القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (19) كتاب الصوم من صحيح البخاري: مسائل في قيام الليل وعدد ركعاته والوتر والقنوت والقيام مرتين

2024-02-28

صورة 1
الجزء (19) كتاب الصوم من صحيح البخاري: مسائل في قيام الليل وعدد ركعاته والوتر والقنوت والقيام مرتين

الدرس الرابع في الباب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وتكلمنا فيه الدرس الذي سلف عن مسائل في قيام الليل، ولعلنا نتكلم في هذا الدرس عن عدد ركعات قيام الليل أو قيام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووقت القيام ويشرع القيام من بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، لحديث عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها قالت: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء وهي التي يدعو الناس العتمة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة».

وهذا الحديث أخرجه مسلم في «صحيحه»، وأبو داود في «سننه»، والنسائي في «سننه»، من طريق عمرو بن الحارث عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة به.

* فهذا وقت قيام الليل: من العشاء إلى الفجر، وكان النبي  يصلي بإحدى عشرة ركعة، فإذًا عندنا مشروعية هذا القيام كما بينا، ويسمى بصلاة التراويح، وصلاة التراويح هي القيام، كما بين أهل العلم.

* وأما عدد ركعات قيامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فهو إحدى عشرة ركعة، فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة كيف كانت صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رمضان، قالت: «ما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة».

 وهذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه»، وأبو داود في «سننه»، والترمذي في «سننه»، والنسائي في «سننه»، من طريق سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة به.

 فإذًا يتبين بأن قيام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي صفة قيام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحدى عشرة ركعة، وهذا الذي بينته عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها كذلك ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالوتر سبعًا وحث على ذلك، وكذلك فعل تسعًا فلا يجلس إلا في الثامنة، ثم يسلم، ثم يأتي بركعة التاسعة ثم يسلم، يعني ثمان ركعات لا يجلس إلا في الثامنة، فيتشهد ويسلم ثم يأتي بركعة ثم يسلم، وكل هذه الأمور سنة فعلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في «الصحيحين»، وفي «مسند» الإمام أحمد، وكذلك «سنن» أبي داود.

* وكان يوتر بأربع وثلاث وست وثلاث وعشر وثلاث، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع ولا بأكثر من ثلاثة عشر، فهذه كلها سنن فعلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعض العلماء يرونه بأن صلاة القيام أو صلاة تراويح تكون عشرون ركعة، وإن كان هؤلاء يثبتون الثمان ركعات، والعدد في حديث عائشة في الصحيحين، بينت ذلك «ما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزيد في رمضان ولا في غير على إحدى عشرة ركعة»، وكذلك حديث عائشة ذكرت هذا الحديث وهو موافق لحديث جابر وإن كان فيه مقال لكنه حسن لغيره «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أحيا بالناس ليلة رمضان صلى ثماني ركعات وأوتر»، يعني إحدى عشرة ركعة صلى إحدى عشرة ركعة.

 وهذا الحديث أخرجه ابن حبان في «صحيحه»، والطبراني في «المعجم الصغير»، وابن نصر في «قيام الليل»، ولما أحيا عمر بن الخطاب هذه السنة جمع الناس على إحدى عشر ركعة، وفقًا للسنة الصحيحة، كما روى ذلك الإمام مالك في «الموطأ» بسند صحيح، من طريق محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أنه قال: «أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميم الداري، أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة».

 فإذًا هذا الأثر يبين لنا بأن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جمع الناس على أبي وتميمًا، أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، وخالفه يزيد بن خصيفة وقال بعشرين ركعة، فعندنا الآن محمد بن يوسف هذا من الثقات وهو احفظ من يزيد ابن خصيفة، فمحمد بن يوسف قال بإحدى عشرة ركعة، وأما ابن خصيفة فقال بعشرين ركعة وهي شاذة؛ لأن محمد بن يوسف أوثق من يزيد بن خصيفة ولا يقال لمثلها زيادة ثقة وهي مقبولة لأن زيادة الثقة لا يكون فيها مخالفة، وإنما فيها زيادة علم وهذا بيناه في مصطلح الحديث.

 والرواية هذه رواية عبد الرزاق في «المصنف»، من طريق داود بن قيس وغيره عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد: ((إن عمر جمع الناس في رمضان على أبي بن كعب وتميم الداري على إحدى وعشرين ركعة»، وهذه الرواية تخالف ما أخرجه مالك عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد وظاهر إسناد رواية عبدالرزاق رجاله ثقات لكن هذا فيه اضطراب، وهذه من رواية ابن خصيفة وكتاب الصيام عند عبد الرزاق في «المصنف»، من رواية الدبري وهو إسحاق بن إبراهيم الدبري وهو فيه كلام كما بين الحافظ الذهبي في «الميزان الاعتدال»، وسمع المصنف وهو ابن سبع سنين، وما كان الدبري صاحب حديث ولم يكن من رجال هذا الشأن؛ كما بين الذهبي في «الميزان» (ج1 ص181): (وكذلك كثر الغلط في روايته عن عبد الرزاق، فقد روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة)، وبين ذلك الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» كما بينا.

 ولذلك يصحف في الروايات كما صحف في هذه الرواية، بدلاً أن يجعلها إحدى عشرة ركعة جعلها عشرين ركعةً، وهي شاذة وهي منكرة مصحفة، فلا يحتج بها، وهذا الذي بينه الشيخ ناصر الدين الألباني في كتابه «قيام رمضان»، فإذًا عندنا الآن يتبين بأن عدد ركعات قيام الليل وهو ما يسمى كذلك بصلاة التراويح إحدى عشرة ركعة، ولو أراد العبد أن يزيد على ذلك فلا بأس لكنه بدون التخصيص بالعشرين أو بالثلاثين أو بأي عدد، فيصلي ما يشاء، والدليل على ذلك حديث ابن عمر «صلاة الليل مثنى مثنى» في صحيح مسلم.

 بالنسبة للوتر، فثبت من حديث عائشة في ((صحيح مسلم))، وغيره كذلك من الأحاديث، فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر بثلاث، فالأكثر يسرد الثلاث في تشهد واحد، وأحيانًا يفصل فيجلس في الثنتين ويسلم ثم يأتي بركعة واحدة، كما المشهور الآن لكنه كانت صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الوتر، الغالب في تشهد واحد فيسرد الثلاث ركعات في تشهد واحد فلا يجلس إلا في الثالثة، وكذلك ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه صلى الوتر خمسًا في ((صحيح مسلم))، فلا يجلس إلا في الخامسة، فيسرد الوتر ولا يسلم في الثنتين، بل يسرد الوتر ولا يجلس إلا في الخامسة، وهذه كلها سنن فعلها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 وبالنسبة للقراءة قراءة القيام، فلم يحد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدًا للقراءة في قيام رمضان أو غيره، فلا يتعداه بزيادة أو نقص، بل كانت قراءته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها تختلف قصرًا وطولاً، فأحيانًا يقصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويطول أحيانًا والقارئ يطبق هذه السنة طولًا وقصرًا، فأحيانًا يقصر أحيانًا يطول وأحيانًا بين ذلك، فينوع في القراءة لإصابة السنة.

* وبالنسبة لدعاء القنوت: فيقنت أحيانًا قبل الركوع وهذا ثابت، وأن يدع الناس بخير الدنيا والآخرة، وبالنسبة للدعاء المعروف عند أحمد  وغيره وهو حديث «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت...» إلى آخر الدعاء المعروف، لكن هذا الحديث  حديث ضعيف لا يصح، فيقنت أحيانًا قبل الركوع، وأن يترك أكثر الليالي ويفعل أحيانًا كما بين الشيخ ابن باز، وكذلك شيخنا وغيرهما، لأن مراد الشارع أن يطمئن الناس في صلاتهم  وفي دعائهم.

أما التطويل والزيادة والبدع والمخالفات الشرعية في الطاعة تنفر الناس من الطاعة ومن الصلاة والمخالفات هذه تنشأ في الناس البدع والمخالفات الشرعية، وهؤلاء الناس إذا خالفوا الشريعة لا يفلحون ولا يفلح الناس إذا خالفوا، ويظنون أن هذا الأمر عبادة وأمر طيب للناس وهو حسن لكنه  في الحقيقة عودوا الناس على البدع، ولذلك يبكون في الدعاء هذا طويل ولا يبكون في القراءة، فلابد أن نعود الناس على الخشية بقراءة القرآن، والخشية في الصلاة والطمأنينة في الصلاة، فنبين للناس هذا الأمر، وهذا هو السنة.

 وأما الذين يطيلون الآن الدعاء بنص ساعة وبساعة، ويقولون للناس الذي يتعب يجلس ناويين عليهم، فلذلك ورأينا في الحقيقة البعض في بعض البلدان يخرج يترك ما يتحمل، وبين الشيخ ابن باز رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هذا الأمر، وأن هذا مخالف للسنة، ومن البدع المحدثة الآن كدعاء الحزبيين من الأئمة الذين يطيلون على الناس ويريدون الناس أن يبكونهم في القنوت، لا في قراءة القرآن، فكان الصحابة يبكون عند سماع القرآن والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما هؤلاء الناس يبكون في دعاء القنوت؛ لأن هؤلاء عودوا هؤلاء الناس على هذه البدعة، وهذا الدعاء المخالف لهدى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهدي الصحابة والسلف، فلننتبه لذلك.

 وكذلك ننبه على أمر وإن كان هذا سوف يأتينا في ليلة القدر لكن لا بد أن ننبه عليه، ولا يوجد قيامان في ليلة واحدة ما يسمى بالقيام الأول والثاني، وكذلك لا وتران في ليلة، بل هو وتر واحد وقيام واحد، فثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقوم في أول الليل وفي وسط الليل وفي آخر الليل فلهم أي للناس أن يقوموا هذا القيام في أول الليل أو في وسط الليل أو في آخر الليل، فإن اختار الناس أول الليل يكفي وبعد ذلك لهم أن يذكروا الله سبحانه وتعالى، ويسبحوا الله ويقرؤون القرآن ويدرسون العلم والى آخره، فهذا هو الأصل، فإن فعل الناس فأصابوا ليلة القدر، لأن ليلة القدر تبتدأ من المغرب، أي بـأول الليل يعني بدخول الليل وبغروب الشمس هذا في بداية الليل، إلى طلوع الفجر فلو صلى الناس أول الليل بهذا القيام ودعوا وذكروا الله، فأصابوا ليلة القدر.

 ولابد أن نصحح أفهام الناس في ذلك، فهؤلاء يظنون أي المخالفون يظنون أن لا يصيبون ليلة القدر إلا إذا صلوا في وسط الليل على الحادية والنص تقريبًا، فهذا ليس بصحيح وهذا فهم خاطئ لأن ليلة القدر تبتدأ من أول الليل إلى طلوع الفجر، فمن قام في أول الليل أصاب ليلة القدر، ومن قام في وسط الليل أصاب ليلة القدر، ومن أصاب ومن قام آخر الليل أصاب ليلة القدر، فجميع هؤلاء قد أحسنوا، فإما أن يصلي ثمان ركعات في أول الليل ثم ثمان ركعات كما هو السائد عند هؤلاء، ففي الحقيقة هؤلاء مخالفون لهدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لماذا يخصصون ثمان في أول الليل وثمان في وسط الليل، ولماذا هذا التخصيص فيه؟ أول الليل بعشرين ركعةً وفي وسط الليل بثمان ركعات، لا يوجد دليل على ذلك.

 فخير الهدي هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن لو أراد الناس أن يصلوا ثمان ركعات في أول الليل بدون وتر ثم يستأنفون بست ركعات مثلاً بدون تحديد أو عشر ركعات ثم يوترون فلا بأس بذلك؛ لأن صلاة الليل مثنى مثنى، لكن الأفضل كما بينا أن يقوم الناس بالسنة وخير الهدي هدي محمد، ثم يتفرغ الناس مثلاً لطلب العلم أو قراءة القرآن أو الأذكار أو غير ذلك من العبادات من الصدقات مثلاً أو تدارس العلم، فالعبادات كثيرة ولا يكتفي الناس في العشر الأواخر من رمضان فقط بالقيام لا بالقيام وغيره كما بينا هذا كان هدي النبي  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ومن أراد ويستطيع بالاعتكاف فليعتكف العشر الأواخر، ومن أراد أن يعتكف بيوم فلا بأس، لأن حد الاعتكاف يوم وليلة، كما بينا كثيرًا ولعل يأتي تفصيل أحكام الاعتكاف في دروس أخرى، فهذه مسائل قيام الليل.

سؤال:.....

الجواب: هي بيوتر بإحدى عشرة ركعة هي قيام الليل مع الوتر.

 سؤال: هؤلاء الذي يقولون هناك صلاة تهجد بعد التراويح في العشر الأواخر.

الجواب: ليس له أصل كما بيننا، الآن عندنا الصلاة في أول الليل هي التهجد وهي القيام وهي صلاة التراويح، ووسط الليل لو أراد الناس هي التهجد، وهي القيام وهي صلاة التراويح بمعنى واحد، فعلى التفصيل الذي بيناه فليس له أصل هذا.

 سؤال:....

الجواب: هذا التحديد هؤلاء الذي يصلون بثلاث مراحل في قيام رمضان في العشر الأواخر بثمان ركعات في أول الليل، وثمان في منتصف الليل، وثمان في آخر الليل، هذا من البدع، وهؤلاء فعل الحزبيين نعلم بهم، والحزبي من بدعة لبدعة.

سؤال: هل من يقوم في ليلة القدر بساعة عبادة بأنه عبد الله أكثر من سنة؟.

الجواب: هي خير من ألف شهر يحصل على الأجر لكن ليس كالعبادة أو إلى آخره لكن يحصل له من الأجر بأي عبادة، وكلما أكثر العبادات في العشر الأواخر كما يفعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أجره أكثر وبينا لابد العبد أن يشد المئزر في العشر الأواخر من الصلاة أو الأذكار أو قراءة القرآن أو طلب العلم.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

 

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan