الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (33) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب قول الله {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود}
2024-03-26
الجزء (33) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب قول الله {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود}
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].
فِيهِ البَرَاءُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1916) حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187] عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ، وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ، فَلاَ يَسْتَبِينُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ».
(1917) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، ح حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «أُنْزِلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ، مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187] وَلَمْ يَنْزِلْ {مِنَ الفَجْرِ} [البقرة: 187]، فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ: {مِنَ الفَجْرِ} [البقرة: 187] فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ».
الشرح:
الدرس الأول:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تكلمنا في الدرس الذي سلف عن حديث البراء بن عازب، وقد علقه الإمام البخاري في هذا الباب كذلك عندما قال: «فيه البراء، عن النبي r»، وهذا معلق، وهذا الباب باب قول الله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة:187]، ثم ذكر حديث ذكر حديث عدي بن حاتم، وحديث سهل بن سعد.
و«الخيط»: الذي يخاط به، جمعه «خيوط»، مثل فلسٍ وفلوس.
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ﴾؛ المراد بالخيطين: الفجران.
فالفجر: هو البياض، وهو الأبيض الصادق، والأسود هو الكاذب.
وحقيقته: حتى يتبين لكم الليل من النهار، فإذا تبين النهار أمسك الناس عن الأكل والشرب، فإذا ذهب النهار ودخل الليل فكلوا واشربوا، إذا لم يتبين للناس الفجر الصادق، يعني: الأبيض الصادق.
وقبله الفجر الكاذب، سواد مع بياض ثم بعد هذا البياض سواد، ثم بعد ذلك يأتي البياض الصادق فهذا هو الفجر الصادق، فليس بعده ليل، وبيأتي مزيد من هذا.
فحقيقة ذلك حتى يتبين لكم الليل من النهار، وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص98).
والخيط: السلك وجمعه خيوط وخيوطةٌ، مثل: فحلٍ وفحولٍ وفحولةٍ، فالخيط كذلك يطلق على السلك المعروف، وجمعه خيوطٌ وخيوطةٌ، مثل: فحل وفحول وفحولة.
والخيط الأسود: الفجر المستطيل، وقيل: سواد الليل.
والخيط الأبيض: الفجر المعترض. وانظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص82).
وقال الفيروز آبادي في «البحر المحيط» (ص688): (الخيط: السلك، وجمعه: أخياطٌ وخيوطٌ وخيوطةٌ، والخيط الأبيض والأسود: بياض الصبح وسواد الليل). هـ
والخيط الأبيض: بياض الصبح، وهذا خلاف ما نراه الآن من إمساك المفتين في السواد، وبل إفتاء المفتون بالإمساك في السواد وهي لغة العرب، ما أدري لغتهم ما هي إيرانية ولا كيف؟!.
هذا لغة العرب، والخيط الأبيض: بياض الصبح، وهؤلاء يفتون للناس أن يمسكون في السواد، ويتبين إن هؤلاء كلهم في سواد وفي مناهج سوداء، وفي دعوات سوداء، وفي طرق سوداء، حتى في عبادتهم التي يتعبدون بها في سوداء، ويفتون الناس أن يمسكوا في سواد، ظلمات بعضها فوق بعض، فالله سبحانه وتعالى ابتلى هؤلاء في هذه الظلمات والعياذ بالله؛ فلذلك هذا كلام أهل اللغة في هذا الأمر وبيأتي مزيد من هذا من الآثار والأحاديث تبين حقيقة الفجر الذي يكون عليه الأذان ويكون عليه الامساك عن الأكل والشرب.
والله سبحانه وتعالى بين أن نأكل ونشرب إلى أن يتبين الفجر الصادق هذا كلام الله.
والفجر: يقال فجر القناة فجرًا من باب قتل: شقها، وفجر الماء: فتح له طريق فانفجر، أي فجرى، وفجر العبد فجورًا من باب قعد: ففسق وزنى، وفجر الحالف فجورًا كذب، والفاجر: المائل عن الحق.
فالمبتدع فاجر، ويجوز أن تقول للمبتدع فاجر؛ لأنه مائل عن الحق، ومخالف للحق، كما أن الفاسق الزاني وشارب الخمر وغير ذلك فاجر مائل عن الحق.
* والفجر اثنان:
الأول: الفجر الكاذب: وهو المستطيل ويبدو أسودًا معترضًا، هذا الفجر الكاذب وهو المستطيل في الأفق يكون ويبدو أسودًا معترضًا.
والثاني: الفجر الصادق: وهو المستطير يعني المنتشر، ويبدو ساطعًا يملأ الأفق ببياضه، وهو عمود الصبح ويطلع بعدما يغيب الأول، وبطلوعه يدخل النهار، ويحرم على الصائم كل ما يفطر به، هذا الفجر الصادق.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص240)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ص479).
فهذا واضح، هذا هو الفجر نور ليس سواد، والثاني الصادق هو المستطير المنشر في الأفق، ويبدو ساطعًا يملأ الأفق ببياضه فهذا هو الفجر الصادق، وهذا يكون عليه الأذان ويكون عليه الإمساك، وهو عمود الصبح، ويطلع بعدما يغيب الأول، بعدما يغيب الفجر الكاذب يخرج وبطلوعه يدخل النهار هنا يحرم على الصائم كل شيء يفطر به.
وسمي الفجر: «فجرًا»؛ لأن الصبح ينفجر منه، وهذا كلام أهل اللغة العربية، وهذا واضح، لكن الآن الإمساك على السواد والآذان على السواد، فأين انفجار الصبح فهذا انفجار السواد، والأصل لابد أن ينفجر الصبح.
وقال الرازي في «مختار الصحاح» (ص 206): (الفجر في آخر الليل كالشفق في أوله، وقد انفجرنا كأصبحنا من الصبح). اهـ
الكلام واضح، فالفجر في آخر الليل كالشفق في أوله خروج الشفق في أول الليل.
كالشفق: يعني الشفق الأحمر، كما بيناه في مواقيت الصلوات الخمس في شرح صحيح مسلم، الشفق الأحمر فهذا بقايا الشمس فهذا الشفق يكون في السواد حتى بعد ذلك يذهب، وهذا وقت صلاة العشاء، والفجر في آخر الليل.
يقول الفيروزآبادي في «القاموس المحيط» (ص 479): (الفجر ضوء الصباح)، وهذا واضح كلام الفيروز آبادي (الفجر ضوء الصباح ) ضوء ينتشر في السكك والطرق والبيوت ويكون بعد ذلك وهو حمرة الشمس ؛ فهذا الفجر ضوء في الأفق مع الحمرة، والحمرة هذه حمرة الشمس كما يخرج الشفق الأحمر في أول الليل حمرة الشمس وفي آخر الليل تخرج هذه الحمرة وهي حمرة الشمس كذلك.
يقول الفيروز آبادي: (وهو حمرة الشمس في سواد الليل، وهو آخر الظلمة)، وهو ما يسمى بالغلس، ثم يقول: (وقد انفجر الصبح وتفجر وانفجر عنه الليل) على هذا سمي الفجر لأن الصبح ينفجر منه ويخرج ويتضح.
وحديث عدي بن حاتم رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هذا أخرجه مسلمٌ في «صحيحه»، وأبو داود في «سننه»، والترمذي في «سننه».
وقوله «عقال»: الحبل الذي يعقل به البعير.
وعمدت إلى عقال أسود، فالعقال هو الحبل الذي يعقل به البعير، أسود وأبيض، فظن بأن هذا هو الفجر، فلم يرى شيئًا كما عندكم في الحديث حتى بين لهم النبي r ذلك.
وقوله «فلا يستبين»: فلا يظهر شيئـًا.
وقوله «فغدوت على رسول r»: ذهبت أول النهار.
فالنبي r بين له، «فذكرت له ذلك، فقال: إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار».
وبياض النهار هذا هو الفجر الصادق.
وقوله إنما ذلك المذكور بقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ من الفجر﴾.
فإذا بان لنا الفجر أمسكنا عن الشراب والطعام والجماع، وإن لم يخرج جاز لنا الأكل والشرب والجماع وهذا هو الأصل في ذلك بإن الإمساك يكون على خروج الفجر الصادق، والآية هذه واضحة في ذلك والإمساك على هذا أذن المؤذن أو لا، أفتى المفتون بالإمساك أو لا، الأصل عندنا الفجر الصادق، فإذا خرج الفجر أمسكنا وإلا فلا.
وهذا الحديث فيه تفسير للنبي r للآية، وهذا أفضل ما فسر به القرآن الكريم أن يفسر من قبل النبي r يفسر بالسنة.
فبين النبي r في قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ﴾ إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار فهذا تفسير النبوي للقرآن.
وحديث سهل بن سعد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أخرجه كذلك مسلم في «صحيحه»، والنسائي في «السنن».
والخيط الأبيض: الفجر الصادق المعترض في الأفق، والخيط الأسود: ما يمتد معه من غلس الليل وسواده. وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج4 ص532).
وألفاظ الحديث الثاني مثل الحديث الأول، ومثل ألفاظ الآية.
فإذًا عندنا في قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة:187].
قال أهل التفسير في هذه الآية، في قوله: الخيط الأبيض: ضوء النهار، وبقوله: الخيط الأسود: سواد الليل، وانظر: في هذا «تفسير الطبري» (ج3 ص509).
ويقول أهل التفسير في هذه الآية:
فعندنا قول الحسن البصري، في قوله تعالى: «﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ من الفجر﴾؛ قال: الليل من النهار»، وهذا واضح.
وهذا التفسير: أخرجه الطبري في «تفسيره» وإسناده صحيح؛ لأنه من طريق روح بن عبادة قال حدثنا الأشعث عن الحسن البصري به، وإسناده صحيح.
وقال السدي في قوله تعالى: «{حتى يتبين لكم الخيط الأبيض، من الخيط الأسود من الفجر}؛ قال: حتى يتبين لكم النهار من الليل»، فبعد ذلك يكون الإمساك، أما ما زالت الظلمة موجودة فلا نمسك عن الأكل والشرب حتى لو أحدثوا لنا الأشياء الحديثة هذه للإمساك وأرقام ووقت وما شابه ذلك فلا نمسك مادام السواد باقٍ والظلمة موجودة لأن هذه التفاسير هي الصحيحة ولابد أن نمشي على منهج السلف، وتفاسير السلف للآيات حتى يتبين لنا الليل من النهار فيتبين النهار جيداً ثم بعد ذلك نمسك عن الأكل والشرب.
وتفسير السدي: أخرجه الطبري في «تفسيره» من طريق موسى بن هارون قال حدثنا عمرو بن حماد قال حدثنا عن ... السدي به، وإسناده صحيح.
وقال أبو كريب قال حدثنا أبو بكر بن عياش وقيل له أرأيت قول الله تعالى: {الخيط الأبيض، من الخيط الأسود من الفجر}؛ قال إنك لعريض القفى -يعني: في غفلة قال: هذا ذهاب الليل ومجيء النهار».
وهذا التفسير: أخرجه الطبري في «تفسيره» من طريق أبي كريب قال حدثنا أبو بكر بن عياش به، وإسناده حسن.
فقال هذا ذهاب الليل ومجيء النهار فهذا هو الأصل فإذا جاء النهار ودخل أمسكنا عن الأكل والشرب، فإذا لم يدخل علينا النهار والصبح فلا إمساك، ويؤيد ذلك: حديث عدي بن حاتم رَضِيَ اللهُ عَنْهُ هذا لفظ آخر غير الذي عند البخاري، فهذا لفظ آخر يوضح لك هذا الأمر جيدًا.
فلابد من العلم والرجوع إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف حتى يتبين لنا الأحكام الصحيحة، وأن كثر الناس في الخلافيات فيها وتكثر الناس في السنن خلاف هذه الأمور فلا نعول عليهم ولا نتبعهم في شيء، بل نتبع كتاب الله وسنة النبي r ومنهج السلف حتى لو كنت وحدك في بلدك، فلا تمسك على ما يمسك هؤلاء فعليك بالكتاب والسنة.
فيقول عدي بن حاتم: لما نزلت هذه الآية ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ﴾[البقرة:187] عَمَدْتُ إِلَى عِقَالَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَسْوَدُ، وَالْآخَرُ أَبْيَضُ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادِي، قَالَ: ثُمَّ جَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمَا، فَلَا تُبِينُ لِي الْأَسْوَدَ مِنَ الْأَبْيَضِ، وَلَا الْأَبْيَضَ مِنَ الْأَسْوَدِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَقَالَ: ((إِنْ كَانَ وِسَادُكَ إِذًا لَعَرِيضًا، إِنَّمَا ذَلِكَ بَيَاضُ النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ)).
هذا قول النبي r إنما ذلك بياض النهار: يعني الضوء والنور، من سواد الليل فيظهر النهار ويذهب السواد هذا الإمساك عليه بيأتينا الأحاديث إمساك النبي r ومتى كان النبي r يتسحر، وهكذا كان الصحابة والسلف حتى إن في شيئًا من البياض والنور كان النبي r يتسحر أحيانًا والصحابة والسلف على هذا وسيأتي إن شاء الله غدًا عندما ننتهي من مسألة الفجر نتكلم غدًا إن شاء الله ونفجر المسائل تفجيرا.
وهذا لفظ آخر وهو كذلك عند أبي داود في ((سننه))، وأحمد في ((المسند))، وكذلك عندكم في البخاري ومسلم، وهذا كذلك لفظ آخر يختلف عن اللفظ الذي عندكم، يقول عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ أَهُمَا الْخَيْطَانِ؟ قَالَ: ((إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا إِنْ أَبْصَرْتَ الْخَيْطَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لَا، بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ)).
وهذا اللفظ: أخرجه الطبري في ((تفسيره)) من طريق أَبي كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ، وَابْنُ عُلَيَّةَ جَمِيعًا، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ به، وإسناده حسن.
وبنحوه عندكم في ((صحيح البخاري)) عن مقارنة هذا الإسناد، وكذلك يؤيد ذلك حديث سهل بن سعد الذي عندكم وهو كذلك عند الطبري في ((تفسيره)).
قال الطبري في ((تفسيره)) (ج 3 ص515): (وقال متؤلوا قول الله تعالى: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}؛ أنه بياض النهار» وهذا واضح هذا قول أهل التأويل في الصحيح أهل التفسير يقول أنه بياض النهار وسواد الليل، صفة ذلك البياض أن يكون منتشرا مستفيضا في السماء يملأ بياضه وضوءه الطرق، فأما الضوء الساطع في السماء فإن ذلك غير الذي عناه الله تعالى بقوله {الخيط الأبيض من الخيط الأسود}). اهـ
فإذً هذا الفجر الصادق، وهذه صفة الفجر الصادق، أن يكون منتشرًا ومستفيضًا يعني منتشرًا بشدة، في السماء يكلأ بياضه وضوءه الطرق وكذلك يكون نور في الطرق والسكك.
قال أهل التفسير أقوالهم، أما أهل التعالم فلا يعتد بخلافهم لأن هذا الأمر مجمع عليه.
وقد اجتمع الدليل من الكتاب والسنة وأقوال السلف وأهل التفسير كلهم على هذا أنه بياض النهار.
وعَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: «الضَّوْءُ السَّاطِعُ فِي السَّمَاءِ لَيْسَ بِالصُّبْحِ، وَلَكِنْ ذَاكَ الصُّبْحُ الكاذب، إِنَّمَا الصُّبْحُ إِذَا انْفَضَحَ الأُفُقُ».
أخرجه الطبري في «تفسير» بإسناد صحيح. فإذاً يرى بالعين ضوءه.
وعَنْ مُسْلِمٍ، قَالَ: «لَمْ يَكُونُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ فَجْرَكُمْ، إِنَّمَا كَانُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ الَّذِي يَمْلَأُ الْبُيُوتَ وَالطُّرُقَ».
هذا هو الفجر يملأ البيوت نورًا والطرق، أنت ترى الفجر الصادق حتى وأنت في بيتك ما تحتاج أن تصعد فوق سطح أو تخرج خارج البيت وتطلع وإلى آخره فلا حاجة إلى ذلك بل ترى الفجر من النافذة، وهذا الذي بيناه أن الله سبحانه وتعالى سهل لنا علامات لتأدية الخمس صلوات للإمساك وغير ذلك.
وهذا التفسير: أخرجه الطبري في «تفسيره»، بإسناد صحيح قول مسلم.
وقال ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: «هما فجران، فأما الذي يسطع في السماء فليس يحل ولا يحرم شيئـا، ولكن الفجر الذي يستفيض على رؤوس الجبال هو الذي يحرم الشراب».
أخرجه الطبري في «تفسيره»؛ بإسناد صحيح.
فهؤلاء الآن المفتون يمسكون على الفجر الكاذب وهذا ليس عليه الإمساك، بل الإمساك على الفجر الصادق الذي يستبين على رؤوس الجبال وهو الذي يحرم الشراب.
«وأكل ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في هذا الوقت عند خروج الصبح».
أخرجه الطبري في «تفسيره» بإسناد صحيح، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في ((شرح تفسير الطبري)) (ج3 ص520)، وذكره الهيثمي في ((الزوائد)).
سؤال:........
الذين إذا قرؤوا القرآن أو بعض الآيات التي ممكن أن يقال فيها قول: صدق الله، فيأتون بهذه اللفظة وبهذا الكلام، وهذا لم يرد عن النبي r ولم يرد عن الصحابة فإذا قرؤوا القرآن يقول صدق الله، فإذا ختم القارئ سورة مثلًا أو آية أو ما تيسر من القرآن فلا يأتي شيئًا من ذلك لأن لم يثبت عن النبي r هذا الأمر.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.