الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (13) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعا
2024-02-20
الجزء (13) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعا
بَابٌ: هَلْ يُقَالُ رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعًا.
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ» وَقَالَ «لاَ تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ».
(1898) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ».
(1899) حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي أَنَسٍ، مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ: أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ».
(1900) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ».
وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، وَيُونُسُ: لِهِلاَلِ رَمَضَانَ.
الشرح:
الدرس الأول في الباب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وقبل أن ندخل في هذا الباب فذكرنا لكم في الأبواب التي سلفت بأن المؤلف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ ذكر أولاً فرضية الصيام، ثم كذلك بعد ذلك تكلم عن فضائل الصيام، وذكرنا فضائل الصيام ولعل نذكرها سردًا هنا، ثم نذكر بعض فضائل الصيام التي لم يذكرها المؤلف؛ لأنها ليست على شرطة يعني الأحاديث والفضائل.
* فضائل الصيام:
أولاً: ذكرنا بأن الصوم جنة: يعني ستر ووقاية من المحرمات، والمعاصي وغير ذلك مما ذكرنا.
وقول كذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك وجهه عن النار سبعين خريفًا».
وهذا الحديث أخرجه البخاري في «صحيحه»، ومسلم في «صحيحه» من حديث أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللهُ عَنْهُ واللفظ لمسلم «ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك وجهه عن النار سبعين خريفًا».
فإذا يكون كذلك من فضائل الصيام إن الله سبحانه وتعالى يباعد وجه العبد عن النار سبعين خريفًا، وهذا الحديث في صحيح البخاري ومسلم.
ثالثًا: عندنا الصوم يدخل الجنة؛ لأن إذا لم يدخل النار كما أسلفنا الآن فيدخل الجنة، وهناك كذلك حديث أبي أمامة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: «قلت يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة، قال: عليك بالصوم لا مثل له».
وهذا الحديث أخرجه النسائي في «سننه»، وابن حبان في «صحيحه»، والحاكم في «المستدرك» بإسناد صحيح، هذا الفضل الثالث.
الفضل الرابع: بينا هذا بأن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، هذا من فضائل الصيام، وهذا أخذناه بالدليل كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث أبي هريرة السابق «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»، وهذا الحديث بيناه، أخرجه البخاري عندكم، وكذلك مسلم، واللفظ للبخاري هذا.
الفضل الخامس للصيام: للصائم فرحتان الفرحة الأولى إذا أفطر، والفرحة الثانية وهي فرحة عظيمة للصائم إذا لقي ربه فرح بصومه، فإذا عندنا هذا من الفضائل، والدليل في ذلك حديث أبي هريرة هذا في صحيح البخاري ومسلم «للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه».
وبينا من فضائل الصيام كما لا يخفى بأن الحسنة بعشر أمثالها، لكن أجر الصوم ليس له مقدار.
الفضل السادس: الصيام والقرآنِ أو القرآنُ يشفعان لصاحبهما كما بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث ابن عمر عند أحمد في «المسند»، والحاكم في «المستدرك»، وأبي نعيم في «الحلية» بإسناد حسن «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أي ربي منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال فيشفعان».
الفضل السابع: الصيام كفارة كما مر علينا، فهذا مما ينفرد به الصيام من فضائل إن الله جعله من كفارات للعبد كفارات الذنوب، وهذا بيناه لكم.
الفضل الثامن: الريان للصائمين، أي باب الريان لا يدخله إلا الصائمون، هذا لحديث سهل السابق ابن سعد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «إن في الجنة بابًا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة»، وبينا هذا وفصلناه.
ثم يقول المؤلف بعد ذلك: «باب: هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعًا».
* فقوله «رمضان»: الرمض بفتحتين شدة وقوع الحر في يوم الشمس على الرمل وغيره من الأرض، رمضان الرمض بفتحتين تشديد الراء وتخفيف الميم، و«رمضاء» بوزن حمراء، وقد يقال رمض يومنا اشتد حره، اشتد حره، ورمضه الحجارة، ورمضت أي احترقت من شدة الحر.
وفي الحديث «صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحى» رمضت الفصال من الإبل أي إذا وجد الفصيل حر الشمس من الإبل من الرمضاء يقول صلاة الضحى تلك الساعة، فصلاة الضحى أفضل أن يصليها العبد إذا ترمض الفصال، في شدة الحر ويكون هذا الوقت قريب من الظهر، فهذه صلاة الأوابين، إذا رمضت الفصال من الضحى، وأرمضته الرمضاء احترقته أو أحرقته.
* و«شهر رمضان» جمعه: رمضانات، وهذا الشهر أيام رمض الحر، فسمي بذلك، فهذا الشهر أيامه رمض، رمض الحر، أيام رمض الحر من العطش ولا يخفى عليكم. وانظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص251).
* ومعنى الباب: «باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟» فمعنى هذا الباب أي هذا باب يقال فيه هل يقال هل يقال أي هل يجوز أن يقال رمضان من غير شهر معه؟ يعني مجرد من شهر، فهل يجوز أن نقول رمضان هكذا؟ أو نقول شهر رمضان، لابد إذا أردنا أن نقول رمضان هل نقيده بشهر رمضان أو نقول مجرد من الشهر نقول رمضان، فهل يجوز أن نقول رمضان؟ أو نقول شهر رمضان؟
فاختلف أهل العلم هل يجوز أن نقول رمضان أو نقول شهر رمضان؟ فهكذا مراد الإمام البخاري من هذه الترجمة، ولذلك قال هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟ ومن رأى كله واسعًا، بعض أهل العلم رأى أن هذا الأمر واسع أن تقول رمضان مجرد من شهر ويجوز أن تقول شهر رمضان، وهذا هو الصواب، فيجوز أن تقول رمضان، ويجوز أن تقول شهر رمضان، فلذلك ومن رأى كله واسعًا، فهذا هو الصحيح فبعض أهل العلم يقولون لا يجوز أن تقول رمضان، لابد أن تقول شهر رمضان، وبعض أهل العلم قالوا هذا الأمر واسع فيجوز أن نقول رمضان ويجوز أن نقول شهر رمضان وهذاهو القول الراجح.
* فقوله: «هل يقال» أي هل يجوز أن يقال رمضان من غير شهر معه؟ أو يقال شهر رمضان، قوله «هل يقال»: صيغة المجهول وهي رواية الأكثر من رواية البخاري التي ذكرناها.
وفي رواية السرخسي في البخاري والمستملي أي كلها روايات لصحيح البخاري، «باب هل يقول..؟ » أما الروايات الأخرى للرواة لصحيح البخاري «هل يقال»، ورواية السرخسي والمستملي «هل يقول» أي الإنسان هو القائل.
* وقوله: «ومن رأى كله واسعًا»: من جملة الترجمة أي من رأى القول بمجرد رمضان، أو بقيده بشهرٍ واسعًا عنده أي جائزًا لا حرج على قائله.
وإنما أطلق الترجمة ولم يفصح بالحكم؛ للاختلاف فيه على عادته في ذلك، فالذي اختاره المحققون والبخاري منهم، لا يكره أن يقال جاء رمضان، ولا صمنا رمضان فيجوز عندهم أن تقول هكذا.
وكان عطاء بن أبي رباح، ومجاهد يكرهان أن يقولا رمضان، مجرد من شهر لابد أن تقول شهر رمضان، وإنما كانا يقولان كما قال تعالى: «شهر رمضان» فهكذا يقولون الله سبحانه وتعالى قال: شهر رمضان؛ لأن لا ندري لعله يعني رمضان اسم من أسماء الله تعالى، فلذلك لا يجوز عندهم أن تقول رمضان لأنه اسم من أسماء الله، فتقول شهر رمضان ولا تقول رمضان.
لكن هذه الروايات ذكرها البيهقي في «السنن الكبرى»، وذكر كذلك رواية الحسن «يكره ذلك»، لكن رواية الحسن ضعفها البيهقي، ورواية مجاهد ضعفها البيهقي، فلا يصحان عن الحسن ومجاهد، لكن قال به بعض أهل العلم، وهو قول أصحاب الإمام مالك رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ، يقولون بأنه لا يجوز أن نقول رمضان، لابد أن نقول شهر رمضان، لكن هذا قول مرجوح، ليس بصحيح.
وانظر: «العمدة» للعيني (ج9 ص16)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج4 ص508).
قال النحاس رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ: وهذا قول ضعيف؛ لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نطق به، كما عندكم في الكتاب وبيأتي الكلام عليه الآن، فالقول بأن لا يجوز أن نقول أو نكره أن نقول رمضان مجرد من شهر ليس بصحيح، هذا قول ضعيف يقول النحاس، وانظر: قول النحاس في «العمدة» (ج9 ص16).
وأشار الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ بهذه الترجمة التي ذكرها إلى حديث ضعيف، رواه أبو معشر نجيح المدني عن سعيد المقبوري، عن أبي هريرة مرفوعًا «لا تقولوا رمضان فإن رمضان من أسماء الله، لكن قولوا شهر رمضان»، لكن هذا الحديث لا يحتج به في الأحكام، فلا يصح ولا يجوز أن نستدل به ونقول لا يجوز لأن فيه نهي يعني لا يجوز أن نقول رمضان لأنه فيه نهي، لا تقولوا رمضان، لكن هذا الحديث ضعيف لا يصح.
أخرجه ابن عدي في «الكامل» وفيه أبو معشر وهو ضعيف كما في «التقريب» لابن حجر، وبين كذلك ضعفه ابن حجر في «فتح الباري في شرح صحيح البخاري».
إذًا القول الراجح يجوز أن نقول رمضان، ويجوز أن نقول شهر رمضان.
وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من صام رمضان» هذا فيه دليل على ماذا؟ بأنه يجوز أن تقول رمضان لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل من صام شهر رمضان قال: «من صام رمضان»، وقال: «لا تقدموا رمضان»، فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يذكر ولا تقدموا شهر رمضان، قال رمضان، وهذا دليل على أنه يجوز أن تقول رمضان، جاء رمضان من غير ذكر شهر.
والحديث هذا أخرجه مسلم في «صحيحه»، والنسائي في «سننه»، والترمذي في «سننه».
* وقوله: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة» فأبواب الجنة في شهر رمضان تفتح، وما فيها من الرحمة هذه الأيام، وهو يدل على أنها كانت مغلقة حقيقةً، وهذا دليل بأن أبواب الجنة تغلق وأبواب الجنان تفتح أو الجنة تفتح، وهذا رد على من أنكر ذلك؛ لأن بعض أهل العلم قالوا فتحت أبواب الجنة يعني فتحت الطاعات والرحمات وإلى آخره، وأنكر أن تفتح أبواب الجنة، فهذا قوله منكر، لكن الصحيح بأن الأبواب الجنة تفتح في شهر رمضان وكذلك تغلق في غير شهر رمضان حقيقةً، وهذا دليل على ذلك.
ولذلك قول الملك للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخازن عندما يأتي يوم القيامة يقول له «بك أمرت أن لا افتح لأحد قبلك» فهي مغلقة فتفتح.
* وقوله: «إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وأغلقت أبواب جهنم وسلسلة الشياطين» وهو مطابق لقوله في الترجمة أو شهر رمضان، فيجوز أن تقول شهر رمضان ويجوز أن تقول رمضان، بدليل إذا دخل شهر رمضان، يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتحت أبواب السماء.
* وقوله «وسلسلة الشياطين»: تقييد الشياطين المردة، كما بين بعض أهل العلم كابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ وابن حجر، وكذلك شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين وغير ذلك من أهل العلم، وأما الجن عموم الجن فلا تسلسل، والجن منهم الطائع يعني الصائم، ومنهم المبتدع، ومنهم المشرك، ومنهم من العاصي، فهؤلاء لا يسلسلون، لكن المردة هم المسلسلون؛ ولذلك جاء في حديث أبي هريرة عند الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، في «سننهم» بإسناد صحيح «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن» فالمردة هم الذين يسلسلون، فلا يستطيعون بعد ذلك على عباد الله سبحانه وتعالى.
وترجم لذلك ابن خزيمة في «صحيحه» وصفدت فاء ثقيلة وصفدت فاء ثقيلة مكسورة أي شدت بالأصفاد، أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال، وهو بمعنى سلسلت.
وقال هنا «فتحت أبواب السماء»، وعندنا الرواية الأخرى «فتحت أبواب الجنة»، بعض أهل العلم أنكر «أبواب السماء» وقال من تصرف الرواة لكن هذا ليس بصحيح، بل بين ابن حجر بعض أهل العلم فيه مغايرة، ولا بأس أن تفتح أبواب السماء في شهر رمضان وأبواب الجنة، للسماء أبواب، وللجنة أبواب، فتفتح أبواب السماء وتفتح أبواب الجنان، وفيه رواية للبخاري رواية إسماعيل بن جعفر التي عندكم «فتحت أبواب الجنة» وهي عند البخاري، وفي رواية الزهري عندكم عن ابن شهاب «فتحت أبواب السماء»، وهي كذلك عند البخاري، «ففتحت أبواب الجنة» صحيحةً، «وفتحت أبواب السماء» صحيحة.
لذلك بينا كثيرًا على طلبة العلم أن ينتبهوا لبعض الشراح وينقلون، ممكن ينكرون أشياء صحيحة ثابتة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وممكن يؤولون، بعض الأحاديث وهي ليست بصحيحة فعليك بأهل الحديث أهل الأثر، هما الشراح للسنة النبوية، وهم الذين يوضحون هذه الآثار بالتوضيح الصحيح والتفسير الصحيح والشرح الصحيح، فيثبتون ما أثبت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وينفون ما نفاه، فلذلك هذه الرواية صحيحة، وهذه الرواية صحيحة كذلك.
* «وغلقت أبواب جهنم»: كذلك أبواب جهنم تغلق.
* وقوله: «مولى التيميين» أي مولى بني تميم، والمراد منهم آل طلحة بن عبيد أحد العشرة، وابن أبي أنس هو أبو سهيل نافع بن أبي أنس مالك بن أبي عامر شيخ إسماعيل بن جعفر عندكم، وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص113).
وفي الحديث الأول «فتحت أبواب الجنة»، وفي حديث الثاني «فتحت أبواب السماء» فيهما دليل على فضل شهر رمضان، فعندنا إذا فضائل شهر رمضان الفضل الأول لأنه ذكرنا فضائل الصيام كما سلف أما هنا فيؤخذ من هذه الأحاديث فضائل شهر رمضان، عندنا الفضل الأول في هذا الشهر تفتح أبواب الجنة، وتفتح أبواب السماء، وتغلق أبواب جهنم.
ومن فضل شهر رمضان الفضل الثاني بأن رمضان شهر القرآن، كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ..﴾ [البقرة:185]الآية.
والفضل الثالث: تصفيد الشياطين كما ذكرنا، ففي هذا الشهر المبارك يقل الشر في الأرض؛ حيث تصفد وتشد مردة الجن بالسلاسل والاغلال الأصفاد فلا يخلصون إلى إفساد الناس، كما كانوا يخلصون إليه في غيره لاشتغال المسلمين بالصيام، الذي فيه قمع الشهوات، وبقراءة القرآن وسائر العبادات التي تهذب النفوس وتزكيها.
والفضل الأخير: فيه ليلة القدر خير من ألف شهر، لا توجد هذه الليلة إلا في شهر رمضان، فهو شهر عظيم.
فهذا انتهينا من فضائل شهر رمضان، ولعل نكمل ندخل في بعض الأمور وبيأتي «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا.. » نعم فيه أي سؤال؟.