القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (39) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: أبواب الجماع في نهار رمضان

2024-04-01

صورة 1
الجزء (39) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: أبواب الجماع في نهار رمضان

بَابُ إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ.

وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ».

وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادٌ: «يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ».

(1935) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ، أَخْبَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّهُ احْتَرَقَ، قَالَ: «مَا لَكَ؟»، قَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِكْتَلٍ يُدْعَى العَرَقَ، فَقَالَ: «أَيْنَ المُحْتَرِقُ» قَالَ: أَنَا، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا».

بَابُ إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَلْيُكَفِّرْ.

(1936) حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ - قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: «خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ».

بَابُ المُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ، هَلْ يُطْعِمُ أَهْلَهُ مِنَ الكَفَّارَةِ إِذَا كَانُوا مَحَاوِيجَ.

(1937) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ الآخَرَ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «أَتَجِدُ مَا تُحَرِّرُ رَقَبَةً؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟»، قَالَ: لاَ، قَالَ: «أَفَتَجِدُ مَا تُطْعِمُ بِهِ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، - وَهُوَ الزَّبِيلُ ، قَالَ: «أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ» قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا، مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، قَالَ: «فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ».

الشرح:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المؤلف /: باب إذا جامع في رمضان.

ثم ذكر المؤلف: / حديث أبي هريرة ،وذكره بصيغة التمريض، يعني الإمام البخاري / يضعف هذا الحديث.

 وذكر أثر ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: تعليقًا، وكذلك أثر ابن الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بن النخعي وَقَتَادَةُ وَحَمَّادٌ بن أبي سليمان.

وحديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ تقدم في الدروس التي سلفت وبينا ضعف هذا الحديث، وأن هذا الحديث مضطرب فلا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسألة إذا أفطر العبد يوما في رمضان من غير عذر ولا مرض، لا يفيده، حتى لو صام الدهر كله، ولكن هذا الحديث ضعيف لا يصح، وبذلك يقول ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وأثر ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الذي علقه البخاري في ((صحيحه)): وصله ابن حجر في «تغليق التعليق» من طريق عبيدة بن حميد عن منصور عن واصل هو الأحدب عن المغيرة بن عبد الله اليشكري قال: حُدثت أن عبد الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: «من أفطر يومًا من رمضان من غير علة لم يجزه صيام الدهر حتى يلقى الله فإن شاء غفر له وإن شاء عذبه».

وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» من طريق بلال الحفار بهذا الإسناد السابق.

وكذا أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» من طريق الثوري عن واصل الأحدب به.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن واصل عن مغيرة عن فلان بن الحارث عن ابن مسعود به.

وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» من طريق أبي أسامة عن عبد الملك قال: حدثنا أبو المغيرة الثقفي عن عرفجة عن عبد الله بن مسعود به.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» قال تخريج أثر ابن مسعود الذي علقه الإمام البخاري بدون إسناد.

ثم ذكر المؤلف / أثر ابن المسيب: وهذا الأثر وصله عبد الرزاق في «المصنف» من طريق معمر عن قتادة قال: «سألت ابن المسيب عن رجل أكل في رمضان عامدًا؟ قال: عليه صيام الشهر»، وهذا فيه اختلاف.

وأثر ابن المسيب الذي ذكره الإمام البخاري: «أن يقضي يومًا مكانه»، يعني إذا أفطر في نهار رمضان يومًا واحدًا يقضي يومًا مكانه.

وأما هنا يقول عليه صيام شهر لكن هذا فيه نظر، بيأتي الصحيح: بأن الذي يفطر في نهار رمضان عمدًا يومًا واحدًا عليه أن يتوب إلى الله، ويستغفر الله، ويقضي يومًا بعد رمضان.

والأثر هذا كذلك أخرجه مسدد في «المسند» مرسلًا عن سعيد بن المسيب: «أن رجلا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني أفطرت يوما من رمضان، قال صلى الله عليه وسلم: تصدق لما صنعت وصم يوما مكانه واستغفر الله عز وجل» قال إسناده ضعيف؛ لأنه مرسل.

واختلفت الروايات في ذلك عن ابن المسيب، وانظر: «تغليق التعليق» لابن حجر (ج3، ص174)، والصحيح من كلام ابن المسيب هنا: هو أن يقضي يومًا مكانه، وأما هذه الروايات فلا تصح.

وقول الشعبي عندكم: وصله سعيد بن منصور في «السنن» من طريق هشيم قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي: «في رجل أفطر في رمضان: قال: يصوم يومًا مكانه ويستغفر الله»، وهذا إسناده صحيح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد به، وإسناده صحيح

فهذا قول الشعبي: بأنه عليه أن يصوم يومًا مكانه.

وأما قول سعيد بن جبير: وصله البيهقي في «السنن الكبرى» من طرق عن يعلى عن سعيد بن جبير: «في رجل أفطر في رمضان يوما متعمدا؟ فقال: ما أدري ما كفارته، يصوم يوما مكانه ويستغفر الله»

وأخرجه سعيد بن منصور في «السنن» من طريق هشيم عن مغيرة به.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق شريك عن مغيرة عن إبراهيم وهو النخعي به. وهذا أثر إبراهيم النخعي عند ابن أبي شيبة في «المصنف»

ولكن هذه الأسانيد ضعيفة، والمعتمد ما عند الإمام البخاري في «صحيحه» تعليقًا.

وأما قول قتادة ذكر وَابْنُ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ والنخعي وَقَتَادَةُ: وصله عبد الرزاق في «المصنف» من طريق معمر عن الحسن عن قتادة به.

وأما قول حماد: فهو مذكور مع إبراهيم النخعي، أخرجه عبد الرزاق في «المصنف»، وقاله أبو حنيفة عن حماد وهو ابن أبي سليمان عن إبراهيم به.

فهذه هي الآن عندنا الآثار تبين بإن من أفطر يومًا حتى ولو كان متعمدًا فعليه أن يتوب ويستغفر الله ويقضي يوما مكانه، وهذا القول هو القول الصحيح.

وأما بعض أهل العلم لم يقضه يقولون صيام الدهر وإن صام، ولكن هذا ليس بصحيح اعتمادًا على هذا الحديث الضعيف الذي عندكم، وضعفه الإمام البخاري بقوله: «ويذكر»، والصحيح هو قول الجمهور بأن إذا أفطر العبد متعمدًا يومًا واحدًا يقضي يوما مكانه ويتوب ويستغفر الله.

ثم ذكر المؤلف / حديث عائشة: وفيه قصة الرجل الذي وقع على امرأته في نهار رمضان، وهو في صحيح مسلم.

وكذلك كرره الحافظ البخاري / في الباب الآخر إِذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَىْءٌ فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَلْيُكَفِّرْ.

فأولًا هذه المسألة، الجماع من مفسدات الصوم فإذا وقع الرجل على امرأته متعمدًا كما بينا في الدرس الذي سلف فهذا عليه يومًا واحدًا أن يقضيه بعد رمضان وعليه الكفارة؛ فعليه أولًا أن يعتق رقبة فإن لم يجد فيصوم شهرين متتابعين، فإذا لم يستطع أن يصوم شهرين متتابعين فعليه أن يطعم ستين مسكينًا كما جاء في هذا الحديث، وهو حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

لكن بينا في الدرس الذي سلف إذا كان الرجل ناسيًا، جامع زوجته في نهار رمضان وهو ناسي، وامرأته كذلك ناسية فهذا ليس عليه شيء، بل يمضي في صيامه ولا يقضي وليس عليه الكفارة.

وهذا بينه الشوكاني في كتابه: «الدراري المضية» بأن أهل العلم ألحقوا الذي يجامع زوجته في نهار رمضان وهو ناسي ألحقوه بمن أكل وشرب وهو ناسي فعليه أن يمضي بصيامه.

 ثم الأمر الآخر إذا العبد هذا الذي وقع على زوجته في نهار رمضان ولا يستطيع أن يعتق رقبة ليس عنده، ولا يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين لضعف فيه، أو مثلًا لا يستطيع أن يطعم ستين مسكينًا ليس عنده طعام فهذا تسقط عنه الكفارة بالكلية فليس عليه شيء، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقر هذا الرجل الذي وقع على زوجته في نهار رمضان، وأقره بأنه لا يستطيع على العتق، ولا على الصيام، ولا على أن يطعم ستين مسكينًا بل أخذ هذا التمر إلى بيته؛ ليطعم أهله، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقره على ذلك، ولا يجوز هذا أن يجعل هذه الصدقة لنفسه إلا إذا كان محتاجًا، إذا كان محتاجًا وتسقط الكفارة عليه.

 كذلك الأمر الآخر إذا وقع الرجل على زوجته في نهار رمضان إذا كانت زوجته راضية بذلك فتُلحق به، فهو عليه الكفارة، وكذلك زوجته عليها الكفارة على القول الصحيح من أقوال أهل العلم، أما إذا أكرهها على ذلك فالكفارة عليه على الزوج فقط وهي ليس عليها أي شيء؛ لأنها مكرهة والمكره لا يؤاخذ شرعًا.

 وهنا الباب الآخر: الْمُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ هَلْ يُطْعِمُ أَهْلَهُ مِنَ الْكَفَّارَةِ إِذَا كَانُوا مَحَاوِيجَ؟.

فيجوز يأخذ صدقة الكفارة من أحد المسلمين إذا كان محتاجًا ويطعمها أهله؛ لإقرار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتسقط عنه الكفارة.

 وهنا عندنا في هذا الباب تبيين مفسدات الصوم، عندنا بينا هنا الجماع مفسد للصوم، كذلك أسلفنا من قبل الأكل والشرب متعمدًا يفسد الصوم.

 ثالثًا: الحيض والنفاس يفسد الصوم كما بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث أبي هريرة في «صحيح مسلم»: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم» حديث عائشة كذلك، فإذا حاضت المرأة لا تصلي ولا تصوم.

ويقول الشوكاني في «الدراري المضية» (ج2 ص 22): (الجماع لا خلاف في أنه يبطل الصيام إذا وقع من عامد أما إذا وقع على النسيان فبعض أهل العلم ألحقه بمن أكل أو شرب ناسيًا)، فإذا جامع متعمدًا فهذا عليه الكفارة ويبطل يومه هذا في الصيام، أما إذا كان ناسيًا فأهل العلم يلحقونه بمن أكل أو شرب ناسيًا.

 ويقول ابن القيم في «زاد المعاد» (ج2 ص 60): (والقرآن دال أن الجماع مفطر كالأكل والشرب لا يُرى فيه خلاف)، فالجماع يفطر به الشخص كالأكل والشرب، فعندنا مفسدات الصوم: الجماع، والأكل والشرب، والحيض والنفاس.

 وكذلك نلحق بهذا ما يجب على الصائم تركه كما بينا بعض الأمور فيجب على المسلم الصائم أن يبتعد عن الأعمال التي تجرح صومه؛ حتى ينتفع بالصيام وتحصل له التقوى، فالعبد إذا صام بصفة صوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من جميع الوجوه؛ حصل على الأجر، وحصل على التقوى، ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:183].

 فمن صام بأمر الله سبحانه وتعالى، وبأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جملةً وتفصيلًا حصلت له التقوى، وحصل له الأجر، وليس للصائم إلا الجنة؛ لأن الصيام وسيلة إلى التقوى.

 فعلى الصائم أن يترك قول الزور كما ثبت في حديث أبي هريرة في ((صحيح البخاري)): «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله عز وجل حاجة أن يدع طعامه وشرابه».

وكذلك يترك اللغو والرفث، والسب والشتم، والغيبة والنميمة والكذب وغير ذلك مم بيناه في الدروس التي سلفت، ولو إن وقعت قلنا من الصائم النميمة والغيبة والكذب فهذا لا يفطر الصائم لكنه يجرح صيامه وينقص أجره أجره.

 ولعل إن شاء الله نكمل الدرس القادم مسألة الجماع، نعم فيه أي سؤال؟

سؤال: هل يثبت من السنة أن قراءة الفاتحة أن يسكت الإمام ليتسنى للمصلين قراءة الفاتحة؟.

الجواب: فهذا ليس من السنة الآن بعض الأئمة يسكت بعدما يقرأ الفاتحة ليقرأ المصلون بعده الفاتحة، فهذا السكوت ليس من السنة، ولم يثبت لا في كتاب الله ولا في سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك، وعلى الإمام إذا قرأ الفاتحة وانتهى فليشرع في قراءة السورة بعدها أو يقرأ ما تيسر من القرآن، هكذا جاءت السنة فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قرأ الفاتحة شرع في السورة بعدها أو قرأ ما تيسر من القرآن، ثم بعد ذلك المصلون يقرؤون الفاتحة، ولا يلزم للإمام أن يسكت؛ لأن هذا ليس من السنة.

   سؤال: ما منهج كل من خالد الراشد وحسين يعقوب؟

الجواب: فهذا الرجل على منهج السياسيين الثوريين وأشرطته توحي بذلك، فعنده تحريض عن ولاة الأمر، ويكثر في كلام السياسة، وعنده أحاديث ضعيفة وهو من القُصاص، فالسلف الصالح كانوا يحذرون من القُصاص، فترك أشرطة هؤلاء وأمورهم.

وكذلك حسين يعقوب هذا كذلك من الثوريين من القطبيين الإخوانيين ومن القُصاص، فترك أمثال هؤلاء وأشرطتهم ولا يسمع لهم، والآن يكثرون الخروج في التلفاز، هذه الإذاعات تترك التي تسمى بالإسلامية ففيها دخن كثير، وفيها هؤلاء القُصاص الذين يضلون الناس بغير علم، وبغير معرفة بالكتاب والسنة، وآثار السلف، وأقوال أهل العلم الصحيحة، وعلينا كما تكلمنا كثيرًا علينا بكتب الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني، والشيخ صالح الفوزان أمثال هؤلاء وكتب الشيخ محمد عبد الوهاب.

فعلينا بكتب واشرطة كبار العلماء، وترك هؤلاء القُصاص نهائيًا ولا نسمع لهم، وكان السلف يحذرون منهم ومن كلامهم؛ لما عندهم من الأحاديث الضعيفة والمنكرة والأباطيل والبيان السحري الذين يسحرون به العامة، والعامة لا يدرون ماذا يقولون هؤلاء يظنون أن هؤلاء يتكلمون في الدين، لكن هؤلاء يتكلمون على انحراف في الدين، وأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين إياكم وإياهم، وبين السلف مقصد النبي بأن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القصاص وأصحاب الأهواء وأصحاب أهل البدع ترك كلامهم وعدم السماع لهم، وعدم حضور مجالسهم ومحاضرتهم في المساجد والجمع، وعدم سماع كلام هؤلاء الخطباء القُصاص كلهم من السياسيين لا يعلمون الناس كتاب الله ولا سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفاقد الشيء لا يعطيه، وهؤلاء ليس عندهم إلا السياسيات ثم بعد ذلك جمع التبرعات.

الأصل في هذا الأمر أن يدرس الناس أحكام الصيام، وأحكام الصلاة، وأحكام الحج، والتوحيد والعقيدة الصحيحة، والتفسير وأصول التفسير، والحديث وغير ذلك والابتعاد عن هذه السياسات، فعلى الناس الاتباع والحذر من هؤلاء.

سؤال: يقول السائل أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ هل البخور والعطور يفطر إذا استنشقها الصائم هل يفطر بذلك؟.

الجواب: بالنسبة للبخور والعطور إذا استنشق الصائم ذلك بينا بأن البخور والعطور لا يفطران الصائم؛ لأن هذه الأمور ليست أكلًا ولا شربًا، فالأمور التي تفطر هو الأكل والشرب والجماع على ما ذكرنا، أما هذا البخور، حتى لو تعمد الصائم ودخل في حلقة فلا يفطر؛ لأنه ليس أكلًا ولا شربًا، كذلك هذا العطور فلا يفطر وبينا هذا من قول أهل العلم.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan