الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (45) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: مراجعة لما سلف في الأعوام الماضية
2024-04-01
الجزء (45) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: مراجعة لما سلف في الأعوام الماضية
يوم الخميس من كل أسبوع نتذاكر معكم مراجعةً لكتاب الصيام من ((صحيح البخاري))، وفي السنة الماضية انتهينا من كتاب الصيام بالكلية وفي هذه الدروس لعلها تكون مراجعة مختصرة لذلك، وبيّنا في الدرس الذي سلف عن باب بركة السحور أو السحور من غير إيجاب.
ثم بعد ذلك في هذا الدرس نتكلم عن باب إذا نوى في النهار صومًا؛ فلا يُشترط النية من الليل لصيام النفل، أما الفرض فلا بد أن ينوي الصيام من الليل في كل ليلة من أول رمضان إذا أعلن ولي الأمر بصوم رمضان أو إذا رأوا الناس الهلال فيجب على الجميع أن ينووا صيام رمضان في كل ليلة، هذا بالنسبة للفرض إلى أن يروا الهلال للإفطار للعيد.
أما بالنسبة للنفل فإذا كان الشخص لم يأكل شيئًا، وانتصف النهار، وأراد أن يصوم فيجوز له أن ينوي الصيام النفل من هذه اللحظة؛ مثلًا نوى في الضحى ولم يأكل شيئًا قبل ذلك أو لم يأكل شيئًا في الضحى، ودخل الظهر فأراد أن ينوي الصيام فيجوز له أن يصوم، لكن هذا للنفل.
وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- يفعل هذا كما بيّنت لكم وهذا كذلك فعل الصحابة كأبي الدرداء وأبي طلحة وأبي هريرة وابن عباس وحذيفة رضي الله عنهم وهذه الآثار صحاح كلها أخرجها الإمام البخاري في ((صحيحه)) كما عندكم.
فكان أبو الدرداء كما نقلت عنه أم الدرداء يقول: عندكم طعام، فإن قلن: لا، فقال: إني صائم يومي هذا، وكان يصوم رضي الله عنه، وكذلك الصحابة اقتداء بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم-، ولا تُشترط النية في النفل.
فمراد الإمام البخاري في هذا الباب أن يُفرق بين نية صيام الفرض ونية صيام النفل؛ فنية صيام الفرض وهو صوم رمضان، فيجب على الناس أن يُبيّتوا النية من الليل في كل ليلة إلى آخر رمضان، وبيّنت لكم هذا الراجح من أقوال أهل العلم، بعض أهل العلم يقولون بأن يكفي نية واحدة من أول رمضان، وهذا ليس بصحيح، وحديث حفصة يبين هذا؛ «من لم يُبيت الصيام من الليل فلا صيام له»؛ وهذا الحديث حديث صحيح أخرجه أحمد في المسند وغيره.
وأما النفل؛ نية النفل يجوز للشخص أن ينوي في منتصف رمضان؛ في منتصف اليوم أو في الضحى يجوز له أن ينوي الصيام النفل ويواصل.
بعد ذلك يقول المؤلف: باب الصائم يُصبح جنبًا.
والصحيح من أقوال العلماء كما بيّنت لكم: أن الشخص الصائم إذا أصبح جنبًا وقد خرج عليه الفجر؛ فيجوز له أن يُمسك، عن الأكل والشرب وعليه أن يغتسل ويصلي الفجر، وصيامه صحيح، وهذا فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم.
بعض العلماء يقولون: لا، ليس له صيام، لكن الصحيح أن له صيام، لأن هذا من فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم.
وبيّنت عائشة رضي الله عنها وكذلك أم سلمة رضي الله عنها هذا الأمر أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم كان يُدركه الفجر وهو جنب مع أهله ثم يغتسل ويصوم.
والفيصل كما قلت لكم كثيرًا: في الخلافيات بين العلماء وبين طلبة العلم وعموم المسلمين كتاب الله وسنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء:59]، وأقوال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فاصلة في الخلافيات، وكذلك فعله، وهذا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم من فعله كان يصبح جنبًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم ويغتسل ويصوم.
والأقوال الأخرى تكون أقوال اجتهادية للمجتهد من العلماء له أجر على اجتهاده، والذي أصاب له أجران، وأما المتعالمون ومن يفتي بغير علم كما بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية يأثم وإن أصاب الحق؛ لأنه أدخل نفسه في أمر لا يُدركه ولا يعرفه، وليس عنده علم في ذلك فيأثم على هذا.
والأصل أنه لا يجوز أن يتكلم ولا يفتي إلا بما يعلمه حتى لو كانت مسألة واحدة، أما أن يُفتي الناس بالتقليد أو قال فلان أو اختلف العلماء بدون تبيين الراجح فلا يجوز.
لذلك ابن حزم رحمه الله تعالى في ((الإحكام])) يقول: (المجتهد المخطئ أفضل من المقلد المصيب؛ لأن المقلد هذا ليس على علم بما يتكلم). اهـ
ولذلك الله سبحانه وتعالى لا يرضى لأحد أن يتكلم في دينه بلا علم، حتى لو جوزوا للناس أن يتكلموا في المساجد أو وضعوهم خطباء أو مفتوون أو غير ذلك فهذا كذلك لا يجوز له، أو الأمور مفتوحة فيتكلم الكل بما شاء، فإن كل واحد عليه رقيب يكتب عليه.
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أُرسل ليبلغ الناس، والحساب على الله فلذلك لا يجوز لأحد أن يتكلم إلا بعلم، ولذلك علم الراجح والمرجوح في المسائل الخلافية من واجبات الشريعة، كما بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الفتاوى))، وابن القيم في ((إعلام المواقعين))، والشاطبي في ((الموافقات))، فهذه الأمور قد بيّنها أهل العمل، فلذلك على الناس الاتباع.
فهذا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يُدركه الفجر وهو جنب فيصوم، ثم يُبين الأمر الحافظ البخاري في باب المباشرة للصائم وكذلك باب القبلة للصائم، ثم باب اغتسال الصائم هذا مراد الإمام البخاري في هذه الأبواب أن يُبين الأمور التي يجوز أن يفعلها الصائم؛ فيجوز للصائم أن يُباشر أهله وهو صائم، لكن يحذر الإنزال إنزال المني؛ لأن هذا يُبطل الصوم، والمباشرة لا تكون فيها الكفارة بل عليه القضاء بعد رمضان، لكن إذا لا يملك نفسه فلا يفعل المباشرة، ولا القبلة؛ لأن ممكن هذا أن لا يتحمل ويُجامع زوجته كما حصل من بعض الصائمين كما أخبرونا بذلك، فقلنا لهم: أنتم المفروض أن تمسكوا عن هذا؛ لأن الشخص يقول: ما تحملت، لذلك الذي لا يتحمل يمسك عن ذلك، لا بد ترك هذا الأمر واجتنابه للذي لا يتحمل.
وعندكم الآثار وحتى عائشة تُبين هذا الأمر تقول: «كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- يُقبل ويُباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه»، فالذي يستطيع أن يمسك إربه فيفعل وإلا فلا.
وكذلك القبلة؛ فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فعل هذا الأمر.
ويجوز للصائم أن يغتسل، وعندكم بعض الآثار هناك أثر ابن عمر وابن عباس وفعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم كما عندكم حديث عائشة: «فيغتسل ويصوم».
وابن عمر هنا الأثر: وبلَّ ابن عمر رضي الله عنهما ثوبًا فألقاه عليه وهو صائم، هذه كلها آثار معلقة وبيناها، ووصلناها بالأسانيد الصحيحة من الكتب المسندة، وبيّنت لكم طريقة الإمام البخاري في التعليق؛ تعليق الأحاديث وتعليق الآثار لم يذكر لها إسنادًا.
وهناك أحاديث كثيرة أسندها فقال: حدثنا هنا؛ فيه المباشرة للصائم قال: حدثنا سليمان بن حرب عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة فيه؛ والأثر في نفس الباب ما ذكر إسناد أثر عائشة قال: وقالت عائشة: يحرم عليه فرجها يعني زوجته في نهار رمضان، وأما المباشرة والقبلة فيجوز إلا كما بينت لكم.
وهي معلقة البخاري تنقسم إلى قسمين:
· معلق تراه بصيغة الجزم.
· ومعلق بصيغة التمريض.
والمعلق بصيغة الجزم هذا من ((صحيحه))، وعلى شرطه وهو حديث صحيح أو أثر صحيح، كأن يقول: قال فلان: قال: الحسن البصري: صلِّ خلف المبتدع وعليه بدعته؛ هذا علَّقه البخاري.
كذلك قول هنا: وقالت عائشة؛ وهذه كلها تعتبر آثار تعتبر صحيحة، وهناك بصيغة التمريض ذُكر، وقيل، هذه كلها آثار وأحاديث ضعيفة عند الإمام البخاري وليست من صحيحه وإن رأيتها في الصحيح، ليست من الصحيح، تقرأها وهي في الصحيح لكنها ليس من صحيحه، فلا يقول شخص: لماذا البخاري ذكر هذا الحديث وهو ضعيف؟ لأنه ذكره بصيغة التمريض، يُذكر، قيل، فهذه ألفاظ تُبين بأن الحديث ضعيف أو الأثر ضعيف.
ثم قال في باب الصائم: إذا أكل أو شرب ناسيًا فيتم صومه.
شخص نسى كالعادة أنه يتغدى، أو يفتح الثلاجة دائمًا ويأكل خاصة أول يوم تحدث هذه الأمور كثيرًا عند الناس أول الأيام، فيأكلون ويشربون، فيتفاجئ فيتذكر أنه صائم، فهذا عليه أن يُتم صومه، الله سبحانه وتعالى سقاه ورزقه في هذا اليوم.
ولا يُبطل صومه؛ لا، هذا الشخص أكل وشرب ناسيًا فعليه أن يتم صومه ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة:286] فلا يؤاخذ الشخص.
في أناس من جهلهم إذا أكل أو شرب في نهار رمضان أكل باقي اليوم، ولا يدري أنه يجوز له ذلك، فإذا تذكر أمسك فيواصل وبعد رمضان يقضي، فمن أصابه ذلك فعليه أن يُتم صومه، حتى لو جامع زوجته في نهار رمضان وهو صائم ونسي؛ جامع ونسي فلا يبطل صومه حتى لو تذكر بعدما قضى حاجته، فيُمسك صومه وليس عليه شيء، وليس عليه كفارة وصيامه صحيح، وأفتى أهل العلم وبيّنوا ذلك كالحسن ومجاهد من جامع ناسيًا فلا شيء عليه؛ هذا قول الحسن البصري رحمه الله تعالى ومجاهد رحمه الله تعالى، فلا بأس على الناس حتى لو جامع زوجته، فلا شيء عليه.
وحديث أبي هريرة عندكم: «إذا نسي فأكل وشرب فليُتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه».
بعد ذلك تكلم الإمام البخاري باب السواك الرطب؛ أو الرطب واليابس للصائم.
فيجوز للصائم أن يتسوك بالرطب يعني اللين؛ السواك اللين أو السواك اليابس، وهو دائمًا يُبوب هذه الأبواب؛ الإمام البخاري يُبوب هذه الأبواب.
انظر يقول: باب السواك الرطب واليابس للصائم؛ فهو يرد على من؟
يرد على الأحناف، إذا رأيت شيئًا من هذا فهو يرد على الأحناف، وبعض المذهبيين، أو يرد على المذهبيين المتعصبين يرد عليهم.
ولذلك له كلام يقول: قال بعض الناس؛ يقصد أبا حنيفة ويقصد الأحناف، ويرد عليهم في الأدلة؛ لأن المذهبيين لا يُجوِّزون السواك الرطب، بل يُجوزون فقط اليابس، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- تسوك بالسواك اليابس والرطب، وأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- أمته بالسواك ولم يُحدد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- لا في رمضان ولا في غيره، ولا قبل الزوال ولا بعد الزوال مطلقًا؛ لأن يقول لك: بعد الزوال لا يجوز، كلها أحاديث ضعيفة استدلوا بها.
ولذلك يجوز للصائم أن يتسوك؛ بالسواك الرطب واليابس.
ولذلك الإمام البخاري –رحمه الله تعالى- في حديث أبي هريرة بيّن هذا: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء» ولم يخص الصائم من غيره، «والسواك مطهرة للفم مرضاة للرب».
ويجوز له أن يبتلع الريق الذي يستخرج من السواك، ولا يبطل صومه وسيأتي الكلام يجوز للصائم أن يتبخر ويستعمل البخور، والطيب أي نوع وبيّن شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره حتى لو كان هذا البخور يدخل في الحلق فلا بأس بذلك؛ لأنه ليس أكلًا ولا شربًا، والبخاخ هذه كذلك وسيأتي إن شاء الله الكلام على هذا.
وكذلك بالنسبة للمعجون والدم وما شابه ذلك الذي يبلعه الصائم، أو يجد طعمه في لسانه أو في حلقه فلا بأس عليه بذلك، ولا يُبطل صومه.
وقطرات الأذن أو الأنف أو العين يجدها في حلقه فلا بأس ذلك، ولا تُبطل الصوم هذه الأشياء، وبيّنا كلام أهل العلم في هذا الأمر.
وعندنا كذلك باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم-: «إذا توضأ فيستنشق بمنخره الماء».
فيستطيع الصائم أن يستنشق لكنه لا يبالغ في الاستنشاق، ولعل هذا إن شاء الله فيه بعض التفاصيل هكذا نذكرها إن شاء الله الدرس القادم؛ عن مسألة الكحل في العين، وقول الحسن البصري: لا بأس بالصعوط؛ للصائم ما لم يصل إلى حلقه؛ وبعض أهل العلم حتى لو يصل إلى حلقه، وبعض أهل العلم هذ الصعوط دواء يُستخدم سيأتي في هذا بعض التفاصيل؛ لأنه مهم جدًا والناس يتحرجون من هذه الأشياء ويضطربون.
وحتى منهم من يعيد هذا الصوم ما يدري أن هذه الأشياء لا تُفطر، وأكبر دليل إن الصائم يتمضمض، ولا بد شيئًا من الماء أن يصل حلقه بل معدته يصل إليه، وهو يتمضمض خمس مرات، والتمضمض كذلك العادي، ولا بد أن يبقى ماء في فمه، ويدخل في حلقه وفي معدته وفعل ذلك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- والصحابة، وما زال الناس يتوضئون في رمضان ولم يذكر أحد أن هذا يُبطل بل يكون أحيانًا مثيرًا لذلك إن شاء الله سوف أتكلم عن هذا في الدرس القادم إن شاء الله.
في أي سؤال؟
السؤال:...
الجواب: يعني من الطاعة أو كذا، فلا بأس إذا قال كذلك إنه مثلًا يريد أن يقوم بالطاعة بأكمل وجه، لكن لا بد أن يقول: إن شاء الله.
السؤال: يقول السائل: هل يعق عن السقط (الجنين) الذي نفخ فيه الروح؟.
الجواب: بالنسبة للجنين إذا سقط حتى لو نفخت فيه الروح لا يُعق عنه.
السؤال: إذا غش في البيع هل البيع صحيح؟
الجواب: إذا غش في البيع؟
يكون البيع صحيح، لكن مع الإثم.
السؤال:....
الجواب: هذا بالنسبة للذي يتوضأ ثلاثًا ثم يتبعه أربعًا يُكره عند أهل العلم منهم الإمام البخاري، بل كل عضو إما مرة أو مرتين أو ثلاثة، فلا يتوضأ أربعًا، في كل عضو مثلًا أو مثلًا بعض الأعضاء فإن هذا يُكره عند أهل العلم.
السؤال:....
الجواب: ما في أي حديث عن الزيادة لكنه من كلام أهل العلم، وعلى الشخص أن يتمسك بالسنة ولا يتعدى السنة.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.