الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (38) كتاب الصوم صحيح البخاري: باب الصائم إذا أكل ناسيا- إلى باب إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء
2024-03-26
الجزء (38) كتاب الصوم صحيح البخاري: باب الصائم إذا أكل ناسيا- إلى باب إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء
بَابُ الصَّائِمِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا.
وَقَالَ عَطَاءٌ: «إِنِ اسْتَنْثَرَ، فَدَخَلَ المَاءُ فِي حَلْقِهِ لاَ بَأْسَ إِنْ لَمْ يَمْلِكْ» وَقَالَ الحَسَنُ: «إِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ الذُّبَابُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ» وَقَالَ الحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ: «إِنْ جَامَعَ نَاسِيًا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ».
(1933) حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ».
بَابُ سِوَاكِ الرَّطْبِ وَاليَابِسِ لِلصَّائِمِ.
وَيُذْكَرُ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ» مَا لاَ أُحْصِي أَوْ أَعُدُّ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ».
وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ جَابِرٍ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» وَقَالَ عَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ: «يَبْتَلِعُ رِيقَهُ».
(1934) حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُمْرَانَ، رَأَيْتُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تَوَضَّأَ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلاَثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى إِلَى المَرْفِقِ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُسْرَى إِلَى المَرْفِقِ ثَلاَثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى ثَلاَثًا، ثُمَّ اليُسْرَى ثَلاَثًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ نَحْوَ وَضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِمَا بِشَيْءٍ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا تَوَضَّأَ، فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ المَاءَ» وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الصَّائِمِ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ الحَسَنُ: «لاَ بَأْسَ بِالسَّعُوطِ لِلصَّائِمِ، إِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى حَلْقِهِ، وَيَكْتَحِلُ»
وَقَالَ عَطَاءٌ: «إِنْ تَمَضْمَضَ، ثُمَّ أَفْرَغَ مَا فِي فِيهِ مِنَ المَاءِ لاَ يَضِيرُهُ إِنْ لَمْ يَزْدَرِدْ رِيقَهُ وَمَاذَا بَقِيَ فِي فِيهِ، وَلاَ يَمْضَغُ العِلْكَ، فَإِنِ ازْدَرَدَ رِيقَ العِلْكِ لاَ أَقُولُ إِنَّهُ يُفْطِرُ، وَلَكِنْ يُنْهَى عَنْهُ، فَإِنِ اسْتَنْثَرَ، فَدَخَلَ المَاءُ حَلْقَهُ لاَ بَأْسَ، لَمْ يَمْلِكْ».
الشرح:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن الأمور التي تباح للصائم أن يعملها في نهار رمضان.
وفي هذا الدرس سوف نتكلم عن: «باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا».
وذكر المؤلف عندكم المعلقات من الآثار، كما ذكر كذلك معلقات أخرى في الدروس التي سلف بيناها وخرجناها.
فذكر أثر عطاء معلقًا بلا إسناد: كم عندكم في الكتاب وهذا الأثر وصله: عبدالرزاق في «المصنف» من طريق ابن جريج قال قلت لعطاء وهو ابن أبي رباح: «إنسان استنثر فدخل الماء حلقه؟، فقال لا بأس بذلك». فلو استنثر ودخل الماء من غير اختياره فلا يفطر هذا الماء الداخل، وهذا بيناه في الدروس التي سلفت.
وذكر ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج3 ص 156)؛ بأن هذا القول قاله معمر الأزدي، وقتادة بن دعامة فلو استنثر ودخل الماء في حلق الصائم لا يفطر، فلا بأس بذلك.
ويبين عطاء بن أبي رباح «أن لم يملك»: يعني لا يستطيع دفع هذا الماء.
وأثر الحسن البصري «إن دخل حلقه الذباب فلا شيء عليه»: وذكره البخاري معلقًا بلا إسناد، ووصله ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق وكيع عن الربيع عن الحسن به، وقال: لا يفطر.
ثم ذكر المؤلف أثر الحسن البصري معلقًا، ومجاهد كذلك معلقًا: «أن جامع ناسيًا» إن جامع الرجل في نهار رمضان زوجته ناسيًا «فلا شيء عليه»؛ لا يفطر وليس عليه الكفارة، بل يمضي في صيامه، الصائم إن أكل أو شرب ناسيا فلا شيء عليه، وكذلك إن جامع في نهار رمضان ناسيًا فلا شيء عليه وليس عليه كفارة، هذا قول الحسن البصري ومجاهد.
أما قول الحسن البصري في الجماع: وصله عبد الرزاق في «المصنف» من طريق الثوري عن رجل عن الحسن به، وفيه: «هو بمنزلة من أكل وشرب ناسيًا» وإسناده ضعيف، فيه رجل لم يسم.
ولكن علقه البخاري بصيغة الجزم في «صحيحه»، وهو صحيح هذا الأثر من طريق آخر.
وأثر مجاهد: وصله عبدالرزاق في «المصنف» من طريق ابن جريج عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: «لو وطأ رجل امرأته وهو صائم ناسيًا في رمضان لم يكن عليه فيه شيء».
فإذًا عندنا الآن بالنسبة لو استنثر فدخل الماء في حلق الصائم فلا شيء عليه، ولا يفطر ذلك.
وإن دخل ذباب وغير ذباب كالغبار وغيره فلا يفطر، وكذلك لو جامع الصائم امرأته وهو ناسي فلا شيء عليه، ولا يفطر بل يمضي في صيامه.
وذكر المؤلف / حديث أبي هريرة رضي الله عنه كذلك، أن النبي قال: «إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» وهذا الحديث كذلك أخرجه مسلم في «صحيحه».
فإذًا الأشياء التي لا تفطر بينا منها وهذه كذلك عندنا:
(1) الأكل والشرب ناسيًا لا يفطر.
(2) ومن ذلك القيئ حتى لو كان متعمدًا لا يفطر، فلو أخرج الطعام من بطنه من المعدة، وخرج في الخارج فهذا لا يفطر حتى لو كان متعمدًا لأن سوف يأتي قول ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: «الفطر مما دخل» يعني إذا أدخل الأكل والشرب في بطنه «لا مما خرج» هذا لا يعتبر به، وبعض أهل العلم إذا أخرج الطعام متعمدًا فعندهم يفطر هذا الصائم، لكن هذا ليس بصحيح، واستدلوا بحديث ضعيف، حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض» يعني أخرج الطعام عمدًا، وهذا الحديث حديث ضعيف، لا يصح أخرجه أبو داود في ((سننه))، والترمذي في ((سننه))، وابن ماجه في ((سننه))، وأحمد في ((المسند))، وعليه اختلاف.
(2) وكذلك من الأشياء التي لا تفطر الاحتلام: إذا احتلم الصائم في نهار رمضان وأنزل المني فلا يفطر، وبينا إذا أنزله متعمدًا على ما ذكرنا في الدروس التي سلفت فإنه يفطر، أما إذا كان محتلمًا فلا يفطر.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية / في ((حقيقة الصيام)) (ص 23): (ومن احتلم بغير اختياره كالنائم، لم يفطر باتفاق الناس). اهـ
(3) وكذلك من الأشياء التي لا تفطر: الغيبة، والنميمة، والكذب، والنظر إلى النساء، واليمين الكاذبة، وغير ذلك من المحرمات التي لا تبطل الصوم، لكنها تنقص أجره، فهذه الأمور محرمة لكن لا يفطر الصائم بها إذا فعلها، لكن تنقص من أجره وتجرح صيامه، وبينا في الدروس التي سلفت بأن الأشياء التي يفطر بها الصائم الأكل والشرب أو فيما معنى ذلك كالإبر المغذية، أما غير ذلك فلا يفطر، إلا الجماع كذلك – يفطر -.
بعد ذلك قال المؤلف /: باب سواك الرطب واليابس للصائم؛
وهذا بيناه في الدروس التي سلفت، في الدروس التي سلفت بينا بأن يباح للصائم التسوك في نهار رمضان قبل زوال الشمس وبعد الزوال.
ثم ذكر المؤلف / حديث عامر بن ربيعة معلقًا: ويُذكر هكذا بصيغة التمريض، فقال: ويذكر عن عامر بن ربيعة قال: «رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستاك وهو صائم ما لا أحصي أو أعد» فهذا الحديث كما ترون ضعفه الإمام البخاري بقوله: «ويذكر» فإذا قال الإمام البخاري عن حديث أو أثر عن صحابي أو عن تابعي ويذكر عن فلان كذا أو يذكر عن النبي، أو مثلًا يذكر عن ابن عمر فهذا الأمر يذكره بصيغة التمريض فهو يضعف هذا الحديث.
أما إذا قال: قال فلان، وأن فلان قال وإلى آخره فهذه صيغ مجزوم بها وهي تعتبر من الصحيح حتى ولم يذكر الإسناد.
وحديث عامر: هذا أخرجه أبو داود، والترمذي، وأحمد في ((المسند))، وهو حديث ضعيف، واختلف عليه، وتخريجه في الحقيقة طويل لكن ذكره الإمام إمام أهل الصنعة البخاري فعلق الحديث بصيغة التمريض ويكفى بذلك.
ثم قال: وقال أبو هريرة، أنظر وقال أبو هريرة لم يقل ويذكر عن أبي هريرة، وقال أبو هريرة، وقال هذه صيغة جزم مجزوم به في الصحيح، فهو صحيح عنده، وهذا الحديث خرجناه بالنسبة للسواك وبينا ذلك.
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هنا لم يقيد لا للصائم ولا لغيره، بل مطلق «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء» فيجوز السواك للصائم ولغير، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هنا أطلق بالأمر بالسواك وبينا هذا في الدروس التي سلفت.
ويقول: ويروى نحوه عن جابر، وزيد بن خالد الجهني: «ويروى» هذه الصيغة التمريض كذلك، حديث جابر في السواك، وحديث زيد ضعاف، وممكن أن ينظر في «تغليق التعليق» لابن حجر (ج3 ص161).
وكذلك في حديث زيد بن خالد الجهني ينظر في «تغليق التعليق» لابن حجر (ج3 ص161).
فالصحيح حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء»، وبينا تخريجه هنا.
وقال عطاء وقتادة: «يبتلع ريقه»، وبينا ذلك في الدرس الذي سلف، فيجوز للصائم أن يبتلع ريقه.
وبينا لو تمضمض الصائم يبقى شيء من الماء في فمه، وابتلعه فليس عليه شيء؛ لأن هذا الأمر لا يستطيع أن يتحرز منه، وهذا قول عطاء وقتادة بيناه من قبل، وأثر قتادة وصله عبد بن حميد في التفسير من طريق عبدالرزاق، قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة به، وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص159)، و«تغليق التعليق» له (ج3 ص166).
فهذا الباب يبين هذا الأمر وحديث عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ليس فيه مسألة تسويك الصائم، وذكر / وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكن الوضوء هذا إذا أراد أن يتوضأ فعليه بالسواك؛ وهذا يكون للصائم ولغير الصائم، لو توضأ لصلاة مثلا الظهر وهو صائم فيجوز له أن يتسوك؛ لذلك وبينا هذا في الدرس الذي سلف، فهذه من الأمور التي تباح للصائم منها التسوك.
ثم ذكر المؤلف / قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تعليقًا: «إذا توضأ، فليستنشق بمنخره الماء» ثم قال البخاري /: ولم يميز بين الصائم وغيره، فليستنشق الصائم وغيره.
فيجوز أن يستنشق الصائم، وكذلك يستنثر ويتمضمض على ما بينهم في الدروس التي سلفت.
ثم ذكر المؤلف / أثر الحسن البصري: «لا بأس بالسعوط للصائم، إن لم يصل إلى حلقه، ويكتحل»
وهذا الأثر بيناه في الدروس التي سلفت، كذلك عن مسألة الكحل، وقول الحسن البصري فانه يجوز للصائم أن يكتحل في نهار رمضان حتى لو حس بحلقه هذا الكحل أو القطرات من العين في حلقه لا يفطر وليس عليه بأس في ذلك.
وأثر الحسن: بالسعوط، والسعوط هذا دواء يوضع للأنف، والأثر هذا بيناه في الدروس التي سلفت لكن بالنسبة لهذا الكحل، بالنسبة للسعوط لم أجده، وكذلك حتى قال ذلك ابن حجر لم يجده.
ولكن على كل حال هو صحيح عند الإمام البخاري وذكره بصيغة الجزم؛ وقال الحسن، «قال» هذا من صيغ الجزم، والأثر عنده صحيح، أما بالنسبة لأثر الكحل بيناه وخرجناه.
وذكر المؤلف / قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستنشاق معلقًا، وذكره المؤلف موصولًا، وكذلك مسلم في ((صحيحه)) من حديث أبي هريرة (ج1 ص212): «إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخره من الماء ثم ليستنثر» وهو من طريق معمر بن راشد الأزدي عن همام بن منبه عن أبي هريرة به، فالحديث موصول.
وكذلك هو ذكره بصيغة الجزم قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا بأس للصائم أن يتداوى كذلك من أنفه كما يتداوى من عينيه وهذه قطرات لا تضر، حتى لو اشعر بذلك في حلقه، لكن بالنسبة للاستنشاق للمبالغة فيه مكروه؛ لأنه يصل الماء بكثرة، أما بالنسبة للقطرات الدواء فلا تضر؛ لأنها قطرات، وهو كذلك ليس بأكلٍ ولا شربٍ.
فلا بأس بالقطرات في العين للصائم في نهار رمضان، وكذلك من الأنف، وكذلك من الأُذن، حتى لو حس بحلقه ذلك فلا بأس بذلك.
وذكر عطاء كذلك المضمضة ولا تضر، والريق كذلك.
وأثر عطاء بن أبي رباح /: وصله سعيد بن منصور في «السنن» من طريق ابن المبارك قال أخبرني ابن جريج عن عطاء به، وفيه «لا يضره ماذا بقي في فيه» يعني من الماء، فلو تمضمض فلا يلفظ هذا الماء الذي في فمه بعد ما يمج يبقى ماءً في الفم فلا يلفظه فهذا لو بقي في فمه لا يضر، حتى لو ابتلع منه، وهذه الأمور لا يستطيع الصائم أن يتحرز منها؛ لأن لابد أن يدخل الماء تلقائيا من المضمضة وهو لا يشعر.
وهذه الأمور لا يتحرز منها الصائم، كذلك لو أخذ ماءً بفيه ودخل شيئًا وهو لا يدري ولا يملك ذلك وليس باختياره فهذا لا يفطر؛ لان ليس باختياره، كما لو أكل وشرب كما بينا في الباب وهو ناسي فلا يفطر وليس عليه بأس بل يستمر في صيامه.
وكذلك أثر عطاء هذا: وصله عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص205)، وكذلك وصله ابن أبي شيبة في «المصنف» ج3 ص 70، من طريق مخلد عن ابن جريج به، عن مسألة المضمضة.
فلو تمضمض ثم مج الماء وبقي ماء في فمه لا يضر، فلذلك على المسلم ينتبه لهذه الأمور ولا يكن عاميًا، فأي شيء فعله يفطر على طول لأنه يظن أنه يفطر.
فالعوام يفعلون أشياء كثيرة في الصيام وفي غير الصيام؛ لجهلهم بالكتاب والسنة
ففي الحج يفعلون أمورًا كثيرة تخالف صفة حج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويفعلون أمور كثيرة في الصيام بصفة صيام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكذلك في الصلاة وغير ذلك من العبادات.
فلا يكن طالب العلم كالعوام هؤلاء فعليه أن يتقن صفة صوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصفة حج النبي وصفة صلاة النبي وغير ذلك من العبادات بالعلم ثم بعد ذلك يمارس هذه العبادة باطمئنان وبعلم، فإن أخطأ في أمور يعرف كيف يصلح هذا الخطأ.
وإذا فعل شيئًا ناسيًا مثلًا في الصيام فيعرف أن هذا الأمر لا يفطر، وكذلك لو أشعر بشيء من الماء دخل في حلقه بغير اختياره وهو يتمضمض فيعلم أنه ليس عليه شيء وصيامه صحيح.
فإذًا هذه الأمور التي تكلمنا عنها في هذا الدرس منها:
(1) إذا أكل أو شرب الصائم وهو ناسي فليس عليه شيء وهذه الآثار عندكم والأحاديث.
(2) وكذلك يجوز استخدام السواك قبل الزوال وبعد الزوال في النهار.
(3) كذلك إذا استنشق ودخل شيئـا في حلقه فليس عليه شيء.
(4) وكذلك إذا أقطر الدواء في عينيه أو في أذنه أو في أنفه لا يضر ذلك.
ولعل في الدرس القادم نتكلم عن الجماع في نهار رمضان، نعم فيه أي سؤال؟.