الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (11) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب الريان للصائمين
2024-02-20
الجزء (11) شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: باب الريان للصائمين
بَابٌ: الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ.
(1896) حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».
(1897) حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا، قَالَ: «نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ».
الشرح:
الدرس الأول في الباب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «باب الريان للصائمين»، ثم ذكر حديث سهل بن سعد : «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..» إلى آخر الحديث.
فهذا الحديث: أخرجه كذلك مسلم في «صحيحه»، والترمذي في «سننه»، والنسائي في «سننه»، وابن ماجه في «سننه».
* «وباب الريان للصائمين»، ولأبي ذر من رواة صحيح البخاري بابٌ بالتنوين، الريانُ للصائمين، و«الريان» بفتح الراء، وتشديد المثناة التحتية، يعني الياء، وهو اسم علم على باب من أبواب الجنة، يختص بدخول الصائمين منه، وهو مما وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه؛ لأنه مشتق من الري، وهو مناسب لحال الصائمين.
فالريان هذا كما عندكم في الحديث باب، وهذا الباب يعتبر بابًا من أبواب الجنة الثمانية، ولا يخفى عليكم بأن أبواب الجنة ثمانية، منها باب يسمى بباب الريان، وهذا الباب يختص بدخول الصائمين منه كما بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يدخل غيرهم فلا يدخل منه إلا الصائم.
والترجمة عندكم وذكر هذا الحديث مناسب بين لفظه ومعناه؛ لأن الريان مشتق من الري، ري الماء، وتروي الإنسان من العطش، والصائم لا يخفى عليكم يكون عطشانا لا يشرب ماءً، وهو مناسب لحال الصائمين، والريان روي من الماء، يروى ريًا، والاسم الري، وكذلك بالكسر الرِي، ويقال ارويته ورويته فارتوى منه وتروى، ويوم التروية الثامن من ذي الحجة من ذلك؛ لأن الماء كان قليلاً بمنى، فكانوا يرتوون من الماء لما بعد، وروى البعير الماء يرتويه، والراوية على كل دابة يستسقى الماء عليها، والريان ضد العطشان، مرتوي من الماء يعني مرتوي من الماء وهو ضد العطشان؛ الذي لم يرتو من الماء، فهذا معنى الريان من الري وهو المرتوي من الماء، وهو ضد العطشان.
وانظر «المصباح المنير» للفيومي (ص129)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص258).
* وقوله: «إن في الجنة بابا يقال له الريان»، قال القسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص505): «أن في الجنة بابا يقال له الريان نقيض العطشان، وهو مما وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه، بأنه مشتق من الري كذلك وهو مناسب لحال الصائمين؛ لأنهم بعطشهم أنفسهم في الدنيا يدخلون من باب الريان؛ ليأمنوا من العطش). اهـ
فالصائمون عُطاشة كما لا يخفى عليكم، فيعوضون بذلك بهذا الباب؛ ليأمنوا من العطش.
وقال ابن المنير: إنما قال في الجنة ولم يقل للجنة، إنما قال في الجنة في ظرفية في الجنة، ولم يقل للجنة ليشعر أن في الباب المذكور من النعم والراحة ما في الجنة فيكون أبلغ في التشويق إليه، انظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج4 ص505).
في هذا الباب من بعده نعم كثيرة في الجنة للصائمين، والراحة الأبدية، بعدما شق عليهم الصوم من العطش والجوع، وصبروا على ذلك فالله سبحانه وتعالى كما بينا أكرم الأكرمين، وأجود الاجودين، فالله سبحانه وتعالى يرزقهم هذا الرزق العظيم من النعم الكثيرة، والراحة في الجنة، وهذا فيه تشويق الناس إلى الصوم، ليكونوا من أهل هذا الباب باب الريان.
وقال أبو العباس القرطبي في «المفهم» (ج3 ص216): (وقوله إن في الجنة بابًا يقال له الريان، وزن الريان فعلان وهو الكثير الري الذي هو نقيض العطش، وسمي هذا الباب بهذا الاسم؛ لأنه جزاء الصائمين أو صائمين على عطشهم وجوعهم واكتفى بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث إنه يستلزمه). اهـ
فهذا جزاء الصائمين، بما نالهم من العطش والجوع، فالله سبحانه وتعالى يعوضهم بذلك.
* وقوله: «فإذا دخلوا اغلق فلم يدخل منه أحد»: كرر نفي دخول غيرهم منه تأكيد، فتكرير النفي فيه تأكيد بأن هذا الباب لا يدخله إلا الصائمون، فغير الصائمين لا يدخلون من هذا الباب.
وأما قوله: «فلم يدخل» وهو معطوف على اغلق، أي لم يدخل منه غير من دخل، فإذا انتهوا أي الصائمون من الدخول أغلق، فلا يدخل بعد ذلك أحد غير الصائمين، وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص112).
ووقع عند مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد وهو شيخ البخاري، فيه «فإذا دخل آخرهم أغلق»: أي إذا دخل آخر الصائمون فأغلق هذا الباب.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «مسنده»، أبو نعيم في «المستخرج».
وجاء الحديث من وجه آخر «أن للجنة ثمانية أبواب، منها باب يسمى الريان لا يدخل إلا الصائمون»، وهذا الوجه من طريق أبي غسان عن أبي حازم وهو للبخاري من هذا الوجه في بدء الخلق.
فإذًا يتبين لنا بأن أبواب الجنة ثمانية منها واحد يسمى باب الريان، لا يدخله إلا الصائمون.
وأخرجه النسائي كما بينا في «سننه»، وكذلك ابن خزيمة من طريق سعيد بن عبد الرحمن وغيره وزاد فيه «من دخل شرب ومن شرب لا يظمأ أبدًا»، وهذا يتبين لماذا سمي باب الريان؟ لأن الناس يرتون منه ويشربون، وهم الصائمون؛ لأنهم عطشوا في الدنيا وجاعوا فالآن يرتوون من هذا الماء، ومن شرب فلا يظمأ أبدًا.
وللترمذي في «سننه» من طريق هشام بن سعد عن أبي حازم وزاد «ومن دخله لم يظمأ أبدًا»، فهذه الرواية كذلك تبين هذا الأمر، وفي هذا الباب من النعيم الكثير ما لا يحصى لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وفي هذا الحديث يتبين فضل الصوم، فضل صوم رمضان، وكذلك فضل صوم النوافل، وبين الحافظ ابن حجر في هذا الحديث بأن المقصود الذين يكثرون من الصوم، الذين يكثرون من الصوم هم الذين يدخلون هذا الباب، لكن بعض أهل العلم بينوا كذلك بأن الصائمين لرمضان يدخلون كذلك من هذا الباب، ولذلك على العبد أن يحافظ على صومه، لأن ليس أي صوم ليحصل العبد على هذا الفضل العظيم، لابد أن يكون هذا الصوم موافق لصفة صوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عليه أن يحافظ على صومه، ولا يجرح صومه بشيء، لا بشرك ولا ببدع ولا بمحرمات، ولا غير ذلك مما بينا لكي يوفق هذا العبدأن يحصل على هذا الأجر العظيم، والدخول من هذا الباب، باب الريان لا يدخله إلا الصائمون.
فعلى العبد أن يحرص على الصوم بواجباته وآدابه وغير ذلك ماما تكلمنا عنه كثيرًا، ويحرص عليه، وإلا في أناس ليس لهم كما بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا الجوع والعطش، لكن ما يهتم في صومه من فعل المحرمات والمعاصي، وليس عنده علم إذا صام فيفعل أمور كثيرة مخالفة لصفة صوم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا ليس له إلا الجوع والعطش، فهذا لا يدخل هذا الباب.
بل الصائمون على الكتاب وعلى السنة، وبإخلاص ونية صافية، فهؤلاء يدخلون من هذا الباب، وكذلك الذين يكثرون من الصيام، بصوم النوافل على قدر الاستطاعة، فهذا الحديث واضح في هذا الأمر، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا اغلق فلم يدخل منه أحد.
وهذا ما عندنا في هذا الدرس ولعل نتكلم عن الحديث الآخر غدًا وسوف نتوقف عن درس النخبة لعل بعد العيد إن شاء الله لأن انتهينا من الإدراج ونريد أن نشرع في دائمًا صحيح البخاري، ولعل نكمل غدًا إن شاء الله.
سؤال: هل يجوز التسمي بالريان؟.
الجواب: ما فيه بأس بالتسمي بالريان، فيه شيء كما كان مثلاً.
سؤال:...
الجواب: هذا بالنسبة عن أن من دخل هذا الباب لا يظمأ أبدًا، وهل تكون هذه الأبواب كذلك؟ فهذا الأمر خاص بهذا الباب، لكن فيه أحاديث أخرى كالحوض حوض النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من شرب منه لا يظمأ بعدها أبدًا كذلك، ففي أجور كثيرة ونعم كثيرة تختص بأناس دون أناس، وهذا الأمر يكون في الدخول في هذا الباب ويكون كذلك في غيره عند الحوض وهكذا.
ويوم الآخرة هذا لا ندخل العقول فيه، كيف يكون هكذا وكيف يكون؟ ولماذا لا يكون مثلاً أمر آخر؟ وإلى آخره، مما يوسوس به الشيطان للناس، لكن عليه منه بكل هذه الأحاديث التي بينت، والناس إن شاء الله سوف يرون هذا الأمر في الآخرة.
سؤال:...
الجواب: فهو يدخل الدخول الأول بأن الجزاء للصائمين صيام الواجب شهر رمضان، وكذلك داخل بصوم التطوع.
سؤال:...
الجواب: بالنسبة يعني إذا أرادت المرأة أن تصلي في المسجد لصلاة التراويح لكن الإمام من أهل البدع في الحقيقة المرأة أولى بها بيتها في الصلاة الواجبة كما لا يخفى وكذلك النوافل من صلاة التراويح وغيرها لكن لو أرادت فلا بأس لكن تذهب إلى إمام صاحب سنة، وإذا أرادت فلا بأس بالصلاة خلف هذا المبتدع إذا كانت بدعته ليست بمكفرة، وكما قال الحسن البصري كما أخرج ذلك الإمام البخاري في صحيحه تعليقًا صلي خلف المبتدع وعليه بدعته.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.