الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (15) كتاب الصوم من صحيح البخاري: تتمة باب هل يقال رمضان.. تتمة شرح حديث ابن عمر في رؤية الهلال
2024-02-20
الجزء (15) كتاب الصوم من صحيح البخاري: تتمة باب هل يقال رمضان.. تتمة شرح حديث ابن عمر في رؤية الهلال
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن مسألة رؤية الهلال، وتكلمنا كذلك إذا غم على الناس الهلال يعني تغطى من الغيم فيكملون عدة شعبان ثلاثين يومًا، ولعل في هذا الدرس نتكلم عن مسألة في نفس الموضوع، وننبه أولاً بالنسبة عن الرؤية ولا يشترط أن يراه كل واحد بنفسه بل إذا رآه من يثبت بشهادته دخول الشهر وجب الصوم على الجميع هذا هو الأصل.
فإذا رآه واحدٌ بنفسه وهو من أهل الشهادة فهذا يجب أن يصوم جميع الناس، ولا يشترط أن يراه جميع الناس، ويشترط فيه أن يكون الشاهد عاقلاً بالغًا مسلمًا، موثوقًا بخبره، وهذا فيه أفضلية كما بينا، فأما الصغير فلا تقبل شهادته ولا الكافر، ولا من كان بصره ضعيفًا، وفي الحديث حديث ابن عمر مشروعية أن يتراءى الناس الهلال، وفيه الإعلان عن دخول رمضان، وهذا يكون من قبل ولي الأمر، من قبل الحكومة، حكومة كل بلد مسلم، ومن رآه أن يخبر ولاة الأمور، ليبينوا للناس.
والمسألة الأخرى: مسألة إذا رُؤي الهلال ببلد فهل يلزم بقية البلاد جميعًا أن يصوموا أو لا؟.
فاختلف العلماء في ذلك إذا رُؤي الهلال في بلد فهل يلزم بقية البلاد جميعًا الصوم؟ أم يكتفي كل بلد بمطلعه؟.
المشهور من مذهب الإمام أحمد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ: وهم الحنابلة وجوب الصوم على عموم المسلمين، في أقطار الأرض؛ لأن رمضان ثبت دخوله، وثبتت أحكامه، فوجب صومه فهذا القول الأول قول الحنابلة، إذا صام بلد يجب على عموم المسلمين في الأرض وفي أقطار الأرض أن يصوموا؛ لأنه ثبت دخول رمضان، وثبت الحكم كما بينا برؤية بلد من البلدان.
فمثلاً لو صاموا أو صام أهل الحرمين بلد الحرمين فيجب على جميع الناس أن يصوموا، أو مثلاً صام الناس في البحرين، فيجب على جميع الناس الأرض أن يصوموا، لأن رمضان ثبت دخوله للناس، وثبت بذلك الحكم، أي وجوب الصوم، فيجب عليهم أن يصوموا جميعًا، واستدلوا بالأحاديث التي بيناها في الدرس الذي سلف، وهذه الأحاديث لم تخصص بلدًا دون بلد، فهذه الأحاديث عامة، وخطاب عام للأمة، ولم يخصص بلدًا دون بلد.
ولأنه قد ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان، بشهادة الثقات فوجب صومه على جميع المسلمين، فكيف الآخرين يتخلفون عن الصوم؟! فهذا البلد يقولون غدًا، وهذا البلد يقولون بعد غد، وممكن أن يظهر لنا بلد ويصومون، على مطلعهم، وممكن قد أخطؤوا فلابد هذا الأمر فيه من تثبت وعدم المخالفة فإذا ثبت شهر رمضان من بلد فيجب على جميع الناس أن يصوموا، وهذا القول هو القول الراجح.
وهو كذلك قول مذهب المالكية، واختاره كذلك الشوكاني في نيل الأوطار، والأدلة على ذلك الأدلة العامة التي ذكرناها كحديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته»، وهذا الحديث في ((الصحيحين))، صوموا أي جميع الناس وهذا جمع والواو للجمع، فإذا تراءى الناس الهلال يجب عليهم جميعًا أن يصوموا، وإذا رأوه للإفطار يجب عليهم أن يفطروا جميعًا، يعني لو رأى رجل الهلال للعيد، فيجب على جميع الناس أن يفطروا، فعلى جميع المسلمين أن يفطروا.
وكذلك استدلوا بحديث ابن عمر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه»، وهذا الحديث كذلك في الصحيحين، فالحديث الأول عام لجميع الناس، والحديث الثاني كذلك عام للجميع.
وكذلك استدلوا بحديث ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قال: «تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه»، وهذا الحديث بيناه حديث صحيح، أخرجه أبو داود في «سننه»، وغيره بإسناد صحيح، بعيد هذا دليل كذلك قوي بأن ابن عمر رأى الهلال، وأخبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر الناس بصيامه، فجميع الناس، ولم ينقل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو عن بلد بأنهم تخلفوا في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صام مثلاً بلد تخلف لا يوجد ولم ينقل.
ففي جميع هذه السنوات لا ينقل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن بلد من البلدان تخلفوا عن صيام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أمر فجميع المسلمين كانوا يصومون مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصام وأمر الناس بصيامه جميع الناس.
وكذلك استدلوا بحديث ابن عمر: «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه»، فهذا كذلك دليل عام على وجوب الصيام، فإذا صام بلد يجب على جميع المسلمين أن يصوموا، وهذا الحديث في الصحيحين.
وكذلك حديث عائشة: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم لرؤية رمضان»، وهذا حديث عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها في «مسند» الإمام أحمد، وفي «صحيح» ابن خزيمة، و «صحيح» ابن حبان وغيرهم وإسناده صحيح.
وكذلك استدلوا بحديث جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»، وهذا الحديث حديث حسن، أخرجه أبو يعلى في «المسند»، والبيهقي في «السنن الكبرى».
فإذًا هذه أدلة تبين بأن العبد إذا شهد برؤية الهلال يخبر ولي الأمر، وعلى ولي الأمر أن يأمر أهل البلد أن يصوموا وعلى هذا البلد أن يصوم جميع المسلمين، وبين شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ في «شرح الممتع على زاد المستقنع» في كتاب الصيام؛ بأن هذا أفضل، وإن كان الشيخ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ لا يرى هذا القول، يري رأيًا آخر بيأتي الكلام عليه.
فبين هذا القول فيه أولاً اجتماع جميع المسلمين على هذه الطاعة العظيمة وعلى هذا الشهر المبارك، وفي هذا وما فيه من الألفة، والتمكين، وقوى المسلمين باجتماعهم وعدم التفرق وعدم الاختلاف وعدم كثرة الفتاوى في ذلك ولا نحتاج إلى كلام هذا ولا كلام هذا ولا كلام أهل البلد هذا ولا كلام أهل البلد هذا والى آخره، وإلا إذا لم نأخذ بهذا القول كما لا يخفى عليكم، يسبب بين الأمة في كل سنة في شهر رمضان الاختلاف والتفرق على الصيام.
وكذلك يدخل علينا المندسون أعداء الإسلام، وأعداء السنة، من أهل الكفر، ومن أهل البدع، ليشوشوا على الإسلام، ويشوشوا على المسلمين، بأنهم ليس لهم رأي وهم مختلفون حتى في هذا الشهر، كما نسمع هنا وهناك، ودعاة الباطل في التلفاز من دول الكفر أو غير ذلك يشوشون كذلك، في الإذاعات وفي الراديو، وفي التلفاز في كل سنة ولذلك تسمع الاختلاف بين المسلمين، في المساجد أو في المجالس، أو غير ذلك، بسبب ما يبثه أعداء الإسلام من الداخل والخارج من أهل الكفر ومن أهل البدع.
وأهل البدع يستقلون ذلك، أي يستقلون هذا الخلاف، فيخالفون، فإذا رأوا أهل السنة في عدة بلدان اختلفوا فهذا البلد صام اليوم، وهذا البلد كذلك صوم هذا اليوم، وهذا البلد صام بعد غد أو في اليوم الثاني فيستغلون هذا الخلاف، فلا يصومون مع أهل السنة، لكي لا ينكشفون ويعرفون بأن هؤلاء يخالفون أهل السنة ويخالفون السيرة النبوية، ولا يشعر بهم أحدًا، فحتى في البلد الواحد أهل البدع إذا رأوا أهل السنة يختلفون في الصيام فهم يفرحون بذلك ويستغلون هذا الخلاف فيخالفون في نفس البلد الواحد.
فترى أهل السنة يصومون اليوم وهم غدًا، لأنه يحبون أن يخالفون أهل السنة، وخاصة يحبون أن يخالفون بلد الحرمين، أهل التوحيد، فلا يصومون معهم فإذا رأوا هذا الخلاف، كالشيعة وكذلك الإباضية يخالفون، ويتعمدون في الخلاف، فيريدون أن يصوموا لوحدهم، وغيرهم من أهل البدع، لكن لو رأى أهل البدع جميع أهل السنة في الأرض مجتمعون على صيام شهر رمضان في يوم واحد فلا يستطيع أحدٌ من أهل البدع أن يتخلف، أو أهل البدع أن يتخلفوا، فيضطروا أن يصوموا مع أهل السنة؛ لأن أهل البدع يدعون الوحدة ويدعون الاجتماع وليس بيننا وبين أهل السنة أي شيء ونحن مذاهب واحدة فإذا رأوا هذا الاجتماع لا يستطيع هؤلاء أن يتخلفوا.
فلذلك نسمع في كل سنة تقريبًا من رؤوس الإخوانية يشوشون على فتاوى علماء الحرمين بأن الشهر فيه نقص، وهذا ليس يوم صيام أو هذا ليس يوم عيد وإلى آخره، والإخواني الذي في قطر معروف لديكم في كل سنة يشوش ويصوم العامة عليكم يومًا واحدًا فأين الوحدة التي يدعيها هؤلاء والاجتماع وعدم الفرقة وعدم الاختلاف، وهم في الحقيقة هم الذين يسببون الخلاف، للأمة، ويسببون الفرقة للأمة، ويشوشون على العامة، وهم يدعون غيرهم يشوش على العامة وعلى المسلمين، ويفرق الأمة، ويخالف، وفي الحقيقة هم المشوشون المخالفون المفرقون للأمة رمتني بدائها وانسلت، فيرمي دائه على الناس وعلى المسلمين ثم ينصرف وينسل منها ويقول الأُلفة المحبة الوحدة وإلى آخره.
فلذلك انتبهوا لهؤلاء جيدًا، أهل الفرقة وأهل الاختلاف، فأهل السنة والجماعة هم المجتمعون، فهذا هو الأصل في ذلك، فهذا القول هو الذي يجمع الأمة؛ ولذلك الصوفية في بعض البلدان يخالفون بلد الحرمين عمدًا، ولا يصومون معهم، فهؤلاء هم أهل الفرقة، وهم الذين يسببون الفرقة بين المسلمين، فلننتبه لهؤلاء، وتراهم يتكلمون على أهل السنة وعلى علماء أهل السنة والجماعة بل حتى على الصحابة، فإذا رد عليهم أهل السنة والجماعة قالوا الوحدة، لا تفرقون المسلمين، وهم يفرقون المسلمين، ويتكلمون على علماء أهل السنة والجماعة بل على الصحابة، بل يتكلمون حتى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويتكلمون على هذا الدين في جرائدهم، فلذلك هذا القول هو القول الراجح؛ لعموم هذه الأدلة ولم يخصص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلدًا دون بلد.
القول الثاني: وذهب الإمام الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ في المشهور عنه وهو قول الشافعية وإن اختلفت المطالع، فلكل قوم حكم فلكل قوم حكم مطلعهم وإن اتفقت المطالع فحكمهم واحد في الصيام والإفطار وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ أن المطالع تختلف باتفاق أهل المعرفة، فقال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ إن اتفقت لزم الصوم وإلا فلا، هذا القول الثاني، إذا اختلفت مطالع البلدان، فكل بلد يصوم على مطلعه، فهؤلاء يرون الهلال، هؤلاء لا يرون الهلال، فهؤلاء عندهم يصومون، وهؤلاء لا يصومون إلا إذا رأوه في اليوم الثاني.
لكن إذا اتفقت مطالع بعض البلدان، كالخليج مثلاً، مطالع الخليج واحدة، فلو صام بلد فعلى جميع أصحاب المطالع الموجودة أن يصوموا ويفطروا هكذا، فهذا القول فيه تفصيل، فإذا اختلف مطالع بعض البلدان فعندهم كل بلد يصوم على مطلعه، وإذا اتفقت مطالع بعض البلدان فيعتبر الحكم واحد فإذا رأى الهلال بلد فعلى بقية البلدان أن يصوموا ويفطروا، ولا يجوز عندهم أن يتخلف أحد، فمثلاً عندنا في الخليج لو بلد الحرمين صاموا فعلى جميع البلدان القريبة منها أن يصوموا، ولا يتخلفوا، ولذلك مع هذا نرى الاباضية يتخلفون فيصومون اليوم الثاني، وكذلك الشيعة، فهذا القول الثاني، وانظر: قول شيخ الإسلام تيمية في «الاختيارات الفقهية» (ص106).
وذهب بعض أهل العلم هذا القول الثالث: إلى أن لكل بلد رؤيتهم، وهو مذهب القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، وإسحاق بن راهويه، فهؤلاء عندهم القول مطلقًا، أن لك لكل بلد رؤيته في جميع الأرض، فمثلاً إذا رأوه مثلاً في البحرين، والكويت مثلاً لم يروه فلهم ألا يصوموا إلا إذا رأوه، وهكذا.
أما القول الثاني فيه تفصيل، والقول الأول وهو الراجح بأن جميع البلدان يصومون؛ لعدم الاختلاف والقيل والقال، والأدلة عامة وكثيرة، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بذلك.
القول الثالث: أن لكل بلد رؤية واستدلوا بحديث مسلم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ عن كريب قال: «قدمت الشام واستهل على هلال وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة- هذا في الشام ليلة الجمعة، ثم قدمت قدمت المدينة، في آخر الشهر، فسألني ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال؟ قلت رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته ليلة الجمعة، قلت: نعم، ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية» ، فصام جميع الناس، في الشام وفي غيرها، وصام معاوية ولم يذكر هنا أي بلد تخلف إلا كما الآن، «فقال: لكن رأيناه ليلة السبت» يعني اليوم الثاني «فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه، فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
فهذا الحديث يبين بأن أهل المدينة لم يكتفوا برؤية معاوية بأهل الشام، ورأوا الهلال يوم السبت، فصاموا بعد ذلك، وبين الشوكاني بأن هذا الحديث من اجتهاد ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما وإن كان فيه المرفوع، لكن الأحاديث الأخرى توضح وتبين وبأن لم يتخلف إلا أهل المدينة في عهد معاوية ولم يذكر أي بلد من هذه البلدان، كالعراق مثلاً ومصر، وإلى آخره، لم يذكر أن هؤلاء تخلفوا، وبلدان كانت كثيرة من بلدان المسلمين لم يتخلفوا.
والأحاديث الأخرى أقوى، وصريحة في ذلك، ويبين الشوكاني بأن ابن عباس لم يبين قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن ذكر هذه الأحاديث، وذكر حديث ابن عمر عندما تراءى الناس الهلال صامه وأمر الناس بصيامه، ولم يتخلف أحد من البلدان، فلذلك البلد التي تخلفت هي المدينة فقط، ولذلك قولهم هنا أن لكل بلد رؤيتهم أصلًا ما تخلف في عهد معاوية إلا المدينة، ولذلك عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتخلف أحد عن الصيام إذا أمر أمير المؤمنين كأبي بكر لم يذكر شيئًا بأن كان الناس يتخلفون، أو بلد تخلف في الصيام، كذلك في عهد عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لم يذكر بأن الناس يتخلفون أو البلدان يتخلفون عن الصيام إذا أمر أمير المؤمنين، وكذلك في عهد علي وإلى آخرما ذكره بعض أهل العلم.
فلذلك علينا نحن أن نأخذ بالسنة في ذلك الواضحة المحكمة والحاكمة في هذا الموضوع.
فإذًا القول الراجح: في هذا بأن القول الراجح قول الحنابلة ومن وافقهم وهو قول الإمام أحمد بوجوب الصوم على عموم المسلمين في أقطار الأرض إذا رأوا الهلال، أي رأى الهلال بلد من البلدان على جميع البلدان أن يصوموا وهذا هو القول الصحيح.
ولعل نختم في هذا الدرس بالنسبة لمسألة أخرى هنا بالنسبة لصوم يوم الشك، ولم يكن من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صوم يوم الشك، ولا أمر به وإنما الثابت عنه أنه كان يأمر بإتمام الشهر ثلاثين يومًا إذا غم عليهم، بل كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن بدء صوم رمضان إلا برؤية الهلال، كما في حديث ابن عمر المتقدم «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه»، وكذلك حديث عائشة «يصوم لرؤية رمضان» الذي مر، فدل هذا الحديث على أنه لم يكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم يوم الشك قط.
وقد صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه «نهى عن تقدم رمضان بصيام يوم أو يومين إلا من كان له عادة صيام»، فلا نتقدم رمضان بصيام يوم أو يومين، إلا إذا كان العبد يعتاد صوم من الصيام فيجوز له، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك الصوم»، وهذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه»، وأبو داود في «سننه».
ولا شك أن صيام يوم الاغمام والشك داخل في هذا النهي، وهو من باب تقدم رمضان بصيام يوم لمن لم تكن له عادة صوم، وأصح من ذلك ما ورد عن صلة من زفر قال: «كنا عند عمار فأتى بشاة مصلية -مشوية- فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم فقال إني صائم، فقال عمار: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وهذا الحديث أخرجه أبو داود في «سننه»، والترمذي في «سننه»، والنسائي في «سننه»، وابن ماجه في «سننه»، والدارقطني في «السنن»، وعلقه الإمام البخاري كذلك، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في «الفتح» (ج4 ص96).
فإذًا لا يجوز للعبد أن يصوم قبل رمضان بيوم أو يومين، إلا إذا كان معتاد لصوم، أو قضاء مثلاً فيقضي أو كان يعتاد صوم خميس، أو اثنين أو ثلاثة أيام من كل شهر، فبقي يوم أو يومين فلا بأس أن يصوم، لكنه إذا لم يكن معتاد لأي صوم فلا يجوز له أن يصوم قبل رمضان بيوم أو يومين وخاصة بأنه لا يجوز له أن يصوم يوم الشك؛ الذي يكون قبل رمضان بيوم، «فمن صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم»، فهذا فيه نهي.
فإذًا من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبو القاسم، لذلك لا ينبغي لمسلم أن يتقدم شهر رمضان بصوم يوم أو يومين احتياطًا لكي لا يوافق ذلك صيامًا له فيدخل عليه شهر رمضان وهو صائم .
ولعل إن شاء الله ندخل في حديث آخر أو في باب آخر، نعم فيه أي سؤال؟.
سؤال:.....؟
الجواب: فهؤلاء في الحقيقة الذين ليس لهم ولي أمر مسلم بلا ولي الأمر أو الحاكم كافر، فهؤلاء يصومون على بلد الحرمين كلهم، إذا أعلنت أن يصوموا، كذلك الذين في أمريكا أو في أوروبا، فعلى الناس أن يصوموا عليهم في هذه البلدان، ولذلك نرى كثير من المسلمين كما هم أخبروني.... إلى أهل البدع عن بلد الحرمين، ليخالفون أهل التوحيد هذا مرادهم، لكن عموم المسلمين ولله الحمد يصومون على بلد الحرمين، ويفطرون كذلك.
وإذا أعلن كذلك الحاكم بالإفطار على الناس أن يفطروا ولا يتخلف أحد هو عن بالنسبة لو صام أهل الخليج فبلا شك إلى الآن لم يرى مثلاً أهل الغرب الهلال لكنه إذا صام أهل الخليج مثلاً في المشرق هم يهيئون إلى الصوم حتى لو كان نهارًا مثلاً؛ لأن عندهم الوقت يتأخر، لكن يعرفون بأن وقت رمضان قد دخل فيتهيؤون للصوم، فإذا دخل اليوم الثاني فيجب عليهم الصوم، وإن كان يوجد اختلاف في الوقت.
سؤال:.....؟
الجواب: إذا كان معتاد هذا الصوم يصوم حتى لو كان يوم الاثنين إذا صادف الاثنين مثلا فيجوز له مادام هو معتاد.
سؤال: هل في العبادات احتياط؟ فليس في العبادات احتياط.
الجواب: بس لابد يوضح لماذا.
سؤال:....
الجواب: هذا تكلمنا عنه إذا البلد المجاورة مثلاً غدًا العيد، وولي الأمر لم يعلن عن العيد، فعليهم أن يوافقوه ولا يخالفوه؛ لكي لا يحصل أي فتنة.
سؤال: هل يجوز الجلوس في قيام الليل من غير عذر؟.
الجواب: يجوز لأن القيام في النافلة ليس بركن، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جلس في النافلة فلا بأس، لكن الأفضل له إذا لم يكن عنده عذرًا ويستطيع فعليه أن يقوم وهذا آجر له.
سؤال: حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا مس الختان الختان وجب الغسل.
الجواب: فهذا الحديث يبين بأن إذا ولج الفرج في فرج المرأة وجب الغسل حتى لو لم ينزل.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.