الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (42) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: أبواب صيام التطوع
2024-04-01
الجزء (42) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: أبواب صيام التطوع
بَابُ مَنْ أَقْسَمَ عَلَى أَخِيهِ لِيُفْطِرَ فِي التَّطَوُّعِ، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَضَاءً إِذَا كَانَ أَوْفَقَ لَهُ.
(1968) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ؟ قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، قَالَ: فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، قَالَ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ: سَلْمَانُ قُمِ الآنَ، فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ سَلْمَانُ».
بَابُ صَوْمِ شَعْبَانَ.
(1969) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لاَ يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ».
(1970) حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ».
وَكَانَ يَقُولُ: «خُذُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا».
«وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاَةً دَاوَمَ عَلَيْهَا».
بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِفْطَارِهِ.
(1971) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «مَا صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ».
«وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لاَ وَاللَّهِ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لاَ وَاللَّهِ لاَ يَصُومُ».
(1972) حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لاَ تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ» وَقَالَ سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسًا فِي الصَّوْمِ.
(1973) حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ مِنَ الشَّهْرِ صَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلاَ مُفْطِرًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلاَ مِنَ اللَّيْلِ قَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَلاَ مَسِسْتُ خَزَّةً وَلاَ حَرِيرَةً، أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ شَمِمْتُ مِسْكَةً، وَلاَ عَبِيرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
بَابُ حَقِّ الضَّيْفِ فِي الصَّوْمِ.
(1974) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ يَعْنِي «إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا»، فَقُلْتُ: وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ؟ قَالَ: «نِصْفُ الدَّهْرِ».
بَابُ حَقِّ الجِسْمِ فِي الصَّوْمِ.
(1975) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟»، فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»، فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَيَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَالَ: «فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَلاَ تَزِدْ عَلَيْهِ»، قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ؟ قَالَ: «نِصْفَ الدَّهْرِ»، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ: يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
بَابُ صَوْمِ الدَّهْرِ.
(1976) حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ: «فَإِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ»، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ»، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ»، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ».
بَابُ حَقِّ الأَهْلِ فِي الصَّوْمِ.
رَوَاهُ أَبُو جُحَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1977) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، سَمِعْتُ عَطَاءً، أَنَّ أَبَا العَبَّاسِ الشَّاعِرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَأُصَلِّي اللَّيْلَ، فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ وَإِمَّا لَقِيتُهُ، فَقَالَ: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلاَ تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي؟ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَظًّا»، قَالَ: إِنِّي لَأَقْوَى لِذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ» قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: «كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى»، قَالَ: مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ - قَالَ عَطَاءٌ: لاَ أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الأَبَدِ - قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ» مَرَّتَيْنِ.
بَابُ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ.
(1978) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ»، قَالَ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا» فَقَالَ: «اقْرَإِ القُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ»، قَالَ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ فَمَا زَالَ، حَتَّى قَالَ: «فِي ثَلاَثٍ».
بَابُ صَوْمِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.
(1979) حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ المَكِّيَّ، - وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَ لاَ يُتَّهَمُ فِي حَدِيثِهِ - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ لَتَصُومُ الدَّهْرَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟»، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ العَيْنُ، وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ، صَوْمُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»، قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاَقَى».
(1980) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو المَلِيحِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِيكَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَحَدَّثَنَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ لَهُ صَوْمِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، وَصَارَتِ الوِسَادَةُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَقَالَ: «أَمَا يَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ؟»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «خَمْسًا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «سَبْعًا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «تِسْعًا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِحْدَى عَشْرَةَ»، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ شَطْرَ الدَّهَرِ، صُمْ يَوْمًا، وَأَفْطِرْ يَوْمًا».
بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ البِيضِ: ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ.
(1981) حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاَثٍ: «صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ».
بَابُ مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَمْ يُفْطِرْ عِنْدَهُمْ.
(1982) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدٌ هُوَ ابْنُ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَالَ: «أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ» ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ المَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً، قَالَ: «مَا هِيَ؟»، قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي بِهِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ»، فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالًا، وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ: أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ البَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعَ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
بَابُ الصَّوْمِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ.
(1983) حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ غَيْلاَنَ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ سَأَلَهُ - أَوْ سَأَلَ رَجُلًا وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ -، فَقَالَ: «يَا أَبَا فُلاَنٍ، أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ؟» قَالَ: - أَظُنُّهُ قَالَ: يَعْنِي رَمَضَانَ -، قَالَ الرَّجُلُ: لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ»، لَمْ يَقُلِ الصَّلْتُ: أَظُنُّهُ يَعْنِي رَمَضَانَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ ثَابِتٌ: عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ».
بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الجُمُعَةِ.
فَإِذَا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الجُمُعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ، يَعْنِي: إِذَا لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ، وَلاَ يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ بَعْدَهُ.
(1984) حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، زَادَ غَيْرُ أَبِي عَاصِمٍ، يَعْنِي: أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمٍ.
(1985) حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ».
(1986) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟»، قَالَتْ: لاَ، قَالَ: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟» قَالَتْ: لاَ، قَالَ: «فَأَفْطِرِي»، وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ الجَعْدِ: سَمِعَ قَتَادَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ، أَنَّ جُوَيْرِيَةَ، حَدَّثَتْهُ: فَأَمَرَهَا فَأَفْطَرَتْ.
بَابٌ: هَلْ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ.
(1987) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَخْتَصُّ مِنَ الأَيَّامِ شَيْئًا؟ قَالَتْ: «لاَ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطِيقُ».
بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ.
(1988) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ، مَوْلَى أُمِّ الفَضْلِ، أَنَّ أُمَّ الفَضْلِ، حَدَّثَتْهُ ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العَبَّاسِ، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ، أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، «فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ، فَشَرِبَهُ».
(1989) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، - أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ - قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا فِي صِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ «فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلاَبٍ وَهُوَ وَاقِفٌ فِي المَوْقِفِ فَشَرِبَ مِنْهُ» وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ.
بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ.
(1990) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: «هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَاليَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ».
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: «قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَنْ قَالَ: مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ قَالَ: مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدْ أَصَابَ».
(1991) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَعَنِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ،
(1992) وَعَنْ صَلاَةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالعَصْرِ».
بَابُ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ.
(1993) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَا، قَالَ: سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «يُنْهَى عَنْ صِيَامَيْنِ، وَبَيْعَتَيْنِ: الفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَالمُلاَمَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ».
(1994) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا، - قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: الِاثْنَيْنِ -، فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ عِيدٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ هَذَا اليَوْمِ».
(1995) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَزَعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: - وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً - قَالَ: سَمِعْتُ أَرْبَعًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْجَبْنَنِي، قَالَ: «لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَلاَ صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ: الفِطْرِ وَالأَضْحَى، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلاَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَلاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِي هَذَا».
بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
(1996) وَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «تَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ بِمِنًى، وَكَانَ أَبُوهَا يَصُومُهَا».
(1997) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسى بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالاَ: «لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ».
(1999) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ، صَامَ أَيَّامَ مِنًى»، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ.
بَابُ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ.
(2000) حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِنْ شَاءَ صَامَ».
(2001) حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ».
(2002) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ».
(2003) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَهْلَ المَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ، فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ، فَلْيُفْطِرْ».
(2004) حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.
(2005) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ اليَهُودُ عِيدًا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَصُومُوهُ أَنْتُمْ».
(2006) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا اليَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ».
(2007) حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ: «أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ: أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ».
الدرس التاسع يوتوب
الشرح:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
انتهينا في الدروس التي سلفت عن أحكام الصيام جملةً وتفصيلًا، وهذه الأبواب التي قرأت الآن في هذا الدرس، فهذه الأبواب في أحكام أو في صوم النافلة وفي صوم التطوع، ولعل نتكلم عنها شيئًا يسيرًا لكي ننتهي من كتاب الصيام في صحيح البخاري، والكتاب الآخر هو كتاب صلاة التراويح.
وقبل أن نتكلم عن صوم التطوع، عندنا بالنسبة للنية: بينا أن النية للنافلة لا تجب بالليل، ولو نوى المسلم صوم التطوع في النهار واستمر إلى أن غربت الشمس، فلو جاء إلى الظهر ولن يأكل شيئًا فصومه صحيح، وأما بالنسبة لتبيت النية لصوم الفريضة قبل طلوع الفجر فهي واجبة، فوجوب تبيت النية في صوم الفريضة قبل طلوع الفجر في كل ليلة لليوم الثاني، وهذا القول هو القول الراجح من أقوال أهل العلم، وإن كنا بينا ذلك، ولا يكفي النية أن تكون في أول الشهر.
فاذا ثبت دخول شهر رمضان بالرؤية البصرية أو الشهادة، أو إكمال العدة وجب على كل مسلم مكلف أن ينوي صيامه في الليل لكل يوم، فينوي في كل ليلةٍ الصيام لليوم الذي يريده أو الذي يريد صيامه، وهذا القول هو القول الراجح، ولن يكفي نية واحدة من أول الشهر لآخره، فلابد أن ينوي لكل ليلة.
والدليل على ذلك: حديث حفصة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له» فالذي لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له فصيامه باطل، وإذا العبد نوى السحور حتى لو نام فاستيقظ على الفجر بينا هذا أن صيامه صحيح وأن هذه النية هي إذا نام وهو يريد السحور ثم نام واستيقظ مع الفجر الصادق فصيامه صحيح، فهذه هي النية فلا يلزم التلفظ بها، فالتلفظ بها بدعة.
وهذا الحديث حفصة: أخرجه أبو داود في «سننه»، وابن خزيمة في «صحيحه»، والبيهقي في «السنن الكبرى»، والنسائي في «السنن»، والترمذي في «سننه»؛ بإسناد صحيح.
ثم بعد ذلك عندنا مسألة: من مات وعليه صوم: كما بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: «صام عنه وليه».
وهذا الصيام ليس بالوجوب، فلو مات شخص رجل أو امرأة فيستحب لولية أن يصوم عنه، وليس بلازم وليس بواجب؛ لأن الناس لا يجب عليهم قضاء عبادات الآخرين، بل كل واحد ملزم بعبادته، لكن لو مات العبد وعليه صوم فيستحب للولي أن يصوم عنه، فإذا لا يريد فليس عليه شيء على الأحاديث التي مرت علينا في الدرس الذي سلف.
ثم المؤلف بعد ذلك تكلم عن صوم شعبان: «كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم شعبان» فعلى مشيئة العبد في صوم شعبان.
وهناك حديث بيناه من قبل: «إذا انتصف شعبان فامسكوا»، فهو حديث ضعيف لا يصح.
من أراد أن يصوم من أول شعبان أو بعد نصف شعبان فله، وهذا صيام التطوع.
وما يذكر من صوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإفطاره.
فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحيانًا يصوم كثيرًا ويفطر كثيرًا.
والشخص يصوم التطوع على ما يطيق، والشخص ينظر إلى نفسه كما بينا كثيرًا بالنسبة للصوم إن كان يقوى فيصوم، وإن كان لا يقوى أو هناك عبادات أهم من الصوم التطوع فيفعلها كطلب العلم والصلاة التطوع وغير ذلك كما فعل ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فكان لا يصوم إلا ثلاثة أيام من كل شهر؛ لأنه لا يقوى على الصوم ويقدم الأهم فكان يقدم الصلاة.
وكذلك طلب العلم إذا الشخص ما يقوى على طلب العلم مع الصيام فيقدم طلب العلم؛ لأنه أهم من صوم التطوع، وهكذا فالعبد ينظر في حياته إلى الأهم فالأهم من العبادات، ويفعل كما فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وبين ابن شاهين / في «شرح مذاهب أهل السنة والجماعة))؛ بأن العبد صاحب المنهج السليم القائم على الدين الصحيح المخلص فيه لا يضره قلة العبادة أو قلة العمل، فالمخلص في دينه المتمسك بالمنهج السليم خلاف مناهج أهل البدع فلا يضره قلة العمل، فيعمل العبد على ما فعله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنسبة للنوافل، ويعمل على ما يطيقه خاصةً الصوم فيقدم الأهم فالأهم.
وبالنسبة لحق الضيف في الصوم: كما سمعتم.
وكان صيام داود عليه السلام: نصف الدهر يصوم يومًا، ويفطر يومًا.
«والدهر»: السنة.
وذكر بعد ذلك المؤلف حق الجسم في الصوم: فيراعي جسمه، ونفسه، فإن أناس لا يفهمون دينهم كما ينبغي فيؤدون العبادات بمشقة وبتعب ولعله بأمراض وإلى آخره..، ولجسمك عليك حق، فالعبد يسدد ويقارب في العبادات.
ولا يتوقف عن الواجبات ويخلص الدين لله سبحانه وتعالى على طريقة السنة، ويمضي ولا يقصر ويتساهل ويفعل المحرمات، ويفعل البدع، ويتساهل في السنة يتساهل في النوافل، أو يغلوا في الدين ويتشدد.
وخاصةً في المنهج، المنهج لابد أن يؤخذ من الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، فإذا خالف في المنهج وقع في مناهج أهل البدع من الخوارج وغيرهم، فيفعل البدع ويظن أنه على الطريق المستقيم وعلى المنهج المستقيم؛ ولذلك ترى الخوارج يكفرون المسلمين ويظنون أنهم على الهدى، ويخالفون، فلينتبه العبد لذلك، فعليه بالتمسك بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح.
وانظر إلى السياسيين، يظنون أنهم انغماسهم في هذه الدنيا وطلب المال والرئاسة وغير ذلك ويظنون أنفسهم أنهم على الهدى وهم على خلاف ذلك، وعلى البدع والدنيا هذه لا يحصلون منها شيئا إلا ما شاء الله، والدنيا تفر من الجميع، فلينظر العبد إلى ذلك، فعليه بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح.
وصوم الدهر: منهي عنه شرعًا؛ يعني صوم كل يوم، فأفضل الصيام صيام داود يفطر يومًا ويصوم يومًا، أما صوم الدهر كاملًا فهذا منهي عنه، فمن يقوى على الصيام فيصوم يومًا ويفطر يومًا هذا صيام داود وهو أفضل الصيام، ومن لم يستطع فعليه بثلاثة أيام مع نفل الصوم من عاشوراء وغيره وهكذا.
ومن لم يستطع مثلًا ثلاثة أيام لطلب العلم مثلًا ولعبادات أخرى فليصم في النوافل كعاشوراء إذا أتى مثلًا وغيره من النوافل وهكذا.
وحق الأهل في الصوم: فلابد أن يراعي أهله في ذلك؛ لأن ممكن أن يصوم فلا يراعي أهله، ولا أولاده، ولا بيته، لعله ينزوي وهناك حاجات وأمور أخرى، صم يومًا وأفطر يومًا، وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل ذلك، والعبد يفعل ما يطيق.
ثم بين بعد ذلك المؤلف صوم داود عليه السلام.
ثم بين صيام أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة.
وفي الحقيقة بعض أهل العلم يسمى: ثلاثة أيام هذه ثلاثة أيام البيض، لكن ليس عليه هذا أي دليل، بل بينا من قبل بأن ما يسمى بصيام ثلاثة أيام البيض بالنسبة للتسمية البيض الأحاديث فيها لا تصح وهي أحاديث ضعيفة، بل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سماها ثلاثة أيام من كل شهر كما سمعتم في الأحاديث، وبين هذا أبو هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صيام ثلاثة أيام من كل شهر.
ولا يلزم في الثالث عشر ولا الرابع عشر ولا الخامس عشر؛ لأن ليس فيه أي دليل على هذا التخصيص في هذه الأيام أن يصوم ثلاثة عشرة، وأربعة عشرة، وخمسة عشرة، ما فيه أي دليل على ذلك، بل الأحاديث فيها ضعيفة، ولا تسمى أيام البيض إلا كتسمية للقمر والأحاديث فيها ضعيفة.
ولكن الشخص يصوم ثلاثة أيام من أي يوم في الشهر، يصوم ثلاثة أيام من أوله أو نصفه أو آخره ما يشاء فلذلك بين هذا «أوصاني خليلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصيام ثلاثة أيام من كل شهر» فكما يشاء يصوم أول الشهر أو نصف الشهر أو آخر الشهر، أما التخصيص في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر فليس فيه أي دليل.
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صام هكذا كان يصوم أول الشهر، وكان يصوم نصف الشهر، وكان يصوم آخر الشهر، وعائشة بينت هذا وكان الصحابة على ذلك بصيامهم من ثلاثة أيام من الشهر ولا يبالون في أوله أو في وسطه أو في آخره.
وبينا بالنسبة للنافلة لو كان الشخص صائمًا وزار أُناس وطلب منه الفطر إذا وضعوا الطعام فلا بأس أن يفطر فعله الصحابة، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زار بيت أم سليم كان صائمًا ووضعت الطعام ولم يفطر، فله الشخص ذلك.
ثم بين المؤلف بعد ذلك باب الصوم آخر الشهر، فيختار ما يشاء.
ثم بين الصوم يوم الجمعة.
فيوم الجمعة منهي عنه: فلا يجوز للمسلم أن يصوم يوم الجمعة فإن صام يوم الجمعة فلابد أن يصوم قبله أو بعده، فإذا أراد أن يصوم يوم الجمعة فيصوم الخميس أو السبت.
والأحاديث التي نهت عن صوم يوم السبت فهي ضعيفة لا تصح، فيجوز للمسلم أن يفرد صوم يوم السبت لوحده، فهذه الأحاديث ضعيفة وبينا ذلك.
* وهل يخص شيء من الأيام؟ فلا يخص شيء من الأيام كما بينت عائشة، فالشخص يصوم على ما يطيق في الشهر.
ثم بين بعد ذلك صوم يوم عرفة:
وهذا بالنسبة للحاج فنهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صوم يوم عرفة للحاج، وبينا هذا في الكتاب كذلك بالنسبة عن صوم يوم عرفة لغير الحاج أنه ليس من السنة وبين أهل العلم ذلك وأن بعض أهل العلم بينوا بأن صوم يوم عرفة ليس من السنة، بل على الناس أن يتفرغوا للدعاء والذكر، ويتقووا للدعاء يوم عرفه، وهذا الذي بيناه هو الراجح، وبينت ذلك في ((جزء تخريج حديث صوم يوم عرفة))، والصحابة على عدم صومه.
ويبين هذا الإمام البخاري؛ لأنه لم يذكر حديث أبي قتادة؛ لأنه عنده ضعيف كما ذكر ذلك في «التاريخ الكبير»، و«التاريخ الأوسط».
وبين ضعفه بعض أهل العلم، والمسألة خلافية بالنسبة لصوم يوم عرفة، لا كما يقال بأن إجماع أو الإجماع على سنية صوم يوم عرفة هذا ليس بصحيح، بل هناك خلاف بين العلماء بالنسبة لصوم يوم عرفة، فمنهم من يقول بسنية صوم عرفة وهذا قول مرجوح؛ لأنهم استدل بحديث ضعيف وإن كان في صحيح مسلم بينا ضعفه وقد ضعفه الإمام البخاري وغيره، ومنهم من يقول بأن صوم يوم عرفة ليس من السنة وهذا القول هو القول الراجح، ولم يصم الصحابة هذا اليوم.
ثم بعد ذلك بين صوم يوم الفطر يوم العيد: عيد الفطر منهي عنه، فلا يجوز للمسلم أن يصوم يوم الفطر، يوم عيد الفطر للنهي فيه.
وكذلك بين المؤلف صوم يوم النحر: فلا يجوز للمسلم أن يصوم يوم عيد الأضحى.
ثم بين بعد ذلك صيام أيام التشريق: فكذلك يحرم صيام أيام التشريق، التي هي بعد يوم النحر، الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، ثلاثة أيام منهي عنها.
وبعض أهل العلم: يجوزون، وبعضهم: كرهوا الصيام في هذه الثلاث أيام التشريق، لكن الأحاديث تبين الحرمة من ذلك.
فمن أراد أن يصوم بعد الثلاثة أيام التشريق إلا من كان عليه صوم لأنه ليس عنده هدي، فيجوز له أن يصوم أيام التشريق في الحج ثم إذا رجع يصوم سبعة أيام لأن عليه عشرة أيام.
وبين هذا ابن عمر: «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن، إلا لمن لم يجد الهدي»، هذا بالنسبة للحاج، أما غير الحاج فلا يصوم.
ثم ذكر المؤلف بعد ذلك صيام يوم عاشوراء: وهو مستحب وهو من صيام التطوع، فكان فرضًا ثم بعد ذلك استحب صيام يوم عاشوراء، فيستحب أن يصوم العبد اليوم التاسع واليوم العاشر، ومن أراد أن يفرد اليوم العاشر بدون التاسع فله ولا يلزم أن يصوم قبله أي قبل عاشوراء ولا بعده؛ لأن الحديث ضعيف.
ولذلك بعض أهل العلم يفتون بأن من أراد أن يصوم عاشوراء فيصوم التاسع أو الحادي عشر وهذا القول ليس بصحيح؛ لأن الحديث ضعيف فيجوز له العبد أن يصوم اليوم العاشر وهذا صوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصام السلف ومنهم ابن عمر هكذا أفرد عاشوراء، لكن من السنة أن يصوم التاسع والعاشر، أما صيام الحادي عشر فالحديث ضعيف فلا يصام؛ لأن الحديث ضعيف.
وهذه آخر أحكام الصيام من ((صحيح البخاري))، نعم فيه أي سؤال؟
سؤال: بالنسبة لامرأة إذا أسقطت الجنين في شهرين، فهل عليها قضاء؟
الجواب:
فهذه المرأة إذا تستطيع أن تصوم بعد ذلك فعليها القضاء، وإذا لم تستطيع فلابد أن تطعم، ولا تعتبر هذه نفساء؛ لأنه سقط في شهرين حتى لو نزل دم فهذا ليس دم نفاس.
وإذا كانت هذه المرأة التي اسقطت كانت لا تقوى على الصوم خوفًا على نفسها أو على الولد كما بينا بالأمس ولم تطعم فعليها أن تطعم ولا قضاء عليها، لكنه إذا تستطيع بعد ذلك بعد هذا الاسقاط فعليها ان تقضي هذا اليوم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.