الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (37) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب اغتسال الصائم
2024-03-26
الجزء (37) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب اغتسال الصائم
بَابُ اغْتِسَالِ الصَّائِمِ.
وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثَوْبًا، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ القِدْرَ أَوِ الشَّيْءَ».
وَقَالَ الحَسَنُ: «لاَ بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ، وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ».
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا».
وَقَالَ أَنَسٌ: «إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ، وَأَنَا صَائِمٌ».
وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اسْتَاكَ وَهُوَ صَائِمٌ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «يَسْتَاكُ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَآخِرَهُ، وَلاَ يَبْلَعُ رِيقَهُ».
وَقَالَ عَطَاءٌ: «إِنِ ازْدَرَدَ رِيقَهُ لاَ أَقُولُ يُفْطِرُ».
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: «لاَ بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ» قِيلَ: لَهُ طَعْمٌ؟ قَالَ: «وَالمَاءُ لَهُ طَعْمٌ وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ».
وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ، وَالحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ بِالكُحْلِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا.
(1930) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُدْرِكُهُ الفَجْرُ فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ، فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ».
(1931) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ المُغِيرَةِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كُنْتُ أَنَا وَأَبِي فَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلاَمٍ، ثُمَّ يَصُومُهُ».
(1932) ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: مِثْلَ ذَلِكَ.
الشرح:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن: ما يباح للصائم من ((صحيح البخاري))، وذكر كذلك الباب الآخر هنا: «باب اغتسال الصائم»؛ أي هذا ما يباح كذلك للصائم.
وذكرنا في الدرس الذي سلف آثارٍ معلقة ذكرها الإمام البخاري، وذكر لكم هنا آثارًا كذلك معلقة بدون إسناد؛ وهي كلها صحيحة.
فمن ذلك أثر ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: وصله ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي عثمان قال: «رأيت ابن عمر وهو صائم يبل الثوب ثم يلقيه عليه»، وإسناده صحيح.
وأخرجه البخاري في: «التاريخ الكبير» من طريق إبراهيم بن موسى، قال أخبرنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي عثمان به.
وأثر الشعبي / في دخوله الحمام يغتسل في نهار رمضان: وصله ابن أبي شيبة في «المصنف» عن طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق قال: «رأيت الشعبي يدخل الحمام وهو صائم»، وإسناده صحيح.
وأثر الحسن البصري /: «لا بأس بالمضمضة، والتبرد للصائم»، عند عبد الرزاق في «المصنف» من فعله، وإسناده ضعيف، ولكنه صحيح عند البخاري في «صحيحه» تعليقا.
وأثر ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا سوف يأتي وهو كذلك عند البغوي في «الجعديات»، وابن أبي شيبة في «المصنف»، وابن حجر في «تغليق التعليق»
وأثر ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ذكره ابن حجر في «تغليق التعليق» في (ج3 ص153).
وأثر أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وصله ابن حجر في «تغليق التعليق» من طريق عبد الله بن علي، قال حدثنا عبد الله بن قاسم، قال حدثنا وكيع، عن عيسى بن طهمان قال سمعت أنس بن مالك وذكره.
وأثر ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما في السواك: أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق ابن عُلية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر به، بقوله أنه: «لم يكن يرى بأسًا بالسواك للصائم».
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق حفص عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر به، وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»
وأثر عطاء في: «لا بأس بابتلاع الريق للصائم»: أخرجه سعيد بن منصور في «السنن» من طريق ابن المبارك قال أخبرني ابن جريج عن عطاء ثم ذكر ذلك.
وأثر ابن سيرين: أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» هذه كلها موصولة هنا من طريق عبيد بن سهل عن عقبة بن أبي حمزة المازني وذكره.
وأثر أنس في الكحل: عند أبي داود في «السنن» من طريق أبي معاوية عن أبي معاذ عتبة عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس به.
وأثر الحسن البصري في الكحل: عند ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق عبد الأعلى عن يونس عن الحسن به.
وأثر إبراهيم في الكحل: كذلك أخرجه سعيد بن منصور في «السنن» من طريق جريج عن القعقاع بن يزيد به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق حفص بن غياث عن عن الأعمش عن إبراهيم قال: «لا بأس بالكحل للصائم ما لم يجد طعمه»
وأخرجه أبو داود في «السنن»، وانظر «تغليق التعليق» لابن حجر (ص 156).
والكحل سواء وجد طعمه في الحلق أو لا، فلا يُفطر، وسيأتي الكلام عليه.
-فإذًا يُباح للصائم على ما ذكرنا في الدرس الذي سلف:
قلنا يباح للصائم:
(1) المباشرة، وكذلك القبلة وغير ذلك مما ذكرنا في الدرس الذي سلف.
وكذلك يباح للصائم:
(2) السواك: كما ذكر المؤلف /، وكذلك هو من قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء» وفي رواية: «عند كل صلاة» أخرجه البخاري في «صحيحه».
فلم يخص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصائم من غيره، فيجوز أن يتسوك الصائم وغيره.
ففي هذا دلالة على أن السواك للصائم ولغيره عند وضوءه وعند الصلاة.
وكذلك يباح للصائم:
(3) المضمضة والاستنشاق: لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتمضمض ويستنشق وهو صائم، ولكنه منع الصائم من المبالغة فيهما، فيتمضمض ويستنشق الصائم ولكن لا يبالغ في المضمضة ولا في الاستنشاق، ويقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما» وهذا الحديث أخرجه أبو داود في «السنن»، والترمذي في «السنن»، وابن ماجه في «السنن» عن لقيط بن صبرة، وإسناده صحيح.
وكذلك يباح للصائم:
(4) الحجامة: على القول الراجح من أقوال أهل العلم وفي ذلك:
حديث ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو صائم» وهذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه».
وكذلك ثبت في «صحيح البخاري»، من حديث ثابت البناني قال: «سئل أنس بن مالك أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا إلا من أجل الضعف» وهذا في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ويتبين بأن الأحاديث التي في النهي عن الحجامة للصائم ضعيفة لا تصح، وبعض أهل العلم قال منسوخة؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم وهو صائم، ولم يمتنع الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ من الحجامة في رمضان إلا من أجل الضعف؛ فإذا كان الشخص سيضعف فيترك الحجامة.
وكذلك يباح للصائم:
(5) ذوق الطعام: وهذا مقيد بعدم دخوله في الحلق، ووصوله للمعدة، لكن يتذوق الصائم الطعام مثلًا لعله يزداد في الملح أو يقل، ونحو ذلك؛ لما ورد عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما كما ذكر الإمام البخاري لفظه تعليقًا «لا بأس أن يذوق الخل أو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم» وهذا الأثر عندكم عند البخاري تعليقًا، ووصله ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص47)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص261)، ويقول ابن تيمية / في ((الاختيارات الفقهية)) (ص108): (وأما إذا ذاق طعامًا ولفظه، أو وضع فيه عسلًا ومجه فلا بأس به للحاجة كالمضمضة والاستنشاق) فلا بأس بالأشياء هذه.
وكذلك يباح للصائم:
(6) صب الماء البارد على الرأس والاغتسال: كما ورد في «صحيح البخاري» والآثار على ذلك من فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن فعل الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
«وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر» وهذ الحديث، أخرجه أبو داود في «سننه»، وأحمد في «المسند» بإسنادٍ صحيح.
وكذلك يباح للصائم:
(7) الكحل والقطرة ومثلهما مما يدخل العين: وهذه الأمور لا تفطر، سواءً وجد طعمه في حلقه أو لم يجد، فلو اكتحل أو قطر في عينيه أو في أذنه أو غير ذلك حتى لو وجد في حلقه شيئًا فلا بأس في ذلك ولا يفطر، حتى لو كان مريضًا ويستعمل الدواء فلا بأس بذلك للعين، وبَيَّنَ هذا ابن تيمية / في «حقيقة الصيام»، وابن القيم في «زاد المعاد».
وكذلك يباح للصائم:
(8) تحليل الدم، والإبر في العضل: التي لا يقصد بها التغذية، أما الإبر التغذية فهي تفطر، أما الإبر في العضل للسكر وغيره فهذه الأمور لا تفطر؛ فهي ليست من المفطرات، أي إبرة إلا الإبر التغذية هذه المعروفة.
وكذلك يباح للصائم:
(9) شم الروائح الطيبة، والتطيب بالطيب، والبخور وغير ذلك: وبين ابن تيمية / في ((الاختيارات الفقهية)) (ص108)؛ بقوله: (وشم الروائح الطيبة لا بأس به للصائم)، حتى لو تعمد الصائم أن يشم هذه الأطياب، وهذا البخور حتى لو دخل في حلقه فلا يفطر؛ لأن المقصد الأكل والشرب وهذا بيناه كثيرًا.
وكذلك يباح للصائم:
(10) قلع الضرس: ومداواة جرحه وغير ذلك مما يحتاجه خارج البدن، حتى لو خرج الدم وابتلعه فلا يفطر؛ لأنه ليس أكلًا ولا شربًا، وهذا مداواة وعلاج، وهو خارج المعدة.
(11) ويباح له استعمال معجون الأسنان: أيضًا في نهار رمضان حتى لو وجد طعمه في لسانه فلا بأس بذلك، كالماء إذا تمضمض شعر بالماء في لسانه فلا بأس بذلك.
(12) يجوز كذلك للصائم أن يستعمل البخار: ليخفف عن نفسيه ضيق التنفس الحاصل من الضعف وغيره؛ لأن البخار عبارة عن هواء بارد وهو يكون في الفم؛ الفم هذا يعتبر من الخارج خارج الجسم كفعل المضمضة وغير ذلك ثم يستعمله الصائم في الفم وهو خارج ذلك.
ولعل إن شاء الله نكمل الأبواب الأخرى، في أي سؤال...؟، مسألة الجماع والاحتلام وغيره كله تكلمنا عنه عن مسألة كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطلع عليه الفجر وهو جنب كان يصوم، كل هذا بيناه في الدروس التي سلفت، نعم في أي سؤال؟
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.