القائمة الرئيسة
الرئيسية / شرح كتاب الصيام من صحيح البخاري / الجزء (7)شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: تتمة شرح حديث أبي هريرة وبيان تأويلات فاسدة في شروحات الحديث

2024-02-11

صورة 1
الجزء (7)شرح كتاب الصوم من صحيح البخاري: تتمة شرح حديث أبي هريرة وبيان تأويلات فاسدة في شروحات الحديث

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وما زلنا في حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وفيه: «...فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا».

وتكلمنا في الدرس الذي سلف عن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «وإن امرؤ قاتلة أو شاتمه، فليقل إني صائم مرتين»، وبينا بأن ذلك يستحب وفصلنا في ذلك، وأنا طولت في هذا الحديث؛ لأنه فيه فوائد أولاً من أقوال أهل العلم كما ذكرنا، وكذلك ذُكر في هذا الحديث كثيرًا من التأويلات على طريقة الأشاعرة وهي ليست بصحيحة، لعل طالب العلم يرى هذه التفاسير وهذه الشروح فيظن بأنها صحيحة، وهي ليست بصحيحه، ولذلك سوف يأتي الكلام عليها الآن، ولعل نكمل الشرح.

 قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ في «مجالس شهر رمضان» (ص10): (أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، لأنها من آثار الصيام، فكانت طيبةً عند الله سبحانه وتعالى، ومحبوبة له، وهذا دليل على عظيم شأن الصيام عند الله، حتى أن الشيء المكروه والمستخبث عند الناس يكون محبوبًا عند الله وطيبا؛ لكونه نشأ عن طاعته بالصيام). اهـ

 وقد قيد بعض أهل العلم بالنسبة للتطيب، وبين بعض أهل العلم منهم، ابن عبد السلام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ بأن هذا التطيب يوم القيامة، واستدل برواية مسلم، والنسائي وهي: «أطيب عند الله يوم القيامة»، وعندكم هنا في الكتاب: «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك»، ورواية الإمام البخاري ليست ذكر فيها «يوم القيامة»، وأما الإمام مسلم في «صحيحه» ذكر «يوم القيامة»، وكذلك ذكر النسائي في «سننه» بأن ذلك «يوم القيامة».

 ويشهد لهذا كما ذكر ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ «والذي نفسي بيده ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي اللون لون الدم، والريح ريح مسك» أخرجه البخاري في «صحيحه» ومسلم في «صحيحه».

 قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ في «الوابل الصيب» (ص64): (فأخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن رائحة كلم المكلوم في سبيل الله تعالى، بأنها كريح المسك يوم القيامة، وهو نظير إخباره عن خلوف فم الصائم، فإن الحس يدل على أن هذا دم في الدنيا، وهذا خلوف له، ولكنه يجعل الله تعالى رائحة هذا وهذا مسكًا يوم القيامة، وذهب ابن الصلاح رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ بأن ذلك في الدنيا؛ لأنه قيد ذلك بوقت أخلافه يعني الرائحة).اهـ

وانظر: «الوابل الصيب» لابن القيم (ص64)، و«إرشاد الساري»  للقسطلاني (ج4  ص501).

وقول ابن الصلاح: (وقت اخلافيه؛ لأن الخلوف الرائحة الكريهة التي تخرج من الصائم بسبب خلو المعدة من الطعام») فابن الصلاح رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ يستدل، بأن هذا التطيب يكون في الدنيا، وأما ابن عبد السلام فيقرر في الآخرة، ليس في الدنيا؛ لأن قوله لخلوف فم صائم أطيب عند الله من ريح المسك، لخلوف بضم المعجمة، يعني الخاء واللام، مضمومة كذلك على الصحيح المشهور، وضبطه بعض أهل العلم بفتح الخاء وخطأه الخطابي والمعنى تغيير رائحة الفم برائحة كريهة لخلو المعدة من الطعام.

 قال الخطابي في «أعلام الحديث» (ج2 ص940): (والخلوف تغير الفم، يقال خلف فمه خلوفًا، ومثله خلف اللحم إذا أروح وتغير). اهـ

 فهذا هو الخلوف، الرائحة الكريهة، وتغير الفم للصائم؛ ولذلك يقول الخطابي: (ومثله خلف اللحم إذا أروح وتغير)؛ يعني إذا تعفن اللحم وأصبحت له رائحة كريهة.

 

 والحديث يدل على فضل الصوم وفيه الثناء على الصائم، فعلى الصائم المواظبة على صومه وإن كان يجد رائحة لفمه؛ لأن ذلك من العبادة وإن كان يتأذى بني آدم من ذلك فله الأجر وبيأتي توضيح لعظم هذا الصوم، حتى لو يشق على الصائم، ووجود هذه الرائحة الكريهة، فإن الله سبحانه وتعالى يحب ذلك كما سوف يأتي.

*  وقوله: «أطيب عند الله من ريح المسك»: يكون كما نقلت لكم عن ابن عبد السلام، يقول: في الآخرة التطيب عند الله سبحانه وتعالى هذا في الآخرة يقول، وابن الصلاح، يقول: في الدنيا، ورجح ابن القيم كما سوف يأتي أن ذلك في الدنيا لأن بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أن ذلك في الدنيا أطيب عند الله من ريح المسك في الدنيا، ولا بأس بحمل هذا كذلك في الآخرة كما بينا؛ لأن كذلك المكلوم المجروح، الشهيد يوم القيامة يكون هذا الدم مسك يخرج منه رائحة، فيحمل هذا «أطيب عند الله من ريح المسك» هذا في الدنيا، ولا بأس كذلك بحمل هذا في الآخرة.

وانظر «المفهم» للقرطبي (ج3  ص215)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج4 ص501).

وهذا بينت لكم في الحديث بالنسبة لدم الشهيد وبين ابن القيم في رواية هذا الإشكال هنا عند بعض أهل العلم من جهة أن الله تعالى منزه عن استطابة الروائح الطيبة، واستقذار الروائح الخبيثة، فإن ذلك من الصفات السيئة يقولون، قال ذلك القسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص501)، وبيأتي الآن كلام أهل علم في هذه العبارة.

 وظن بعض أهل العلم بأن الاستطابة كاستطابة المخلوق، فلا نحمل هذا على هذا، فاستطابة الله سبحانه وتعالى تليق به، لا تشبه استطابة المخلوق، فالمخلوق يريح الأشياء الطيبة والأشياء الخبيثة والى آخره، وأما الله سبحانه وتعالى فالاستطابة تليق به سبحانه وتعالى.

* فقوله: «أطيب عند الله من ريح المسك»، فلعل نذكر أقوال أهل العلم في هذه المقولة، وبعد ذلك نبين خطأ هذه العبارات وهذه الشروح؛ لكيلا يقع طالب الحديث في هذه الأمور، وهذه التأويلات المخالفة للكتاب والسنة؛ لأن تقريبًا ما تجد كتاب يشرح هذه العبارة وهذا الحديث إلا ينقل هذه العبارات المخالفة للكتاب والسنة، المخالفة لمنهج السلف الصالح في ذلك وبيأتي الرد على هذا، لعل نذكر هذه العبارة عبارة من أقوال أهل العلم ثم نبين خطأ هذه العبارات.

 قال القسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص501): (وأجيب بأنه مجاز واستعارة؛ لأنه جرت عادتنا بتقريب الروائح الطيبة منا، فاستعير ذلك لتقريبه من الله). اهـ

 فهذا القسطلاني يقول عن التطيب هذا مجاز واستعارة، فهذا تأويل مخالف للسنة، وبيأتي الرد بعد ذلك.

 وقال ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج4 ص12): (وقوله أطيب عند الله من ريح المسك، يريد أزكى عند الله وأقرب إليه؛ لأن الله تعالى لا يوصف بالشم). اهـ، وهذا تأويل خاطئ، مخالف لمنهج السلف الصالح، فجعل هذا التطيب أنه أزكى وأقرب، لا ومع هذا يقول إن الله تعالى لا يوصف بالشم، وهذا ليس عليه دليل، ومن قال ذلك؟!

وقال الخطابي في «أعلام الحديث» (ج2 ص940): (والمعنى في كونه عند الله أطيب من ريح المسك، الثناء على الصائم والرضا بفعله). اهـ، هذا كذلك تأويل خاطئ للاستطابة بأنه الثناء على الصائم، والرضا بفعله وهذا ليس عليه دليل لا من الكتاب ولا السنة ولا كلام العرب الفصيح.

 وقال أبو العباس القرطبي في «المفهم» (ج3 ص215): (وقوله أطيب عند الله من ريح المسك لا يتوهم أن الله تعالى يستطيب الروائح ويستلذها كما يقع لنا من اللذة والاستطابة إذ ذاك من صفات افتقارنا واستكمال نقصنا وهو الغني بذاته الكامل بجلاله وتقديسه على أن نقول أن الله تعالى يدرك المدركات ويبصر مبصرات ويسمع المسموعات على الوجه اللائق بجماله وكماله وتقديسه عن مشابهة مخلوقاته وإنما معنى هذا أطيب عند الله تعالى راجعة إلا أن الله تعالى يثيب على خلوف فم الصائم ثوابًا أكثر مما يثيب على استعمال روائح المسك حيث ندب الشارع إلى استعماله فيها كالجمع والأعياد وغير ذلك، ويحتمل أن يكون ذلك في حق الملائكة فيستطبون ريح الخلوف أكثر مما يستطبون ريح المسك). اهـ

 وهذا عنده تأويلات كثيرة مخالفة لمنهج السلف الصالح فبين بأن هذه الأمور أي الخلوف بأنه بمعنى الثواب، وهذا ليس عليه دليل، وكذلك التأويل الآخر يقول يحتمل أن يكون ذلك بحق الملائكة، من أتى بالملائكة هنا، الله سبحانه وتعالى يقول عند الله أطيب عند الله من ريح المسك، ولم يقل أطيب عند الملائكة فلا يكون أن هذا في حق الملائكة فهذا بعيد جدًا.

 فالحديث يكون على ظاهرة، ونتركه على ظاهرة وعلى حقيقته لا نؤول ولا نشبه ولا نمثل.

 وقال ابن المنير: (لكنه يوصف بأنه تعالى عالم بهذا النوع من الإدراك وكذلك بقية المدركات المحسوسات، يعلمها تعالى على ما هي عليه؛ لأنه خالقها، ألا يعلم من خلق، وهذا مذهب الأشعرية) ختمها لكم والظاهر فهمتم وانتهى كلام ابن المنير.

 فهذه الأقاويل التي ذكرت كلها من أقاويل الأشاعرة، وتأويلات الأشاعرة وهذه التأويلات ليست بصحيحة، وانظر قول ابن المنير في «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج4 ص501): (وهذه تأويلات مخالفة لتأويل أهل السنة والجماعة). اهـ

 وقال الكتاني في «كلمات صحيح البخاري» (ص233): (أطيب من ريح المسك الثناء على الصائم والرضا بفعله). اهـ، وهذا كذلك ألحقه ببقية التأويلات.

 قلت: لا حاجة لمثل هذه التأويلات، ويسعنا ما أطلقه الله تعالى وأطلقه رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأطلقه السلف الصالح رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم في صفات الله عز وجل، بلا تأويلٍ أو تشبيهٍ أو تعطيلٍ وهو مذهب السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان، من علماء أهل السنة والجماعة، فتمسك به تسلم، والله الهادي إلى سواء السبيل.

 فإذًا الطريق الأسلم في شرح هذا الحديث بأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أطلق في هذا الحديث، ونحن ليس علينا إلا التسليم، ونجعل الحديث على حقيقته وعلى ظاهرة، فنقول أطيب يعني خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وانتهى، ونثبت استطابة لله، بما تليق به سبحانه وتعالى، وهذه الاستطابة لا تشبه استطابة المخلوقين نهائيًا، ولا نحكم العقول ولا شيئًا من ذلك في هذا الأمر، كيف هذه الاستطابة الله أعلم لكننا نثبت هذه الاستطابة لله سبحانه وتعالى بما تليق به، واسمع كلام ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىَ في ذلك وهو يرد على جميع التأويلات التي ذكرت.

 قال ابن القيم في «الوابل الصيب في الكلم الطيب» (ص65)؛ بعدما ذكر كلام المتأولين قال في معنى طيب: (تطيبه وتأويليهم إياه بالثناء على الصائم والرضا بفعله على عادة كثير منهم بالتأويل من غير ضرورة، حتى كأنه قد بورك له فيه، فهو موكول به، واي ضرورة تدعو إلى تأويل كونه أطيب عند الله من ريح المسك بالثناء على فاعله، والرضا بفعله وإخراج اللفظ عن حقيقته، فأي ضرورة وأي دليل على ذلك من الكتاب والسنة، واين كلام العرب في ذلك؟ وأين كلام الصحابة في ذلك؟ لا يوجد). وكيف نقول عن الاستطابة بأنها الثناء على الصائم يقصد بذلك، والرضا بفعله، ولا يوجد أي ضرورة وأي ضرورة تدعو إلى تأويل كونه أطيب عند الله من ريح المسك والثناء على الصائم والرضا بفعله ما يوجد يقول وإخراج اللفظ عن حقيقته، لماذا نخرج اللفظ عن حقيقته.

 يقول بعد ذلك: (وكثير من هؤلاء ينشأ اللفظ معنى ثم يدعي إرادة أو يدعي إرادة ذلك المعنى بلفظ النص، من غير نظر منه إلى استعمال ذلك اللفظ في المعنى الذي يعنيه أو احتمال اللغة له، فلذلك لا نجعل اللفظ هذا بمعنى آخر للحديث من غير دليل ومن غير لفظ نص، ولا احتمال لغة كذلك) ما عندنا في الكتاب بأن الاستطابة بمعنى الثناء والرضا والى آخره أو مثلاً من السنة ما يوجد، كذلك في لغة العرب الاستطابة بمعنى الثناء والثواب والإدراك وإلى آخره، ما يوجد حتى في لغة العرب ذلك.

 ثم يقول بعد ذلك: (ومعلومًا أن هذا يتضمن الشهادة على الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بأن مراده من كلامه كيت وكيت، فكانت شهادة باطلة، وأدنى أحوالها أن تكون شهادة بلا علم)، فكيف يشهد الشخص حتى لو كان عالمًا بأمر لم يقله الله، ولم يقله الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ويقول إن هذا مراد الله، وهذا مراد الرسول وهو ليس مراد الله وليس مراد الرسول.

 فلابد على طالب العلم أن ينتبه لهذه الأمور، فيأتينا أحدهم فيقول هذا في كتاب كذا وهذا من كتب أهل السنة وهذا من كتاب كذا وهذا من كتاب كذا، نقول هذه الكتب ليست قرآن، والعالم هذا ليس بمعصوم، فالكل يخطئ ويصيب، والكل يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فلم نجد فلو أتوا لنا بهذه الكتب، وهذه شروح صحيح البخاري، وهذه التأويلات وهذه الشروح، نقول مردودة هذه التأويلات حتى لو كانت من هؤلاء العلماء، لأن زلة العالم لا تؤخذ، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة.

 ولذلك بين الحافظ ابن القيم إن هذه التأويلات خطأ، ولا يجوز للشخص أن يشهد على الله وعلى الرسول إلا بدليل، ثم يقول بعد ذلك: (ومن المعلوم أن أطيب ما عند الناس من الرائحة رائحة المسك، فمثل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم طيب هذا الخلوف عند الله تعالى بطيب رائحة المسك عندنا وأعظم، ونسبه إلى الاستطابة، في ذلك إليه تعالى كنسبته سائر صفاته وأفعاله إليه فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين، كما أن رضاه وغضبه وكراهته وحبه وبغضه لا تماثل ما للمخلوقين من ذلك) فيبين ابن القيم بأنها أي الاستطابة هذه لا تماثل استطابة المخلوقين، فلا نؤول شيئًا فليبقى هذا الحديث على حقيقته، بأن الله سبحانه وتعالى له استطابة، لكن تليق به كالرضا والغضب والمحبة والبغض وإلى آخره، كما بين الحافظ ابن القيم.

 ثم يقول: (وليست هذه الاستطابة كاستطابتنا، ثم إن تأويله لا يرفع الإشكال). اهـ

 فتأويل هذا والتأويلات هذه ما ترفع الإشكال أصلاً في الحديث؛ لأنهم مرادهم أن يرفعون الإشكال، لأنه يقول إن الله منزه عن الروائح، فكيف يريح؟ ما ارتفع الإشكال، لكنه إذا تركنا النص على حقيقته وقلنا إن الله سبحانه وتعالى له استطابة تليق به لا تشبه استطابة المخلوقين ارتفع الخلاف، وارتفع الإشكال، ولأن إذا ذكروا في الشروح بأن هناك خلاف بين العلماء، لكن لو انتقلنا إلى شروح أهل السنة والجماعة، في صفات الله سبحانه وتعالى وفي أسمائه وأفعاله وإلى آخره يرتفع الإشكال.

 ولذلك أهل الكلام في أمور كثيرة احتاروا، احتاروا كثيرًا حتى منهم اعترف، مازال متحير في صفات الله وأسمائه، وبين بعض أهل العلم كالرازي والجويني وغير هؤلاء من أهل الكلام، بأن أسلم شيء ما سلكه الصحابة والسلف، في أسماء الله وصفاته، فإذًا هذا الأمر واضح، ولذلك أنا أطلت في هذا الحديث لأن لكي أرفع هذا الإشكال لكثير من الناس، وكثير من الطلبة، ولعل فهمتم لماذا أنا أطلت في هذا الحديث.

 فيه إشكال الآن في هذا العبارة؟ نكمل؟  لعل نكمل في الدرس القادم ولعلنا ندخل في حديث جديد إن شاء الله الصوم كفارة، نعم فيه أي سؤال؟.

سؤال: يقول أن الذين يزيدون المفطرات عن أربع؟.

الجواب: بالنسبة للأكل والشرب هذا معروف عمدًا والجماع والقيء هذا ما يصح الحديث بيأتي الكلام عليه الذي يخرج الطعام من بطنه هذا لا يفطر، والحديث ضعيف لا يصح بيأتي الكلام عليه، والحيض والنفساء هذا معروف يفطر.

 سؤال:......

الجواب: هو الإفطار في أي مكان، في جميع الأرض، بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كيف يفطر الصائم، يفطر على غروب الشمس، فإذا غربت الشمس أفطر الصائم، وبين شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين وكثير من أهل العلم، بالنسبة لإفطار الصائم، إذا نزل قرص الشمس، وغاب فقد أفطر الصائم، ولم يعين الشارع أن نفطر بأذان المغرب، وهذا كذلك لم يرد عليه لا دليل لا من الكتاب ولا من السنة فإذا كنت ترى الشمس وقد غربت تفطر، وهذا هو السنة.

 ولذلك أهل البدع الآن وكذلك من اليهود والنصارى يؤخرون الإفطار، فنحن نخالفهم كما بين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولا نتأخر عن الإفطار بل نعجل الإفطار، وإذا كانت الأمة تعجل الإفطار فاعلم أن فيها خير، وإذا أخرت الإفطار فاعلم أن فيها شر، كما هو حاصل من هؤلاء، من كثير من الذين يخالفون السنة في الصيام وفي غيره، ولذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يأمر بتأخير السحور، لكن ترى كثير من الناس يعجلون السحور ويؤخرون الإفطار، فيخالفون السنة هنا.

 فلذلك لابد على طالب العلم ألا يكون كهؤلاء العوام، وكهؤلاء المخالفين إذا كان يرى الشمس تغرب فعليه أن يفطر أذن أو لا.

 وبالنسبة للسحور يمسك على الفجر الصادق أذن أو لا  ما تمسك على الأذان، فإذا طلع الفجر الصادق فامسك هنا عن الطعام والشراب، وإذا لم يخرج الفجر الصادق فيجوز لك الأكل والشرب إلى أن يخرج الفجر الصادق فهذا هو المعين، من الشارع للإمساك وللإفطار.

سؤال: يقول السائل ماذا يترتب على ما يصر على الإفطار ويقول نحن لا نفطر على الشمس؟.

الجواب: فهذا بلا شك مخالف للسنة وكما بين ابن عباس وبعض الصحابة في الذي يخالف السنة كابن عمر يخشى عليه أن يتمدد ويتميع في ترك السنة شيئًا فشيئًا حتى يترك الواجبات ويترك المنهج السليم وإلى آخره كما نرى من أمثال هؤلاء الذين يتركون السنن ولا يطبقون السنة ولا ترى على أنفسهم السنة.

 ولذلك كان الرجل يمتدح بتشدده بالسنة وتمسكه بالسنة، فيقولون فلان ابن فلان صاحب سنة، فلان ابن فلان شديد في السنة وهكذا، أما الآن تطلق على من؟ إلا من رحمه الله سبحانه وتعالى، لكنه كما ترى في أمثال هؤلاء.

 سؤال: وتقول السائلة كيف يكون....السحور؟.

الجواب:  فهذا بيناه الآن ينظر في الفجر الصادق على كم يطلع الفجر الصادق ولا نعين آذان ولا غير ذلك كشيخنا الشيخ  محمد بن صالح العثيمين، والشيخ الألباني وكثير من العلماء بينوا أن الإمساك على الفجر الصادق، ليس على الأذان ويؤمر في هذا، وعلى الشخص أن يطلع على الساعة، في خروج الفجر الصادق، وهنا يكون الإمساك؛ ولذلك بين بعض أهل العلم في إذاعة القرآن الكريم بأن أناس يجعلون الناس أن يمسكوا قبل الفجر الصادق بثلث ساعة وهذا غلط، وهذا غلط يقول، فلا نجعل الناس يمسكون هذا الوقت وهم محتاجون إلى الأكل، وإلى الشرب ووراء هؤلاء صيام طول النهار فكيف نحرمهم؟! ولعل بعضهم قد نام واستيقظ فإذا الأذان أذن، وإلى الآن ما خرج الفجر الصادق، نحرم على هذا الرجل لم يحرمه الله ولا رسوله، وهذا لا يجوز والذي يفتي بالناس هذا، وهذا عليه مسؤولية، أن يحرم على الناس الأكل والشرب، وإلى الآن لم يخرج الفجر الصادق فهذا عليه مسؤولية ويظن أنه يلقي الكلام هكذا وينساه لكن الله سبحانه وتعالى مكتوب عنده ولا ينسى ذلك وهذا في صحيفة هذا الرجل، ويرى هذا حاضر أمامه.

 فلذلك الشخص لا يخوض مع الناس، ولا يخوض مع السياسيين ولا المتعالمين، ولا مع الأكاديميين الذين يفتون للناس هذه الأمور، فعليك بالشرعيين، من العلماء وطلبة العلم، هؤلاء هم أهل الشرع، ولن تنظر إلى أصحاب الجرائد والصحف، فلذلك على طالب العلم دائمًا وأبدًا عليه بكتاب الله وسنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ لكي يرتاح في عبادته من صوم وغيره وإلا الشخص إذا بيتبع هؤلاء سوف يشق على نفسه، لو أمس استيقظ من النوم فإذا الآذن أذن، وهو كان جائع، ماذا يفعل هذا؟ سوف يتعب ويشق على نفسه في نهار رمضان في فتوى هؤلاء، فلا بد أن ننظر في هذه الأمور.

سؤال: يقول السائل: ممكن أن تشرحوا لنا طريقة الفجر الصادق؟.

الجواب: بالنسبة عن الفجر الصادق بيأتي الكلام عليه بالتفصيل لكنه ما في بأس أن نذكره، الفجر الصادق حمرة خفيفة أولاً تخرج في المشرق في الأفق، فتعترض، ومع هذه الحمرة يخرج نور مختلط بظلمة وهذا النور ينتشر شيئًا فشيئًا من المشرق، حتى ينتشر في السكك والطرق والبيوت والكل يرى الفجر الصادق، حتى لو جلست في بيتك وتنظر من النافذة أو من الباب ترى الفجر الصادق، والفجر الصادق هذا هو، ابتداءه نور مختلط بظلمه، وهذه الحمرة في المشرق تنتشر وتقوى شيئًا فشيئًا حتى يتضح الفجر الصادق جيدًا، فهذا هو الفجر الصادق وهذا هو عليه الإمساك.

 والذين يقولون بأن الفجر الصادق يستحيل أن يرى لكثرة الأنوار، هذا ليس بصحيح؛ لأن الفجر الصادق هو يخفي الأنوار أصلاً، وهو يضعف الأنوار وهو واضح فينتشر في السكك والطرق والى آخره، وبيأتي حديث ابن عباس في سنن أبي داود الفجر فجران، وبيأتي تفصيل هذا فإذا رأيت هذه الحمرة من المشرق وانتشار الضوء مع ظلمة فهذا هو الفجر الصادق، وتراه في بيتك واضح، وكذلك في الأفق، ترى النور في السماء ويتبين بأن الفجر الصادق واضح.

 ولذلك ابن أم مكتوم في صحيح البخاري ومسلم، «لا يقال له أذن إلا يقال له أصبحت أصبحت» يعني خرج الصبح، والصبح ماذا؟ ضوء يرى يتبين بأن الصحابة يرون هذا الضوء، ويقول له أصبحت أصبحت فيقوم ويؤذن على الفجر الصادق فهنا الإمساك، ونحن في الحقيقة لا نمشي على عادات الناس ولا عادات البلدان نمشي على كتاب الله وسنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم شرع ومن كان عنده أدلة على ما يقول فليبديها، وإلا هذه الأدلة ثابتة بالكتاب والسنة وبيأتي الكلام عليها.

سؤال: الإبر المغذية...؟.

الجواب: الإبر المغذية هذه تفطر؛ لأنها في معنى الأكل والشرب، وهي مغذية، وبيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله بعد ذلك.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 

 


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan