أن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ينجيهم من القوم الظالمين وأن ينجيك من القوم الظالمين.
أناس كُثُر من أهل الأهواء، من أهل البدع ومن أهل المعاصي يحاربونك من أجل دينك، فعليك أن تصبر ولا تركن إلى أهل التحزب في هجرتك أو في بلدك ولا تركن مع أهل الفسق في بلدك أو في دار هجرتك، فاصبر.
فموسى عليه السلام خرج خائفًا، خائف من فرعون ومن ملئه، فلا بأس أن يخاف أهل السنة بمثل هذا الخوف من أهل البدع في الداخل أو من أهل الكفر في الخارج، ومع استقامته وصبره وتمسكه بدينه ولا يركن إليهم.
فهذا الأمر بيّنه الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، وهذا الرجل الصالح بيّن لموسى أن يهاجر، فلذلك على دعاة السنة أن يبينوا للناس في الخارج في بلدانهم أن يهاجروا، لأن أناس كُثُر يشكون في دينهم ودنياهم في الخارج.
فعلى دعاة السنة أن يبينوا لهم، إذا أردتم الدين الصحيح وتحصلون على ما تحصلون من دنياكم فهاجروا إلى بلد تقومون فيه بدينكم وتحصلون على دنياكم.
فإذا أفتى أهل السنة في هذا الأمر فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يقيم هذه السنة سنة الهجرة وشرعية الهجرة ويحصل ما يحصل للناس من الأمن والأمان وإقامة الدين، وبهذا يكثر أهل السنة وسوادهم.
فإذا جاء في بلد واجتمع فيها أهل السنة الذين في الخارج مع أهل السنة الذين في الداخل فهذا تكثير لسواد أهل السنة، والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يقيم بعد ذلك هذه السنة في البلد، ثم بعد ذلك أهل السنة ينشرون السنة من بلدهم الذي اجتمعوا فيه في العالم.
ولذلك ترى أهل السنة يأوون من المهاجرين والمهاجرات خلق من الناس، فعلى الأنصار أن يأووا هؤلاء ويقووهم دنيا ودين بالعلم والتعليم الأصول والفروع بالأدلة، وكذلك تقويتهم بالمادة والسكن وما شابه ذلك لكي يقوموا هؤلاء بهذا الدين وبالدعوة في الداخل والخارج.
وهذا الذي فعله أهل الأثر هنا آووا خلق من الناس من المهاجرين من الرجال والنساء، سواءً الذين في الخارج أو الذين في الداخل، وهم من المهاجرين والأنصار يقومون الآن بالدعوة الصحيحة في الداخل والخارج كما ترون، والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى بارك في هذه الدعوة، لماذا؟
لتطبيق سنة الهجرة وسنة النصرة معًا، ولابد من إيواء هؤلاء المهاجرين وتبيين الدين والدعوة لهم، وممكن أن ينقصهم أشياء كثيرة من نقص في الفقه في الدين وفي الأصول والفروع، فلابد من تعليمهم.
وممكن يأتون بمعلومات وتعاليم خطأ في الدين ويظنونها صحيحة، فلابد من تصفيتهم كذلك، تصفية هذه الأحكام الفاسدة والباطلة غير الصحيحة وهذه المفاهيم، لأن هؤلاء أتوا على جهل، فلابد من تعليمهم لكي يقوموا بالدين الصحيح.
وهكذا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هاجر إلى المدينة، وكذلك المهاجرون معه من مكة، فعلمهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم المهاجرين وعلم الأنصار وقاموا بالدعوة إلى الله وانتشرت هذه الدعوة كما ترون، وقائمة الدعوة الصحيحة هذه إلى قيام الساعة، بماذا؟ بقيام المهاجرين والأنصار.
فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن لهم تطبيق هذه السنة (سنة الهجرة وسنة النصرة)، فلابد من تطبيق ذلك، أما أن يأتي المهاجرون ويأوون إلى الدنيا وإلى أشغالهم كما هو حال أناس كُثُر من الأعاجم وغيرهم.
فلذلك هؤلاء لابد أن نعلمهم أن هذه الهجرة ليست للعمل والدنيا أصلًا، هذه الهجرة فيها فوائد وفضائل أنت تدخل بها بإذن الله الجنة، فأتيت أنت أن تعمل هنا وهناك إلى أن تموت هكذا ولا تعرف شيء في دينك ولا تستفيد من هذه البلد، ما فيها من سنة وعلم ودين وطاعة صحيحة.
فهذا بالحقيقة يموت عاصٍ، وهجرته هذه للدنيا فهجرته إلى ما هاجر إليه كما بيّن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فليس له إلا الإثم، فليس له أجر نهائيًا.
فالهجرة كما قرأت لكم في حديث عمر بن الخطاب رَضِي اللهُ عَنْهُ أن تكون الهجرة لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ولرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أما أن يصيب الدنيا أو يتزوج امرأة فهجرته إلى ما هاجر إليه، فليس له أجر وأجره أخذه من هذه النقود التي يحصلها ومن هذا المال، وخلق من الناس يهاجرون ولا يعرفون شيئًا في الهجرة فيعملون لأجل دنياهم إلى أن يموتوا، وهذا مُفرّط ومهمل وكسلان في دينه، حتى منهم يأتي مشرك من الصوفية وغيرهم ويبقى في البلد يعمل وقائم بالشرك والبدع.
أو خارج من الخوارج من السرورية والقطبية والاخوانية والتراثية، يأتي هنا ولا يترك بدعته ويقوم بهذا الفِقر الخارجي إلى أن يموت أو يُطرد من البلد.
فهؤلاء آثمون وهذا يدل على أن المبتدعة جهلة ولا يفهمون شيئًا في ديننا، لأن هؤلاء يأتون البلد على ما فيها من دين صحيح ومع هذا يبقى هؤلاء في بدعتهم من بلدهم إلى أن يموتوا على هذه البدعة ولم يستفد من البلد إلا هذه الدنيا.
فلذلك أنت لابد تعرف الهجرة هذه سنة الأنبياء عليهم السلام، والهجرة هذه سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والهجرة هذه سنة الصحابة رَضِي اللهُ عَنْهُم، فلابد أن نقتدي بهم، فإذا هاجرنا فلابد أن تكون النية من أجل الدين، ولا بأس كما بينت لكم أن تحصل على ما تحصل من دنياك، لأن لابد أن تصيب هذه الدنيا في دار هجرتك، لكي تتقوى بهذه الدنيا من أجل الدين بإقامة الدين.
فلذلك موسى عليه السلام عندما هاجر استفاد، الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى نجاه من القوم الظالمين، ثم رجع وفتح مصر، وقمع الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى لموسى عليه السلام وللمؤمنين فرعون وملئه فهلكوا، وقام بعد ذلك موسى عليه السلام وقومه بالدين فحصلوا على الدين والدنيا معًا، فهكذا هجرة الأنبياء.
ولذلك ذكر كذلك الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى هجرة إبراهيم عليه السلام: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 16،17]، فلماذا هاجر إبراهيم عليه السلام؟.
* بسبب وجود الشرك، وبيّن لقومه هذا الشرك وهذه البدع وهذا الكفر، وبيّن كذلك الأمر المهم أن قومه يعبدون الأوثان.
فالمهاجر أو صاحب البلد سوف يرى ما يرى من الشرك والبدع في بلده قبل أن يهاجر، فهو لابد أن يُبين لهم هذا الشرك وهذا الكفر.
بعد ذلك إذا لم يسمعوا له يهاجر كما هاجر إبراهيم عليه السلام، هاجر لوجود الشرك، وفي البلدان الموجودة الآن فيها من الشرك والبدع وإن كانت بلدان إسلامية، فيجوز للناس أن يهاجروا من هذه البلدان، مستضعفين في بلدانهم لا يستطيعوا يقوموا بالتوحيد الصحيح ولا العقيدة الصحيحة، والمساجد ممتلئة من الصوفية المشركين من خطباء وأئمة خاصة في جهة الغرب كما لا يخفى عليكم.
فيجوز لأهل السنة أن يهاجروا من الرجال والنساء، فيهاجرون إلى الخليج مثلًا، إلى بلد الحرمين، يقومون بدينهم ودنياهم معًا ويتعلمون التوحيد ويتعلمون العقيدة السلفية، يتعلمون الأصول والفروع على منهج أهل السنة والجماعة، وهذا الأمر حصل منه خلق كثير من الناس من الرجال والنساء عرفوا التوحيد والمنهج السليم في الأصول والفروع من دول الخليج.
وخاصة من أئمة الدعوة النجدية، هم الذين بيّنوا التوحيد الصحيح والاعتقاد الصحيح للناس، وكتبهم وصلت إلى العالم فهي موجودة، لكن يوجد أناس من أهل البدع أبوا مثلًا إلا الإرجاء.
بزعم أن هؤلاء دعوا مع السلفيين الذين هم مرجئة كالربيعية وأشكالهم ظنًا أن هؤلاء من أهل السنة وأنهم من السلفيين، وهم من الخلفيين أصلًا مرجئة فوقعوا في الإرجاء، ونسبوا هذه الإرجاء إلى السلفية.
خاصة الذين في مصر وقعوا مع ربيع المخربي المُرجئ، وقاموا الآن ينشرون البدع في أتباعهم من الإرجاء وغيره، حتى إنهم وصلوا إلى الإقرار للمشركين القبوريين بالإسلام وأن المشرك القبوري عندهم مسلم، وينافحون ويؤلفون الكتب ويدرسون هذا الأمر!
ويظن هؤلاء المصريين المرجئيين أن هذه السلفية المفقودة في مصر، لأن كان محمد حسان والحويني وغيرهم بزعم أنهم سلفيين، ولكن ظهر أنهم مبتدعة وحزبيين، هؤلاء يريدون ينشرون السلفية فإذا هم الآن ينشرون الإرجاء.
ولا يوجد سلفي في مصر كلها هذه كلهم مبتدعة، اتركوا عنكم العوام وهؤلاء المصريين، نحن نتكلم عن المتدينين الذين يدعون أنهم دعاة، نحن نقصد هؤلاء الربيعية وأشكالهم المبتدعة هؤلاء لا يوجد واحد منهم سلفي، فلذلك اعرف هذا الأمر.
وممكن أن يقول قائل: لا يوجد أحد؟ نعم لا يوجد أحد، ويوجد بلدان لا يوجد ولا شخص من أهل السنة والجماعة فيها، وستأتي أيام حتى الأرض ما فيها مسلم أصلًا، «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الأَرْضِ: اللهُ اللهُ»، كما في حديث أنس في ((صحيح مسلم)).
يأتي يوم هذه الأرض بعد مدة لا يوجد ولا مسلم وتقوم الساعة على هؤلاء الكفرة، لا يوجد إسلام والناس يهجرون مكة ويهجرون المدينة، لا يوجد أحد يرتحل إلى مكة ولا المدينة.
حتى آخر رجل يأتي المدينة ويهاجر من بلده لما فيها من الكفر ليريد أناس يجد أناس مسلمين في المدينة فيأتي إلى المدينة فيراها ما فيها أحد، ما فيها أحد هُجرت، ما فيها إلا السباع، وهذا موجود الحديث في صحيح مسلم.
فلذلك يوجد بلدان ما ترى ولا سلفي فيها وفيها مسلمين، لكن ما ترى سلفي قائمًا بالكتاب والسنة، وترى منطقة فيها مسلمين عوام لكن لا ترى سلفيًا فيها، وهذا أمر معروف.
فلذلك أكثر الناس الذي يدَّعون الآن أنهم من أهل السنة أو من السلفيين أو كذا أو كذا أكثرهم أو كلهم مبتدعة أصلًا من السرورية والقطبية والتراثية والمرجئية، ،خبط وخلط، لا يوجد أحد منهم إلا وقع فيما يسمى بالعذر بالجهل، ويعذرون المشركين ويشجعون عبادة الأوثان وهم يدَّعون أنهم قائمين بالسنة ويدعون إلى السنة، كيف يكون هذا؟!
فأنتم تقرون للشرك والبدع، الشرك ضد التوحيد ضد السنة فكيف أنتم تدعون إلى السنة؟!
فلذلك يقولون عن هذا المشرك الشرك الأكبر القبوري (مسلم)، ماذا تريد يخرج من هؤلاء؟! ما يخرج من هؤلاء في الأرض إلا الفساد، فساد فرعون وأشد.
فلذلك الحذر الحذر، فأنت تهاجر من هذه البلدان لكي يسلم لك دينك، يسلم لك توحيدك، تسلم لك السنة، فتذهب إلى أهل السنة الحقيقين الذين يدعون فعلًا إلى السنة وإلى الدليل.
وهذه الهجرة ضروريات، فلابد على الناس كذلك تطبيق هذه القواعد كقاعدة: (الضرورات تبيح المحظورات)، كقاعدة: (الضرر يُزال) أو (مُزال)، كذلك قاعدة: (المشقة تجلب التيسير) والدين يسر، فعلى هؤلاء الناس أن ييسروا على أنفسهم ولا يضيقوا على أنفسهم في بلدانهم فيهاجروا.
ولا يقول: والله هذا وطني وهذا كذا، هذه ليست مسألة وطنية، هي دين الآن، هاجر ضرورة لك، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك أم القرى، ليس بلدك الذي كله مبتدعة.
فلذلك أنتم لابد تقومون بدينكم، فالذي يُهمل هذا الأمر ولا يهاجر ويقع في الشرك والبدع فهذا آثم ولا يُعذر بجهله، الأنبياء هاجروا، ماذا يريدون هؤلاء؟
استضعف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهاجر، وموسى عليه السلام كان ضعيفًا هاجر، بعد ذلك دخل مصر وكان النصر له.
وبيّنا لكم وكذلك الشيخ ابن باز بيّن لأهل القدس ماذا يفعلون؟ ما أرادوا فهم في ذل.
ولذلك من أراد أن يحصل على دينه ودنياه والأمن والأمان والاستقرار ونفي الخوف منه فعليه بالهجرة لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، وسوف الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ييسر له من يأويه من أهل السنة ويحصل على ما يحصل من دنياه ودينه ونفي الخوف والأمن والأمان وغير ذلك، وهذا أمر موجود في القرآن والسنة.
وقصة هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصحابة موجودة، ولذلك بيّن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى للناس بالنسبة عن الرزق أن هؤلاء الأوثان في عهد إبراهيم عليه السلام وفي غير ذلك ما يرزقون الناس، فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى هو الرازق.
فالمهاجر هذا إذا هاجر فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى سوف يرزقه من حيث لا يحتسب وأشياء كثيرة ما يتوقعها، ولو بقى في بلده ما حصل على هذا الرزق ولم يحصل على الدين الصحيح.
ولذلك انظر إلى الذين يهاجرون من أجل الجامعات، يدرس من أجل الدنيا، لو هاجر هذا لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى إلى هذه الجامعة وإلى هذه الجامعة ما وقع في البدعة ولم يقع مع أهل البدع الذين في هذه الجامعة أو في هذه الجامعة.
* لأن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى حماه، وسيحصل على الدين والدنيا معًا، يأتي بشهادته ويعمل في بلده ويرزقه الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ويبارك في رزقه.
لكن أكثر هؤلاء يذهبون إلى الجامعات في الخارج لأجل الدنيا، هم يقولون: نحن ذهبنا من أجل الشهادة لكي نتوظف، فهذا مُعرض عن الدين، مُعرض عن الله فالله يعرض عنه ويتركه، أما يقع مع الإخوانية أو القطبية أو السرورية أو الربيعية المرجئة أو غير ذلك.
وتراه في بلدنا فطرته سليمة وعنده شيئًا من مذهب أهل السنة فيذهب إلى أي جامعة فيأتي مبتدع يحارب أهل السنة هنا، تراه خارجيًا مرجئًا جهميًا، لماذا؟ لأن هجرته لأجل الدنيا يصيبها.
وإذا أتى يظن أنه أصبح عالمًا شيخًا وهو لا يوجد أجهل منه، الجهل المركب ضال مُضل لايعرف شيئًا في ديننا خبط وخلط، فأتى هذا مُشكَّل، أخذ من هذا المدرس وهذا المدرس وهذا المدرس وهذا ومن ذاك وهكذا.
أتى بدين جديد ليس من ديننا، تقليد أعمى وتعصب مُقيت ومميت، وأتى هنا خلق منهم ما فعلوا شيء للدين ولا شيء للمسلمين، استفادوا كما ترون، هؤلاء هاجروا بدون نية لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، فلابد من هذه النية العظيمة وهذه الهجرة تكون لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وللرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
{فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} [العنكبوت: 17]، فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يُبين وإبراهيم عليه السلام يُبين للناس أن هذا الرزق عند الله، ابتغوا عند الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى الرزق ليس من هذه الجامعة أو من هذه الشهادة أو من هذه الجمعية أو من هذه الإدارة أو ما شابه ذلك.
فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى أذل هؤلاء أهل التحزب كما ترون في هذه الدنيا، يركضون خلف المناصب، خلف الدراهم، خلف الدينار والترقيات والدرجات كما ترونهم، ويكذبون على الناس أننا نفعل هذا لأجل الدين وهم كاذبون.
ولذلك الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يقول لهم: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت: 17]، أكاذيب، تقولون لله! نحن نعبد الأصنام لله، واسطة؟! لا يمكن، أنتم تعبدون هذه الأوثان ما تعبدون الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، إبراهيم عليه السلام يُبين لهم هذا الأمر.
وتدَّعون أن الرزق يأتيكم بسبب هذه الأصنام والأوثان ويدَّعي أهل التحزب أن هذه الشهادات والدرجات ....وإلخ تأتي من تحتهم الأرزاق؟! هذه من الشرك، ما هو الشرك؟
هذا هو الشرك.
ولذلك يقول لك: إذا ما عندك شهادة ما تسوى شيء، أصلًا أنت الحزبي ما تسوى فِلس في ديننا أصلًا، يوجد خلق من الناس ما عندهم لا شهادات ولا شيء عندهم قرطاس سميت وهم أفضل منك درجة وراتب وغير وغير وفي مناصب.
لكن أنت ما تفهم، تفهم الدرهم والدينار هذه الذي علموك الحزبية، ودلوك على هذه الشهادة في المغرب وغير ذلك تشترون الشهادات، والله أذلكم في هذه الشهادات هذه ما عندكم ولا علم ولا شيء.
إذا عندكم علم أخرجوه لنا، سنوات طويلة أين الدورات مثل هذه الدورات؟ الدروس مثل هذه الدروس؟ أين هي؟ أين طلابكم؟ أين خبثكم يا أيها الأخباث أين؟ لا يوجد شيء، ما خرج من جعبتكم ولا شيء في بلدنا.
الذي من [30] سنة، والذي من [40] سنة والذي من [70] سنة و[50] سنة، لا يوجد شيء خرج من التراثية ولا السرورية ولا القطبية ولا الإخوانية ولا شيء ولا من الإخوانيات والسروريات والقطبيات والتراثيات، ما خرج منهن شيئًا إلا أهل الإفك والكذب والتزوير والخيانة للإسلام والمسلمين!
فلذلك فعلى الناس من أهل الصلاح إذا أرادوا الفلاح أن يهاجروا عن هذه الأشكال من هذه الطبقات لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، والله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يعطيهم الدين والأرزاق.
وبيّن إبراهيم عليه السلام للمشركين يبتغون هذا الرزق من الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، ليس من هذه الجمعيات أو هذه الوظائف أو هذه الشهادات أو كذا أو من هؤلاء أو من هؤلاء، فعلى الناس أن يبتغوا الرزق من الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ويبشروا بعد ذلك.
فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يعطيهم الدين الذي هو أعظم شيء عند الله على هذه الأرض، ثم بعد ذلك الدنيا، ولابد لأن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وعد، الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى وعد الناس بهذا الرزق، من يُنفخ فيه الروح أتى رزقه إلى أن يموت، فلماذا تنسبون هذا الرزق إلى هذه الشهادات وهذه الوظائف إلى كذا إلى كذا؟!
فلابد على الناس أن يعرفوا، فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأنبياء هاجروا، وكذلك لوط عليه السلام هاجر، هذه الهجرة سنة الأنبياء من طبقها حصل على الدنيا والدين معًا ودخل الجنة بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، لأن هذا المهاجر إذا هاجر لله رضا الله عنه وأدخله الجنة.
{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت: 26]، مهاجر، هاجر لوط عليه السلام إلى الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، يعني: هاجر لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى لا إلى دراسة ولا إلى شهادة ولا شيء.
فلا يكذب عليكم هؤلاء، اذهب وارجع واحصِّل على شهادة، احصِّل على وظيفة، يؤزونك على الشرك والبدع، على النية الفاسدة، وهكذا شياطين الإنس والجن يؤزون الناس على هذه الدنيا وعلى الشرك، اذهب وارجع، كله لأجل الدنيا.
فأنت اجعل نيتك لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى في دراستك في الجامعة أو في أي مكان وستحصل على دنياك ولابد، فهذا لوط عليه السلام هاجر من أجل الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، إبراهيم عليه السلام هاجر من أجل الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، موسى عليه السلام هاجر من أجل الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى، والله أعطاهم الدين والدنيا معًا.
ثواب المهاجرين، يعني: المهاجرون يشق عليهم ذلك ويتعبون في هجرتهم ولابد، ويحصل لهم ما يحصل من التعب والمشقة، لأن هؤلاء يهاجرون ليس لهم مال ولا سكن ولا شيء، وممكن شخص يهاجر وليس عنده زوجة، لوحده، وممكن مهاجرة تهاجر ليس عندها زوج.
فالمشقة لهذا المهاجر أشد ولهذه المهاجرة أشد، فيحصل لهما ما يحصل لهما من التعب والمشقة، فلابد من إيواء المهاجرين والمهاجرات لتنشرح صدورهم ويطمئنون ويسرون بالمال والسكن والعمل والطعام والشراب، فلا يُترَكون.
فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى لهؤلاء المهاجرين والمهاجرات يحصلون الثواب العظيم، اسمع ثواب المهاجرين: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218]، فانظر الآن الرحمة من الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى الكل يتمناها.
والناس يدعون جميع الناس في الأرض يدعون أن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يرحمهم، وممكن أن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يستجيب لهم، وممكن لا، لأن للاستجابة ،استجابة الدعاء، كما بيّنت لكم شروط يفقدها أُناس فلا يُرزقون الرحمة ولا يرحمهم الله، لأنهم إما مبتدعة أو فساق وفجار.
ويوجد أُناس يرحمهم، انظر المهاجرين يحصلون على هذه الرحمة، فالله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى مادام هؤلاء يرجون رحمة الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى من حصول الدين والدنيا معًا فالله يعطيهم.
فانظر ماذا الله أعطى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هجرته؟ انظر ماذا الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى أعطى المهاجرين من الصحابة والأنصار والمهاجرات من الرزق والسكن وغير ذلك؟ وبيّنت لكم حصلوا حتى على كنوز كِسرى وقيصر شيء مهول.
عمر بن الخطاب رَضِي اللهُ عَنْهُ يحثوا عليهم ولا يعد، من بعد ماذا؟ هاجروا من مكة لا مال، لا سكن، لا طعام، لا شراب، حتى منهم على الرِجل لا يوجد عنده فرس أو بعير أو شيء.
بعد ذلك انظر كنوز قيصر وكِسرى عندهم تحت أيديهم، هذه رحمة الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى لهم، فهؤلاء إذا أرادوا فعليهم أن يهاجروا فيحصلوا على ذلك.
وكذلك الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى يقول: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران: 193]، انظر ماذا يحصل للمهاجرين؟ استجابة الدعاء، كم من شخص في وجه الأرض الله ما يستجيب له؟ إما مبتدع أو فاجر.
انظر إلى الداعشية في المساجد والخوارج والحزبية والمبتدعة من الأئمة كل رمضان يقنتون يدعون لأنفسهم وللداعشية والخوارج بزعمهم إخوانهم، ولا يستجاب لهم هم في ذل، ما يستجيب الله للمبتدع كما بيّن سلف.
فالمهاجر والمهاجرون والمهاجرات يحصلون على استجابة الدعاء بسبب هجرتهم لله ولرسوله.
وهذا أمر مجرب هاجرنا إلى القصيم قديمًا كما بيّنت لكم لله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ولرسوله، ما ضيعنا الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى ولم نضع، ورزقنا الله سُبْحَانَهُ وَتعَالَى الدين والدنيا معًا، وهذا أمر مجرب.