الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (44) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: مراجعة لما سلف في الأعوام الماضية
2024-04-01
الجزء (44) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: مراجعة لما سلف في الأعوام الماضية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ولاقتراب شهر رمضان المبارك كالعادة في هذه الأيام نسترجع ((شرح كتاب الصوم)) من ((صحيح البخاري))، ولعل نتذاكر معكم الأبواب التي شرحناها باختصار ثم الدرس القادم ان شاء الله نشرع إن شاء الله في شرح الأبواب التي لم نشرحها.
فبيّن الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الصوم وجوب صوم رمضان، واستدل بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:183].
وذكر أحاديث في وجوب صوم رمضان، ثم بعد ذلك بيّن رحمه الله تعالى فضل الصوم، وبيّن تحت هذا الباب حديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: «الصيام جنة» يعني ستر للعبد، وعلى العبد ألا يرفث؛ أي لا يرفث ولا يجهل، وحتى لو شتمه شخص فليقول: إني صائم مرتين.
وبيّن رحمه الله تعالى بأن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
وبيّن كذلك من فضائل الصوم؛ الصوم كفارة كما في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث الفتنة، وأن الخطايا تُكفرها الصلاة والصيام والصدقة.
وكذلك بيّن رحمه الله تعالى في باب الريان للصائمين أي لا يدخل من هذا الباب إلا الصائمون في حديث سهل رضي الله عنه.
وبيّن أهل العلم كابن حجر رحمه الله تعالى بأن المراد من هذا الحديث أي الذين يكثرون الصوم؛ الذين يكثرون الصوم هم الذين يدخلون من هذا الباب، ولا يدخل منه إلا هؤلاء وفصلنا وبيّنا ذلك.
وبيّن ممكن أن العبد يريد أن يكثر من الصوم؛ لكي يدخل من باب الريان يوم القيامة، لكن لأمور أخرى من العبادات فيُقدمها؛ فيُقدمها على الصوم؛ كطلب العلم، وكثرة النوافل الصلاة وما شابه ذلك فهذا إن شاء الله؛ الله سبحانه وتعالى يكتب له، و«إنما الأعمال بالنيات»؛ لأن ما ترك هذه العبادة إلا لأمر أهم من ذلك.
وذكرنا الآثار في هذا الأمر كما يفعل ابن مسعود رضي الله عنه كما أخرج ذلك الطحاوي في ((مشكل الآثار))؛ بإسناد صحيح كان لا يصوم النوافل، ويُقدم الصلاة؛ لأنه يُضعفه عن الصلاة، عندما سئل قال: لأنه كان الصوم يُضعفني عن الصلاة، فيقدم الأهم، فممكن أن يقدم العبد عبادات أخرى على الصوم لكن في نيته إنه يريد أن يُكثر الصوم.
أما الذي لا يبالي في هذا الأمر فهذا غير ما ذكرنا، والعبد إذا كان نيته أنه يريد أن يكثر من الصوم لكنه يقدم الأهم فالأهم، فهذا كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم في حديث عمر بن الخطاب في الصحيحين: «إنما الأعمال بالنيات».
وذكر الإمام البخاري الأبواب الأخرى بعد هذا الباب كباب هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟ وبيّنا أنه يجوز كما ذكر المؤلف.
«ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر ما تقدم من ذنبه» وهناك رواية بيّنا: ((وما تأخر))؛ هذه الرواية منكرة لا تصح لحديث أبي هريرة، وبيَّنا هذا ولابد على العبد أن يخلص النية في الصيام فأما الذي يصوم رياءً فليس له نصيب من الأجر.
وأجود ما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يكون في رمضان فلابد أن نقتدي بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم في ذلك؛ لابد فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أجود الناس بالخير، فعلينا أن نسعي أو نسعى في الخير لأنفسنا ولأقاربنا ولجيراننا وللمسلمين على قدر الاستطاعة اقتداءً بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، ولابد على العبد أن يعقد النية على هذا.
أما أن يقترب رمضان ولا يهتم الشخص به، ولا بالخير، ولا بأداء الخير فهذا يُخشى عليه.
وبيّن المؤلف رحمه الله تعالى: «من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم» هذا أبواب بيّنها الإمام البخاري فلابد أن يجتنب المحرمات في شهر رمضان وفي غيره، لكنه آكد في شهر رمضان.
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم في حديث أبي هريرة بيّن هذا الأمر: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»؛ فهذا العبد الصائم الذي لا يهتم بهذا الأمر، ولا يجتنب بالمحرمات بل يفعلها، فهذا يجرح صومه وفصّلنا في هذا الأمر.
وعلى العبد إذا شُتم أن يقول: (إني صائم) ويدع هذا السفيه الذي يسبه ويتركه.
وبيّن المؤلف رحمه الله تعالى باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة، وبيّن المؤلف بعد ذلك في باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا»؛ فبيّن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أنه يجب الصوم برؤية الهلال، وبيّنا بأن هذه الرؤية رؤية بصرية، لا بالتقاويم ولا غير ذلك مما يفعله أهل التساهل الآن.
فالذي يخالف عليه إثمه في الدنيا وفي الآخرة، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وبيّنا هذا الأمر ولعل ان شاء الله عند اقتراب الشهر إن شاء الله نتكلم عن هذا الأمر؛ لأن الآن تنصب المناصب الدينية في الغالب أهل الجهل وأهل التحزب، وأهل البدع وهؤلاء لا يريدون السنة، يُنفذون ما في عقولهم، لا يريدون الآثار وأقوال أهل الأثر وأهل الآثار، لا؛ يريدون هذه العقول، فبيّنا هذا الأمر وإذا رأيتموه فأفطروا، ولذلك الآن الاختلافات التي تكون في البلدان بسبب أهل الجهل، فهذا يتقدم وهذا يتأخر في صوم رمضان أو الإفطار.
وكتاب الله سبحانه وتعالى موجود والسنة النبوية موجودة، لكن هؤلاء يذهبون إلى عقولهم وإلى فلان وعلان، ولا يريدون كتاب الله يحكم، ولا سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم تحكم، فيحكمون بعقولهم، والذي يُخالف عليه الإثم.
وبيّن المؤلف كذلك باب شهر عيد لا ينقصان؛ وهذا الشهر شهر رمضان وذو الحجة وبيّنا بالنسبة للعيدين، وبيّن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم كما بوّب الإمام البخاري قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «لا نكتب ولا نحسب»، ولا يتقدم العبد رمضان بصوم يوم ولا يومين وبيّنا هذا كذلك.
وبيأتي شيئًا من هذا إن شاء الله بشيء من التفصيل في أثناء الشرح.
وهناك بيّن كذلك أبواب كما قال الله سبحانه وتعالى؛ بوّب عليه الإمام البخاري: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة:187] وإلى آخر الباب.
وبيّنا بالنسبة لمباشرة النساء في نهار رمضان لا يجوز، ورخص الله سبحانه وتعالى للأزواج في الليل وكان من قبل ما كانت هناك رخصة حتى في الليل.
وبيّنا كذلك بالنسبة للفجر الصادق والفجر الكاذب كما بوّب في ذلك الإمام البخاري باب قول الله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾، وبيّنا في هذا الأمر وهناك أحاديث تبين هذا الأمر وأن المقصد الخيط الأبيض هو الفجر الصادق، والبياض بياض النور والضوء الذي يخرج من المشرق ويمتد إلى الأفق ثم ينتشر في السكك والطرق والبيوت فهذا هو الخيط الأبيض وهو الفجر.
أما الآن فيريدوننا أن نمسك في السواد، ونصلي في سواد، وكذلك لم يخرج الفجر الصادق والله تعالى يُبين الخيط الأبيض هؤلاء لا أدري هل يعرفون هذا أو لا؟ حتى الأطفال يعرفون البياض النور ليس السواد، السواد الظلمة.
فهذه الأمور يعرفها المسلمون ولذلك هذه التقاويم من أهل الأفلاك، وأهل الأفلاك من أبناء المسلمين أخذوا هذه التقاويم خاصة للصلوات من الفلكيين من أهل الكفر في الغرب، يرسمون لهم ويخططون لهم وهم يأخذونه وينشرونها في بلدان المسلمين وهي غلط في غلط، وانظر إلى علامات الصلوات الخمس، وانظر إلى التقاويم فحتى التقاويم وأوقات الصلوات هؤلاء أخذوها من أهل الغرب، أهل الغرب ماذا يعرفون في ديننا؟ وهل يفقهون شيئًا في ديننا؟!
وهؤلاء الذين يدعون معرفة الفلك وما شبه ذلك انظر إلى هذا التقويم، وانظر إلى علامات الصلوات الخمس التي بيّنها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم للناس فتختلف كثيرًا، وهذا يُبين بأن هؤلاء لا يعرفون المواقيت صلوات فلابد فيها المرجع إلى أهل العلم؛ المعروفين بالعلم لا شخص صاحب شهادة مثلا أو دكتور، وهذه الشهادة أما اقتصاد ولا جغرافيا، ماذا يريد صاحب الجغرافيا هذا في الأمور الشرعية أو في الأفلاك أو ما شبه ذلك؟!
وهؤلاء أصحاب الشهادات يعتمدون على أصحاب الأفلاك، فلذلك لابد الشرع بأكمله لا الرجوع إلى أصحاب هؤلاء الشهادات؛ لأن هؤلاء يريدون مناصب، وإذا أراد منصب ليس عليه إلا يذهب إلى المغرب أو إلى مصر أو ما شابه ذلك يأتي بشهادة ثم يأتي وينصب هنا وهنا، ويفتي بلا أدلة ولا بلا آثار، ولا يعرف أشياء كثيرة في دينه، فلنعتمد على أهل العلم في هذا الأمر، والرجوع إلى أهل العلم لا إلى أصحاب الشهادات، وأهل العلم بيّنوا هذه الأمور، وكتب أهل العلم موجودة والعلامات موجودة، فلابد على الناس أن يرجعوا إليهم.
ولذلك ترى التقويم هذا في الفجر هذا حدث ولا حرج صيفًا وشتاءً، خريفًا وربيعًا كله غلط في الظهر على ما بيّنت لكم في شرح صحيح المسلم، ففي هذه الأيام التقويم موافق للعلامات الشرعية، لكن في الشتاء فلا، يخالف، كذلك في العصر تكاد المغرب أن الشمس تغرب ونحن نصلي العصر، ولابد أن يصلي الناس أن يكون الظل مثله لكنه صار مثليه يعني زيادة ظل آخر، والمغرب دائما هذا التقويم متأخر عن غروب الشمس بعد أن تغرب الشمس يتأخر كثيرًا، وهذا خلاف السنة في شهر رمضان أن نفطر باستعجال، والتأخير فعل النصارى وفعل الرافضة، والعشاء دائما كذلك متأخر إلا ممكن أحيانًا أن يتأخر الناس، لكن ما يكون التأخير دائمًا، لا لابد أن نصلي العشاء من وقت عند غيوب الشفق، إذا غاب الشفق يؤذن لصلاة العشاء، ما ينتظر الناس يُصلون على الثامنة والنصف، والناس عندهم أمور وفي بعض البلدان على التاسعة يصلون، منهم على التاسعة والنصف في بلاد الغرب يصلون العشاء الساعة الثانية عشرة ليلًا على التقويم، هذا التقويم مكتوب هكذا.
ورأيت هذا الأمر، وكنا نصلي في وقت العشاء عند غياب الشفق، قلت ماذا ننتظر؟ ننتظر الساعة الثانية عشرة ليلًا فكنا دائما نصلي في وقت العشاء، متى الناس ينامون؟ ومتى يقضون حوائجهم؟ ومتى يضعون العشاء ويأكلون؟! فهذا كل التقاويم، ماشينا على التقويم هذا.
وبوّب الإمام البخاري قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: «لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال»، بل كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يُمسك على أذان ابن أم مكتوم؛ لأنه كان يؤذن إذا خرج الفجر الصادق؛ النور، أما بلال يؤذن بالليل كأذاننا الآن، ومع هذا يريدون الناس يمسكون في الظلمة، هذا كان أذان بلال.
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: «لا يمنعكم أذان بلال»؛ لأنه يؤذن للسحو، وفي ظلمة، بل الإمساك على الفجر الصادق والنور هذا هو الأصل، وعلى الناس أن يسيروا على نهج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم في هذا الأمر وفي غيره لإصابة السنة.
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يبين هذا الأمر «لا يمنعكم» السحور أو لا تأكلون بأذان بلال؛ لا كلوا واشربوا؛ لأنه يؤذن في ليل في ظلمة، لكن امسكوا عن الأكل والشرب عند أذان ابن أم مكتوم؛ لأنه يؤذن في طلوع الفجر، ولا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت.
وانظر إلى هذا الأذان أي صباح خرج؟ أي صباح؟ ما خرج الصباح حتى المؤذن يأتي يؤذن يجلس وينام في المسجد، ما تأتي إلا نائم؛ لأنه ممكن أن يكون سهرانًا، وكذلك في هذا الوقت يستيقظ فيكون عليه شاق الأمر جدا؛ لأنه في آخر الليل يؤذن.
وبيّنا تأخير السحور كما بيّن المؤلف رحمه وتعالى وهذه السنة؛ لا الآن بالعكس تعجيل السحور وتأخير الفطور، الأصل ماذا؟ تأخير السحور وتعجيل الفطور هذا هو الأصل، لكن الآن بسبب هذه التقاويم وما شبه ذلك يريدون أن تموت السنة فيمشون على ما هم عليه.
وبيّنا قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، وبركة السحور من غير إيجاب، ولعل إن شاء الله نبيّن إن شاء الله أحكام الصيام ما تبقى إن شاء الله الدرس القادم، في أي سؤال أو شيء عن الصوم؟
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.