الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (29) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نكتب ولا نحسب"
2024-03-12
الجزء (29) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا نكتب ولا نحسب"
بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ».
(1913) حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا» يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاَثِينَ.
الشرح:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وأخذنا في الدرس الذي سلف باب «شهرا عيدٍ لا ينقصان» وبينا ذلك، وهذا الباب باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكتب ولا نحسب» ثم ذكر حديث ابن عمر في ذلك وهو صريح في هذا الأمر.
وحديث ابن عمر هذا: كذلك أخرجه مسلم في «صحيحه»، وأبو داود في «سننه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «السنن الصغرى».
وقوله «أمة»: جماعة العرب، ومعنى «أمة» جماعة في لغة العرب ولها كذلك معاني أخرى.
وكلمة «الأمة» لها ثلاث اطلاقات في القرآن:
(1) بمعنى قدوة: يعني أمة قدوة، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ﴾ [النحل:120]؛ يعني قدوة لأهل الخير إلى أن تقوم الساعة، فهذا المعنى الأول أو الاطلاق الأول على كلمة أمة فمعنى أمة يعني قدوة، والمعنى إن إبراهيم كان قدوةً، وإبراهيم عليه السلام هو قدوةٌ لأهل الخير إلى أن تقوم الساعة، فعلى الناس أن يتمسكوا بملة إبراهيم عليه السلام؛ ولذلك كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تمسك بملة إبراهيم ونحن نقتدي بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك.
(2) الإطلاق الثاني بمعنى مقدار من الزمن: ومنه قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف:45] يعني: بعد زمنًا، أو بعد مدة، فهذا الاطلاق الثاني على أمة بمعنى مقدار من الزمن.
(3) والإطلاق الثالث بمعنى جماعة: ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً﴾ [الأنبياء:92]؛ يعني: جماعة واحدة.
وهو المراد هنا، فالمراد من الحديث «إنا أمة أمية»: أمة هنا بمعنى الجماعة، والمراد بالأمة أتباع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وذلك لأن الدين أي الدين الإسلامي دين جماعة، لا دين تفرق واختلاف، فليس فيه يعني الإسلام تفرق وأحزاب والجماعات، وجمعيات حزبية فكل هذه مخالفة للإسلام.
فهذه الأمة جماعة واحدة متمسكة بكتاب الله وسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن خالف ذلك فهو منحرف، وانحرافه بحسبه، بحسب انحرافه، ممكن أن يخرج من الإسلام، وممكن أن يكون مبتدعًا بدعته غير مكفرة، أو ممكن أن يكون عاصيًا.
وبين الشيخ ابن باز ذلك في حديث الافتراق «وسوف تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: ما عليه أنا اليوم وأصحابي»، كما في حديث ابن عمرو في سنن الترمذي وغيره.
وبين الشيخ ابن باز في هذا الحديث بأن الذين افترقوا منهم الكافر ومنهم المبتدع ومنهم العاصي، فبعدهم وخروجهم من الإسلام بحسب مخالفته.
وانظر: «إعانة المستفيد» للشيخ الفوزان، (ج1 ص103).
إذًا عندنا «الأمة»: المراد بها هنا الجماعة، وهم اتباع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهناك معاني في هذا المعنى الثاني بمعنى مقدار من الزمن، وبمعنى القدوة.
وقوله «إنا أمة أمية»: «أمية»: أي لا تقرأ ولا تكتب، نسبة إلى الأم، أي على الحالة التي ولدتنا عليها الأمهات، والمولود جاهل ولا يعلم ولا يقرأ.
وانظر في هذا: «عمدة القاري» للعيني (ج9 ص40)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج4 ص527).
قال الفيومي في «مصباح المنير» (ص14): (الأمي: في كلام العرب الذي لا يحسن الكتابة، فقيل نسبة إلى الأمي؛ لأن الكتابة مكتسبة فهو على ما ولدته أمه من الجهل بالكتابة، وقيل نسبة إلى أمة العرب؛ لأنها كان أكثرهم أميين). اهـ
فالفيومي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ ذكر بالنسبة إلى أي نسبة؟ منهم من قال نسبة إلى الأم أمه نسبة إلى الأم، أو أمية بالنسبة إلى الأم لأن المولود يولد ما يعرف شيء لا يعرف الكتابة من القراءة، ومنهم من قال نسبة إلى أمة العرب قديمًا، كان أكثرهم أميين لا يعرفون الكتابة ولا القراءة.
وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لا نكتب»: أي قليل فينا من يكتب.
والأكثر لا يعرف الكتابة، وقليل من الأمة في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يعرف الكتابة كمعاوية وحسان بن ثابت وغيرهما من الصحابة يعرفون الكتابة.
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ولا نحسب»: أي لا نعرف حساب النجوم وتسييرها، فكان أناس يعرفون هذا الحساب على طريقة النجوم وهم قلة، كما أن في الكتابة قلة في أمة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عهده.
«ولا نحسب»: لا نعرف حساب النجوم وتسييرها، فلم نكلف في مواقيت عباداتنا ما يحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتابة، فهذا هو المعنى.
فالله سبحانه وتعالى لم يكلفنا في معرفة المواقيت والعبادات وهذا فيه تكليف كبير، فنتعلم حساب النجوم والأفلاك وإلى آخره، فلا نحتاج إلى ذلك، فالله سبحانه وتعالى لم يكلفنا.
فهناك إذا رأينا المواقيت مواقيت الصلوات، أو مثلًا دخول شهر رمضان برؤية الهلال، فأي شخص يستطيع إذا تحرى الهلال أن يراه ولا نحتاج إلى هذه الرؤية حساب وأرقام وإلى آخره؛ لأن هذا الأمر يشق علينا في الحقيقة، فيشق علينا أن نتعلم الحساب ونتعلم علم الفلك وإلى آخره كما الآن في هذا الزمان.
فشقوا على أنفسهم بالكتابة وطباعة المواقيت والتأويل والحساب وإلى أخره وأرقام، وأكثر الناس لا يعرفون هذه الأمور ماذا في هذا التقويم من أرقام ومن ضبط للصلوات في كذا في كذا، فهذا يشق على الأمة بلا شك.
فلذلك الله سبحانه وتعالى ما كلفنا هذا، بل ممكن أي شخص يعرف دخول الصوم أي صوم رمضان برؤية الهلال، ولا نحتاج إلى الحساب، وكذلك المواقيت مواقيت الصلوات ما يحتاج إلى هذا الترقيم الوقت وإلى آخره، ممكن شخص يعرف بسهولة دخول صلاة الفجر ودخول صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، بدل هذه الأرقام والتقاويم وصرف الأموال الطائلة على ذلك وتوفيرها وإلى آخره، فالله سبحانه وتعالى يسرها إلينا ما نحتاج إلى هذا الأمر فأي مؤذن يعرف هذا الأمر ينظر ويرى وهذه العلامات أكيدة وثابتة ما تتغير، فإذا رأى الفجر الصادق فيعلم أن هذا وقت الفجر قد دخل، ولا يتشكك الناس ولا يختلف الناس على هذا.
لكن الناس يختلفون على هذا التقويم فما أكثرهم الكلام معروف لأن هذا يقدم وهذا يؤخر وتقاويم، البلدان تختلف الكل يفعل له تقويم هذا يقدم وهذا يؤخر هذا الساعة كذا يؤذن وهذا الساعة كذا يؤذن واختلاف وهذه مشقة على الناس.
لكن ما يختلف جميع البلدان في العالم لوطبقوا علامات المواقيت الثابتة في الكتاب والسنة ما يختلفوا؛ لأن يستحيل شخص أن يختلف لكن لو خرج الفجر الصادق أذن يخالفك مستحيل وثابت وصلاة صحيحة في هذا الأمر.
وانظر إلى أهل المواقيت والتقاويم في العالم تختلف الكل يفعله بل البلد الواحد هذا يفعله تقويم وترى الوقت يختلف عن الآخر الذي يفعل هذا التقويم، وهذا يفعل له تقويم، وهذه الجمعية تفعل لها وهكذا.
واختلاف البلد الواحد وهؤلاء شقوا على أنفسهم؛ لأن كل واحد يريد سمعة وشهرة بجمعيته بهذا الأمر.
ولذلك وقعوا في أخطاء في صلاة الظهر، في صلاة العصر في صلاة المغرب، في الفجر.
فلذلك نحن أمة لا نتكتب ولا نحسب، ومع ذلك الله سبحانه وتعالى يسر لنا هذا الأمر وهذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان أكثرهم أميين لا يعرفون القراءة ولا الكتابة من أمة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكن يعرفون ويضبطون مواقيتهم من الصلاة ومن الصيام والحج وغير ذلك، فيعرفون دخول الصوم من الأهلة ولم يختلف هؤلاء الذين ضبطوا هذه العلامات.
لم يختلف إلا أهل البدع وأصحاب الأهواء في رؤية الهلال هذا يقول تقدمنا وهذا يقول تأخرنا وهذا يقول نمشي على التقويم وإلى آخره على ما بينا، فخلاف بسبب إن ليس لهؤلاء ضابط.
فالعلامات الشرعية التي وضعها الله سبحانه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم منضبطة، ثابتة، ما تتغير، ولو طبقها الناس ما اختلفوا إلا في أشياء عارضة ويسيرة، لكن لابتعاد هؤلاء عن العلامات الشرعية، وعن الأحكام الشرعية فاختلفوا في أشياء كثيرة إلى أن وصلوا إلى الاختلاف في التوحيد وهذا بسبب هذا الخلاف والعياذ بالله، فشقوا على أنفسهم، ولكن لو طبقوا هذا لتيسر لهم الأمور.
ولذلك أكبر مشقة على هؤلاء الناس في رمضان يمسك أحدهم قبل طلوع الفجر ممكن بساعة أو بنصف ساعة، فإذا أذن المؤذن وكان كثير من الناس قد ناموا ما يستطيعون الأكل رغم أنه يجوز أن يأكل هؤلاء لأن الفجر الصادق لم يخرج لكن بجهلهم فيشقون على أنفسهم في نهار رمضان لأنهم لم يتسحروا فيبقى عطشان أو جائع هذا بسبب الجهل فهذه مشقة والله سبحانه وتعالى لم يكلفنا ذلك بل يجوز لهؤلاء الناس أن يأكلوا إلى أن يطلع الفجر الصادق، وهذا هو الأصل في ذلك.
ويقول ابن حجر في «فتح الباري» ج4 ص127: (قوله باب قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لا نكتب ولا نحسب))، بالنون فيهما، والمراد: أهل الإسلام الذين بحضرته عند تلك المقالة، وهو محمول على أكثرهم، أو المراد: نفسه صلى الله عليه وسلم). اهـ
فقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحن أمة لا نكتب والا نحسب هذا لأهل الإسلام في عهده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقل منهم من يعرف يقرأ ويكتب، وفي هذا الزمان كثير من أمة النبي يعرفون القراءة والكتابة، لكن المراد هنا في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن كان في الأمة كثير من أهل هذا الزمان لا يعرف يقرأ ويكتب أو ضعيف في القراءة جدًا والكتابة خاصة كبار السن.
ولذلك على ما عند الأمة من هذا الأمر في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن بعده إلى أن تعلم الناس الكتابة والقراءة يسر الله لهم هذا الدين فيعرفونه بيسر ما يحتاج إلى قراءة وكتابة، مع هذا الله سبحانه وتعالى يسر لهم ذلك، وممكن أن يلقن وممكن أن يحفظ، ولذلك في هذه الأمة حفاظ كثيرون يحفظون الكلام خاصة من صحابة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كانوا يحفظون ما يقول النبي وانظر الآن إلى الألوف المؤلفة من الأحاديث كيف تنقل إلينا، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الكتابة للحديث في عهده لكي لا يختلط بالقرآن ومع هذا حفظوا هذه الأحاديث، ونحن في الحقيقة ما نحتاج لحفظ هذه الأحاديث فالله سبحانه وتعالى يسر لنا الكتابة والقراءة.
فلكل زمان الله سبحانه وتعالى تيسير للناس بحسبهم بحسب قوتهم وضعفهم؛ لأن الدين هذا يسر فيه، ويسير ممكن أي شخص يعرفه وبينا هذا الأمر في الدروس التي سلفت، وهؤلاء الناس العياذ بالله يشقون على أنفسهم معرفة الدين، فيبقى جاهلًا إلى أن يموت، كيف أنا أفهم هذا الحديث؟ وكيف أحفظ؟، وكيف.. وإلى آخره وكيف أطلب العلم فيصعب على نفسه فيعرض؛ فيعرض الله عنه ولذلك ترى هؤلاء العامة من كبار السن ومن الشباب يعرضون عن العلم وعن تعلم العلم فيبقى هؤلاء جهال وعوام وإلا الأصل لابد على هؤلاء أن يجتهدوا في دين الله سبحانه وتعالى.
ولذلك ترى هؤلاء يجتهدون في علم الدنيا ويتركون علم الدين وهو الأصل في هذه الحياة فيبين هذا الأمر ابن حجر ثم يقول ابن حجر في ((فتح الباري)) (ج4 ص127): (.. ولا يرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة). اهـ
فليس المقصود أنهم ليس فيهم من يكتب ويحسب كان فيهم ولكن قلة نادرة
(..والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضا إلا النزر اليسير فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم). اهـ
فانظر إلى هذا التيسير مع أنهم لا يعرفون الحساب ولا يعرفون الكتابة ولا يعرفون يحسبون النجوم وإلى آخره فتطور الأمر هناك في معرفة الفلك والأفلاك وإلى آخره كما لا يخفى عليكم ومع هذا الله سبحانه وتعالى علق دخول صوم رمضان برؤية الهلال أنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ومع هذا انظر السنين والقرون تترا في الأمة وهم يعرفون كيف يصومون، ويعرفون متى يدخل شهر رمضان ومتى سيخرج، ومتى يدخل وقت الصلوات مثل وقت الظهر ومتى يخرج، ودخول الشهور والسنين وأشياء كثيرة بينها أهل العلم، وهذه كتبهم واضحة في هذا الأمر ومع هذا تخرجوا كُتاب وحفاظ وعلماء يرجع إليهم الناس إلى يومنا هذا ما يستطيع شخص أن يتخلى عن علم هؤلاء، هذه بركة هذا الدين على الناس إذا اقبلوا عليه، ما يحتاج الناس إلى ذلك على هذه الانشقاقات والتقويمات وإلى آخره.
فديننا دين يسر يقول ابن حجر: (لرفع الحرج عن الأمة) فلو جعل دخول صوم رمضان مثلًا على حساب النجوم فشق على الناس من يعرف ذلك فلا يعرف ذلك إلا القلة لكن عشرة بعلامة واحدة متيسرة حتى الصغار يرون ذلك، وهذا من تيسير الله سبحانه وتعالى على الأمة، وهذه آية من آيات الله سبحانه وتعالى في هذه الأمة أنها لا تحسب ولا تكتب ومع هذ افيها من الحفاظ والقراء وإلى آخره، يعني خرجوا من الصحابة وبعدهم من التابعين وتابعي التابعين وإلى آخره وهكذا، وهذه آية ونعمة كذلك على هذه الأمة فلابد أن تشكر هذه الأمة هذه النعمة العظيمة.
وكذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين ذلك أن هذه الأمة أمية لا تعرف أن تكتب ولا تحسب ومع هذا يعرفون دينهم والله سبحانه وتعالى يسر لهم هذا الدين فلماذا هذه المشقات التي نسمعها؟! مؤتمرات تترا أموال طائلة تذهب من السكن والحفلات وإلى آخره والشراب والطعام وأشياء كثير يفعلونها يتدارسون الدين والدين يسر ومع هذا يخرج هؤلاء مختلفون في الكتاب، ومختلفون على الكتاب ولن يخرج هؤلاء بشيء ويبقى يخرج هؤلاء بما عندهم من العلم المخلط وإلى آخره.
فلماذا هؤلاء لا يجتمعون على الكتاب والسنة؟ ويقولون لهؤلاء يجب عليكم أن تحلوا أحزابكم وجمعاتكم ومذاهبكم هذه الحزبية البدعية وتتفقوا على الكتاب والسنة فيكون اتفاق والذي لا يريد ذلك يضرب ضربًا مبرحا، ويوضع عليه العقبات لكي يرتدع هو وغيره، ثم نأتمر بأوامر الله وأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم وتكون يسير على هؤلاء ولا يسير على الامة عن هذه المؤتمرات والاجتماعات وصرف الاموال وإلى آخره.
إننا نجتمع في أمور ونتشاور في أمور يسيرة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتشاور ومن بعده الخلفاء الراشدون ولا ...حفاظ في أمور يسيرة أما هذا الزمان كل يوم اجتماعات ومؤتمرات وإلى آخره ولا يخرجون بشيء؛ لأن هؤلاء مختلفون في الكتاب وعلى الكتابة، فعلى هؤلاء إن أرادوا ألا ينشقون على أنفسهم ويحرصون على اموالهم وأوقاتهم وإلى آخره فعليهم بتطبيق ما بينه الله سبحانه وتعالى والنبي صلى الله عليه وسلم خاصة في مواقيت الصلوات، وبدخول رمضان وخروجه بدل هذا الاختلاف.
ثم يقول ابن حجر: (فمعنى حساب التسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا) هذا الحديث يبين ما معنى هذا الحكم هل روي بغيرها بالحساب أصلًا، فجعلها الله بالرؤية وإذا لم نراه نحسب ونكمل عدة شعبان ثلاثين يوما وهذا تيسير ما يحتاج هذا الحساب.
ثم يقول بعد ذلك (ويوضحه قوله في الحديث الماضي فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ولم يقل فسألوا أهل الحساب)، فهذا قول ابن حجر فلذلك هؤلاء يريدوننا أن نرجع إلى الفلكيين، ما أمرنا الله بذلك ولا رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل أمرنا بما أمر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نكمل عدة شعبان ثلاثين يوما ثم نصوم وهكذا في خروج رمضان فإن رأيناه أفطرنا وإن لم نره أكملنا عدة رمضان ثلاثين يومًا ثم أفطرنا وهذا تيسير بدل هذه الخلافيات؛ بسبب هذه التقاويم وللرجوع إلى المتعالمين ورؤوس الجماعات والجمعيات، ولم يقل فاسألوا أهل الحساب.
(والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الخلاف والنزاع عنهم)، وإلى إذا لم يطبق ذلك فيكون هناك خلاف وتنازع فيستوي فيه المكلفون كلهم يعرفون كيف يصومون ويفطرون برؤية الهلال فيستوي الجميع فيستطيع الجميع أن يفرق برؤية الهلال لكن إذا جعلناه على الحساب وحساب الفلك في هذا من يعرف ما عندنا هذا في البلد أقل من القليل وهذا فيه على الناس مشقة، لكن في الرؤية في رؤية الهلال يستوي الجميع برؤية الهلال فيرتفع الخلاف والنزاع عنهم.
ثم يقول: (وقد ذهب قوم إلى الرجوع إلى أهل التسيير-يعني أهل الحساب- في ذلك وهم الروافض) فالذين يخالفون ذلك هم المبتدعة فليس علينا من المبتدعة، فعلينا بكتاب الله وسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما لنا والرافضة وما لنا والفلكيين وأهل البدع وأصحاب الأهواء، هذا يقول كذا وهذا يقول كذا، حتى منهم من الرافضة في البيت الواحد إذا فيه خمسة أشخاص هذا يصوم على فلان وهذا يصوم على فلان وهذا يصوم على فلان وهذا يصوم على فلان فهذا كله من البدع وهذا كله خلاف ليس له أصل وهؤلاء يقولون الآن بالتقويم الفلكي يريدون الأمة تختلف كما اختلفوا فلكن هذه الأمة أمة واحدة فعليها أن تتمسك بالكتاب والسنة فلا تختلف بعد ذلك.
يقول ابن حجر: (وقد ذهب قوم إلى الرجوع إلى أهل التسيير في ذلك وهم الروافض ونقل عن بعض الفقهاء موافقتهم).
يأتي ذلك ممكن عالم يقول لنا كذا نمشي على التقويم، وأن أصحاب الأفلاك عندهم علم في هذا، فنحن لسنا مرتبطين بقوله، ونقول أنه اجتهد وعلينا بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن نمشي مع كتاب الله وسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن وفق على ذلك من العلماء والفقهاء، أن نمشي على هذه العلامات في مواقيت الصلوات وفي دخول رمضان وخروج رمضان وكذلك الشهور الأخرى، وكذلك دخول الحج لمعرفة يوم عرفات.
فممكن يأتي عالم من العلماء والفقهاء فيوافق الفلكيين؛ فيأتي بالنص بما يقوم به أصحاب الأفلاك فنحن غير ملتزمين بقوله بل نلتزم بالكتاب والسنة، وأهل العلم يصيبون ويخطئون كما بيناه كثيرًا ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء:59]، هذا أصل.
فلا يأتينا شخص ويقول لنا فلان يقول وفلان يقول وهؤلاء من أهل السنة، فنقول له هم أهل اجتهاد علماء وفقهاء من أهل السنة لكن اجتهدوا وأخطؤا في هذا لأن هذه العلامات كثيرة لمعرفة دخول صلاة الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو دخول رمضان فممكن أن يأتي ويقول لا نصوم على التقويم ونفطر على التقويم وهذا رأيي ورأيك هذا باطل، عندنا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» هذا هو الأصل.
وهذا الأمر قد أجمع عليه السلف والعلماء والحفاظ في مواقيت الصلوات ودخول رمضان وخروجه وإلى غير ذلك من العلامات، فالقول قولهم، لأن ممكن أن يتأتى عالم من العلماء بهذه الأمور العصرية، والله سبحانه وتعالى يسر لنا هذا الأمر، فيبين هذا الباجي وابن بزيزة.
فيقول ابن حجر رحمه الله تعالى: (ونقل عن بعض الفقهاء موافقتهم قال الباجي وإجماع السلف الصالح حجة عليهم) على دخول رمضان وخروج رمضان بالهلال والمواقيت.
ويقول ابن حجر: (وقال بن بزيزة وهو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدث وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق إذ لا يعرفها إلا القليل). اهـ
الباجي: نقل الإجماع على ذلك فلا حاجة لنا في التقاويم وإلى آخره، ولا بالفلك عندنا علامات واضحة، وكذلك ابن بزيزة يقول هذا مذهب باطل بلا شك لو علقنا ذلك فهذا الأمر ظن ولذلك ترى التقاويم هذه كلها ظنون يكتبون أرقام كلها ظنية فتخالف هذه العلامات الشرعية وهذا في الحقيقة الذي يأخذ بهذا فكلامه باطل ومردود وقد نهت الشريعة الخوض في هذه الأفلاك وإلى آخره.
لا نأخذ إلا ما صح لأن ليس كل شيء يقول به الفلكيون يصح ولا الغربيون ولا الباحثون، ولا أي شيء نأخذه من جريدة أو صحيفة ...وفي الأخبار وإلى آخره.
إلا ما وافق شرع الله سبحانه وتعالى، ويعرفه العقل السليم ليس كل شيء يؤخذ فهؤلاء يريدوننا أن تأخذ كل شيء يفعله الغربيون والفلكيون وإلى آخره.
يقول ابن بزيزة: (مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق إذ لا يعرفها إلا القليل من الناس). اهـ
وفي ذلك رد على من يقول بالأخذ بالتقاويم في الصلوات الخمس من المتعالمين عندنا وغير ذلك من البلدان.
وقد اعتنت الشريعة برؤية الأهلة بصوم رمضان وفطره وغير ذلك، وقد نهينا عن التكلف إلا الردود وهذا غير التكلف أشياء ظنية نتبعها في دين الله سبحانه وتعالى وكذلك الذي اتبع الظن في أشياء كثيرة في صلاته وصومه وإلى آخره وعليه مسئولية أمام الله يوم القيامة
فنهينا عن التكلف ولذلك هؤلاء الآن هم المتشددون يشددون على أنفسهم بفعل الجهل والمتعالمين هم المتشددون جهلوا أشياء كثيرة في دين الله وشددوا على أنفسهم؛ ولذلك يقولون علينا نحن متشددون، نحن متمسكون وأنتم المتشددون، وأكبر دليل ما تشقون على أنفسكم في صلاتكم وفي صومكم وإلى آخره.
فالشخص يؤذن عليه المؤذن فيمسك عن الطعام والشراب وهو نائم ولم يأكل شيئا ويشق على نفسه في نهار رمضان، وكذلك في المغرب تغرب الشمس فيبقى هؤلاء يفطرون بعد عشر دقائق أو خمس دقائق فهذه هي المشقة عليكم وأشياء كثيرة فهؤلاء هم المتشددون يطلقون على أنفسهم بالمعتدلين وأنه وسط، الوسط؛ الذي يطبق كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم هذا هو الوسط، والذي يخالف هذا هو المتشدد وهذا هو المتساهل معًا.
ولعل إن شاء الله نكمل في الدرس القادم في فوائد أشياء كثيرة في هذا الأمر، نعم في أي سؤال.
سؤال:....
الجواب: هذا بيناه في الدرس الذي سلف الذين يشككون في صيام المسلمين وفي فطر المسلمين في يوم العيد، أنه بقى عليكم يوم أو يومين وإلى آخره، وهؤلاء المتعالمون الفلكيون الجاهلون فلا نأخذ منهم شيئًا ما دام بين أهل العلم دخول رمضان وخروجه فعلينا بأهل العلم وبينا هذا في الدرس الذي سلف.
سؤال:.....
الجواب: هذا كذلك تكلمنا عنه بالنسبة ماذا يفعل الشخص في اليوم الغيم لتحديد الفجر الصادق وعند الغروب يقول البعض أنه يوجد مباني لا نرى الغروب ولا الفجر بينا هذا كثيرا سواءً في غيم أولا يخرج وهو نور وحمرة يخرجا في المشرق ابتداء ثم ينتشر فتجد الحمرة والنور في السكك والطرق وإلى آخره فهناك نور واضح فهذا هو الفجر الصادق فكان ابن أم مكتوم إذا خرج الصبح أي الفجر الصادق قالوا له أصبحت أصبحت يعني قم فأذن لأنه رجل أعمى وبيأتي هذا الكلام في الابواب التي سوف تأتي المسألة عند صلاة الفجر الصادق.
كذلك الغروب يعرف بأن الشمس قد غربت وإذا كانت هناك غيم يطلب الوقت إذا كان هناك غيم وغربت الشمس يكون هناك شيء من الظلمة وهذه واضحة بأن الشمس قد غربت، وكذلك عند الناس الساعات يعرفون بها هذه الساعة التي يتابع غروب الشمس بأن الشمس الآن قد غربت، وأما الذي لا يتابع ولا يدري فهذا كيف يدري وهو لم يدري.
فمشكلة لا يدري وهو لا يدري ولا يدري فكيف يدري؟ فمشكلة الذي يدري لابد أن يدري ولا كيف يدري وهو لا يدري فلابد من العلم بينا هذه الامور كثيرًا فهناك علامات أخرى الله سبحانه وتعالى يسرها للناس هناك الساعات وهناك في الذي يتابع هذه الأمور يعرف متى تغرب.
ولذلك الجيل القديم يعرفون الأهلة يعرفون دخول الصلوات، الخروج، الغروب بالأهلة، دخول الشهر ما عندهم ساعات، ما عندهم الأمور التي الآن؛ لأنهم يتعلمون ويعرفون ويتابعون هذه الأمور، لكن في الحقيقة الذي ما يعرف فكيف يعرف؟ إنما العلم بالتعلم.
سؤال: أحسن الله إليكم هذا السائل يقول: ما زكاة الذهب ولمن تصرف؟.
الجواب: زكاة الذهب أو أي زكاة، زكاة مطلقة للأصناف الثمانية الفقراء، والمساكين والمحتاجين وأهل الديون والمسافر إلى آخره، فتصرف لهؤلاء ولطلبة العلم، فتصرف الزكاة لهؤلاء، وبينا من قبل إذا كان الأب يحتاج ومحتاج فيدخل فيه الزكاة يعني يدخل في الفقير والمحتاج كذلك الأم الابن والأقارب والأخوال والأعمام العمات الخالات إلى آخره.
والأقربون أولى بالمعروف، فتعطي أقاربك المحتاجين الفقراء والمساكين أولى أن تأتي غيرهم، فحتى الأقارب حتى الأب فيجوز إعطاء هؤلاء الزكاة، لكنه بشرط ان يكون هؤلاء في حكم الفقراء والمحتاجين وإلا لا يجوز، ولذلك كانت زوجة ابن مسعود رضي الله عنه تعطيه من زكاتها، فهنا إنه زوجها وهذا بيأتي إن شاء الله في الزكاة إن شاء الله.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.