القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (24) كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب قول النبي "إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا"

2024-03-12

صورة 1
الجزء (24) كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب قول النبي "إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا"

بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الهِلاَلَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا».

وَقَالَ صِلَةُ، عَنْ عَمَّارٍ، «مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

(1906) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ».

(1907) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ».

(1908) حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا» وَخَنَسَ الإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ.

(1909) حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْ قَالَ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ».

(1910) حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، غَدَا أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ شَهْرًا، فَقَالَ: «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا».

(1911) حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: آلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتْ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتَ شَهْرًا، فَقَالَ: «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ».

الشرح:

الدرس الأول في الباب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المؤلف /: باب قول النبي ﷺ: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا».

ثم ذكر حديث عمار بن ياسر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم ﷺ». ثم ذكر الأحاديث الأخرى، ويأتي إن شاء الله الكلام عليها.

وقوله: «قال صلة عن عمار»: صلة هذا ابن زفر، وهو من التابعين، وعمار هو بن ياسر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما.

وهذا الحديث الذي ذكره الإمام البخاري / في «صحيحه» معلقًا كما ترون بلا إسناد والمعلق أي الحديث المعلق أن يحذف المصنف الإسناد ويعلقه أما على التابعي أو على الصحابي أو على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مباشرة، وهذا الحديث، علقه الإمام البخاري / في «صحيحه» كما هو ظاهر بصيغة الجزم.

 ووصله: أبو داود في «سننه»، والترمذي في «سننه»، والنسائي في «السنن الكبرى»، وفي «المجتبى»، وابن ماجه في «سننه»، والحاكم في «المستدرك»، والدارمي في «المسند»، والطحاوي في «شرح معاني الآثار»، وابن حبان في «صحيحه»، وأبو يعلى في «المسند»، والبيهقي في «السنن الكبرى» وفي «السنن الصغرى» والطوسي في «مختصر الأحكام»، والبغوي في «في شرح السنة»، وابن الجوزي في «التحقيق»، وابن خزيمة في «صحيحه»، والبزار في «المسند»، والدارقطني في «السنن»، وأبو سعيد الأشج في «جزء حديثه»، وابن حجر في «تغليق التعليق» من طريق أبي خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر قال: «كنا عند عمار فأتى بشاة مصلية يعني مشوية كما في رواية-، فقال كلوا فتنحى بعض القوم، فقال إني صائم يعني هذا الرجل الذي تنحى وترك الطعام- فقال عمار من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم» فهذا تمام الحديث وذكره الإمام البخاري في صحيحه مختصرًا.

قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث، انظر: «تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس» لابن حجر (ص146).

قال ابن حجر في «فتح الباري» (ج4 ص120): (وقد وصله أبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من طريق عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عنه- يعني عن صلة-). اهـ

فإذًا البخاري علقه بلا إسناد والباقي وصلوه بأسانيدهم، فهذا الحديث موصولًا، لكن إسناده ضعيف بسبب عنعنة أبي إسحاق السبيعي وهو مدلس ولم يصرح بالتحديث.

وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

وقال الدارقطني: «هذا إسناد حسن صحيح، ورواته كلهم ثقات».

وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين».

قلت: وفي ذلك كله نظر، لضعف الإسناد كما مر، فإن عمرو بن قيس لم يحتج به البخاري.

والحاكم في ((مستدركه على الصحيحين)) قال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين). اهـ

 وهذا ليس بصحيح بل على شرط مسلم، والبخاري لم يخرج لعمرو بن قيس ولم يحتج به في الصحيح، ولم يرو عنه في صحيحه.

وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي وهو وإن كان ثقة فقد كان اختلط بآخره؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص739): وقد رماه غير واحد بالتدليس كالنسائي وغيره وقد رواه معنعنًا كما سبق ذكره.

قال ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص177)؛ عن أبي إسحاق: (كان مدلسًا). اهـ

وكذلك يتعقب ابن حجر الحاكم وغيره في هذا الأمر، فتعقب ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج3 ص441)؛ الحاكم بقوله: (لم يخرج البخاري لعمرو بن قيس في صحيحه شيئـا، وللحديث مع ذلك علة خفية، ذكر الترمذي في العلل أن بعض الرواة قال فيه: عن أبي إسحاق قال: حدثت عن صلة، فذكره). اهـ

قلت: وهي رواية أبي محمد يزداد بن عبد الرحمن الكاتب عن أبي سعيد الأشج في «جزئه» (ص142)، وهي علة خفيت على بعض المعلقين على بعض التخاريج للكتب فليستدرك عليهم.

فهذه العلة تبين بأن أبا إسحاق دلس الحديث وهناك عنعنة عن صلة بن زفر ويبين الحافظ ابن حجر كما ذكر الترمذي في كتابه العلل بأن واسطة بين أبي إسحاق السبيعي وبين صلة، فقال أبو إسحاق «حُدثت عن صلة» وقد تبين أن هناك مجهول وهناك رجل لم يسم في الإسناد.

 ويوضح هذه العلة حديث الأشج فذكر هذه الرواية من طريق يزداد بن عبد الرحمن الكاتب وذكر الواسطة بين أبي إسحاق وبين صلة بن زفر، وتبين بأن هذا الإسناد ضعيف لا يصح.

ولكن له طرق أخرى: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» من طريق الثوري عن منصور عن ربعي بن حراش عن رجل عن عمار به.

وإسناده ضعيف فيه رجل لم يسم، فهذا الرجل بين ربعي وبين عمار.

وربعي هذا: تابع أبا إسحاق السبيعي، لكن عن رجل وهذا لم يسم مجهول.

قال ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج3 ص42): (وفي رواية الثوري دليل علة أن ربعيا لم يدرك هذه القصة وإن كان الرجل المبهم في روايته هو صلة بن زفر، فهي متابعة قوية لحديث أبي إسحاق). اهـ

فإذًا الرجل المبهم هذا هو صلة كما أشرنا في الرواية الأخرى وهي متابعة كذلك.

وله طريق آخر: أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن منصور عن ربعي: «أن عمار بن ياسر وناسًا معه أتوهم يسئلونه في اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان فاجتمعوا واعتزلهم رجل فقال له عمار: تعال فكل، فقال: فإني صائم، فقال له عمار: إن كنت تؤمن بالله واليوم والآخر فتعال فكل».

قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج4 ص96): (إسناده حسن). اهـ

وقال الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج4 ص126): (وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين). اهـ

فهذا الإسناد ثابت، وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه فهو حسن، فهذا الحديث حديث حسن لما ذكرنا من بعض العلل.

فلعله لذلك علقه البخاري في ((صحيحه))؛ بصيغة الجزم فالبخاري لعل علق هذا الحديث لأنه حديث ضعيف الإسناد، ومع هذا علقه بصيغة الجزم لعله بهذه الطرق فهو حديث حسن.

والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» مقطوعًا على عكرمة من قوله من طريق وكيع عن سفيان عن سماك عن عكرمة قال: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

 فهذا الأثر مقطوع يعني من قول عكرمة، وإسناده حسن، ومنهم يعني بعض الرواة وصله بذكر ابن عباس يعني من قول ابن عباس به، وهو خطأ من الراوي، لكن الصحيح مقطوع عن عكرمة وليس لابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أي دخل في هذا الحديث.

وانظر: «نصب الراية» للزيلعي (ج2 ص442)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص120).

والحديث حديث عمار هذا صححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج7 ص98).

قلت: وهذا الحديث يدل على تحريم صوم يوم الشك؛ لأنه المصرح بعصيان من صامه.

وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص120).

قال ابن حجر /: (قوله فقد عصى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: استدل به على تحريم صوم يوم الشك لأن الصحابي لا يقول ذلك من قبل رأيه فيكون من قبيل المرفوع). اهـ

فهذا الحديث يعتبر مرفوع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقال ابن عبد البر /: (هو مسند عندهم-يعني مرفوع- لا يختلفون في ذلك).

انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج 4 ص120).

وخالفهم الجوهري المالكي فقال: هو موقوف.

وهذا فيه نظر.

 قلت: فإنه موقوف لفظًا، مرفوع حكمًا.

وقوله: (يوم الشك)؛ الذي تحدث الناس فيه برؤية الهلال ولم تثبت رؤيته أو شهد واحدٌ فردت شهادته، أو شاهدان فاسقان فردت شهادتهما.

وانظر «عمدة القاري» للعيني (ج9 ص32)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج4 ص519).

فإذًا اليوم يوم الشك هذا هو اليوم الذي يتحدث الناس فيه، اختلفوا فيه، هل هو من شعبان أو من رمضان واختلفوا في الرؤية أو شهد رجل لكن الثقات لم يأخذوا بقوله للاحتياط، أو شاهدان شهد شاهدان فاسقان فلم يؤخذ بقولهما في ذلك فهذا يسمى بيوم الشك.

قال القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج4 ص419): (واستدل به على تحريم صوم يوم الشك). اهـ

 وقال العيني / في «عمدة القاري» (ج9 ص32): (مطابقة هذا الأثر للترجمة من حيث أن مقتضى معناها ألا يصام يوم الشك لأنه علق الصوم برؤية الهلال وهو هلال رمضان فلا يصام اليوم الذي هو آخر شعبان إذا شُك فيه هل هو من شعبان أو رمضان). اهـ

فهذا اليوم الذي يشك فيه أو يوم الشك وهو آخر يوم من شعبان، هل هو من شعبان أو رمضان فهذا لا يصام يحرم.

وقد ذهب ابن عمر وغيره إلى الفطر يوم الشك، وإليك الدليل:

قال ابن عمر رضي الله عنهما: «لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه».

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»؛ بإسنادٍ صحيح.

وقال الضحاك بن قيس: «لو صمت السنة كلها ما صمت اليوم الذي يشك فيه» يعني من رمضان.

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»؛ بإسنادٍ صحيح.

وقال العيزار: «أتيت إبراهيم النخعي في اليوم الذي يشك فيه، فقال: لعلك صائم، لا تصم إلا مع الجماعة».

 أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»؛ بإسنادٍ صحيح.

وقال عامر الشعبي: «ما من يوم أبغض إلي أن أصومه من اليوم الذي يشك فيه من رمضان».

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»؛ بإسنادٍ صحيح.

وقال عكرمة: «من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى رسول الله صلى الله عليه وسلم».

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»؛ بإسنادٍ صحيح.

وقال إبراهيم النخعي: «ما من يوم أبغض إلي أن أصومه من اليوم الذي يشك فيه من رمضان».

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»؛ بإسنادٍ صحيح.

فهؤلاء بينوا بأن صيام يوم الشك لا يجوز وهو محرم، وهؤلاء لا يصومون هذا اليوم وبينوا ذلك، وهذا القول هو القول الراجح.

وذهب بعض أهل العلم: بأن صوم هذا اليوم الذي يُشك فيه مكروه: منهم الإمام مالك والإمام الشافعي وغيرهما.

وبعضهم عندهم: من المستحبات صومه إن يوم الشك يستحب صومه: وذهب إلى ذلك الإمام أحمد / وغيره؛ لأن بعض السلف كانوا يصومون هذا اليوم، فلذلك الإمام أحمد استحب ذلك.

وانظر: «فيض الباري شرح صحيح البخاري» للكشميري (ج4 ص 70)، و«عمدة القاري» للعيني (ج9 ص32).

والراجح: أنه محرم أي صوم يوم الشك، إلا إذا كان فرضًا عليه من قضاء من رمضان السابق فلا بأس بصومه، أو كان يصوم صوما اعتاده فليصوم ذلك اليوم.

فإذًا الراجح بأنه محرم إلا إذا كان على العبد صوم من قضاء من رمضان أو امرأة عليها صوم فيجوز له أن يصوم يوم الشك أو اعتاد صومًا دائما يصوم فأدركه هذا اليوم فلا بأس بصومه ليوم الشك، فيستثنى الرجل إذا كان عليه قضاء أو اعتاد صومًا.

ويؤيده: حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل يصوم صومه فليصم ذلك اليوم» فهذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه».

فهذا الحديث يبين كذلك نهي العبد أن يصوم قبل رمضان بيوم أو يومين إلا إذا كان رجل يصوم واعتاد صوم فيصوم كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إلا أن يكون رجل يصوم صومه فليصم ذلك اليوم».

أما الذي غير المعتاد فلا يجوز له أن يصوم يوم الشك أو يوم قبل رمضان أو يومين، فصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهي عن تقدم رمضان بصوم أو بصوم يوم أو يومين إلا من كانت له عادة صيام، ويوضح هذا الأمر حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان فإن غم عليه عد ثلاثين يومًا ثم صام».

وهذا الحديث أخرجه أبو داود في «سننه»، وأحمد في «المسند»، وابن خزيمة في «صحيحه»، وابن حبان في «صحيحه»، والحاكم في «المستدرك»، والدارقطني في «السنن» من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة به.

 قلت: هذا سنده حسن.

وقال الدارقطني: هذا إسناد حسن صحيح.

 فدل هذا الحديث على أنه لم يكن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم يوم الشك قط، وكان يتحفظ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك، وأمر الذي اعتاد صومًا فيصوم ذلك اليوم، ولا شك أن صيام يوم الأغماء والشك داخل في النهي، فهو من باب تقدم رمضان بصيام يوم لمن لم تكن له عادة صوم أو صيام.

 فلم يكن من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صوم يوم الشك، ولا أمر به، وإنما الثابت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يأمر بإتمام الشهر ثلاثين يومًا إذا غم عليهم؛ لذلك لا ينبغي لمسلم أن يتقدم شهر الصوم بصوم يوم أو يومين احتياطا إلا أن يوافق ذلك صيامًا له.

وانظر «زاد المعاد» لابن القيم (ج2 ص46)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج2 ص269)، و«الشرح الممتع» لشيخنا (ج6 ص318).

 ولعل نكمل الدرس القادم ما تبقى من الأحاديث، نعم فيه أي سؤال؟.

سؤال:.....

الجواب:

 فهذا بالنسبة عن الاعتياد بالصوم فهذا بينه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كان يعتاد صوم فليصمه، فلا بأس في ذلك حتى لو كان خوفًا من ذلك.

سؤال: حديث «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا»؟

الجواب:

هذا الحديث ضعيف «إذا انتصف شعبان فأمسكوا عن الصوم»، حديث ضعيف ما يصح.

  سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan